اليوم يمضي عام لم تتبق علي صفحته الأخيرة إلا سويعات لتطوي.. والعنوان الرئيسي والأهم لهذا العام هو عام "الثورة". وغدا.. يبدأ عام جديد يجب أن نتفرغ جميعا فيه لبناء الوطن كما يجب أن يكون.. الوطن الذي نتمناه.. دولة مؤسسات وقانون. طوال العام.. أفتي الكثيرون.. بعلم أو بدون علم. وخرب الكثيرون.. بقصد أو بدون قصد. وهدم الكثيرون بحسن نية أو سوء نية. وسعي الكثيرون للإصلاح والبناء بغرض أو بلا غرض. الآن.. نقول للجميع: قفكوا مكانكم.. مصر أصبحت لا تحتاج للفتاوي المتعارضة أو المتناقضة أو المشبوهة أو المغرضة.. وأنا هنا بالطبع لا أقصد الفتاوي الدينية ومصر لا تتحمل تخريبا أكثر أو هدما أزيد أو اصلاحا قائما علي المصلحة الشخصية أو بناء يؤسس علي قواعد من المنفعة الذاتية. مصر.. لم تعد تتحمل المزيد من الشهداء والمصابين الذين لا ندري بأي ذنب قتلوا وأصيبوا. مصر.. لم تعد تتحمل المزيد من الانهيار والافقار المتعمد والتدمير الممنهج. مصر تحتاج في العام الجديد إلي أن نهدأ ولو خلال الشهور الستة الانتقالية ونتفرغ جميعا للإصلاح والبناء المنزهين عن كل غرض إلا صالح الوطن. مصر تحتاج في العام الجديد إلي أن يصمت دعاة الهدم والتشكيك والشعللة والأمراض الوراثية أو المستوردة الذين نقول لهم: نقطونا بسكاتكم.. أرجوكم كفاكم هدماً. نقولها بصراحة وأمانة نقطونا بسكاتكم.. لكل من يلتحف بأمريكا والاتحاد الأوروبي وبعض الدول التي اسميناها ظلما أو عبطا بالشقيقة أو الصديقة.. وليتأكد كل واحد من هؤلاء انه "عريان" بلا غطاء وان مستقبله بإذن الله سيكون مثل حظه كدقيق فوق شوك بعثروه ثم قالوا لحفاة يوم ريح اجمعوه! ونقولها بنفس الصراحة والأمانة.. نقطونا بسكاتكم.. لكل من الدكتور محمد البرادعي المرشح المحتمل للرئاسة ولتوني بلير المبعوث الخاص للجنة الرباعية للشرق الأوسط ولأمريكا بجلالة قدرها.. فمواقفهم مخزية وأصبحت لا تطاق. السيد البرادعي.. غيرة منه علي المعهدين الديمقراطي والجمهوري الأمريكيين بالذات.. انتقد تفتيش مقار منظمات المجتمع المدني لضبط وثائق التمويل الأجنبي رغم ان التفتيش قانوني.. ووصف هذه المنظمات بأنها "ايقونة الحرية".. ولا أدري أي حرية يقصدها مرشح أمريكا للرئاسة في مصر مثلما كان مرشحها في الوكالة الدولية للطاقة النووية ومرشحها لنيل جائزة نوبل؟ هل هي حرية مصر في أن تقنن كل شيء وتكشف أطراف المؤامرة المحاكة ضدها؟ أم حرية أمريكا في أن تعبث بالأمن القومي المصري وتنشر الفوضي في أرجاء البلاد؟ ولم يكن غريبا بل متوقعا أن تخرج علينا أمريكا بعد تصريح البرادعي بدقائق لتعرب هي الأخري عن قلقها الشديد حيال هذا التفتيش وتصفه فيكتوريا نولاند المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية بأنه عمل يتناقض مع التعاون الثنائي القائم بين مصر وأمريكا منذ سنوات.. ولا أدري كذلك هل التعاون الثنائي معناه السماح لأمريكا بهدم وتخريب البلاد وتأجير أناس لنشر الفوضي الخلاقة فيها؟ وهل هذا التعاون يبيح لواشنطن دفع منظمات غير قانونية للعمل في مصر دون رغبة السلطات ومنحها أموالا لإشعال الشارع؟ أم ان معني التعاون الذي تتحدث عنه أن نغض الطرف عن عمل هذه المنظمات خاصة المعهد الديمقراطي وشقيقه الجمهوري بشكل غير قانوني في الوقت الذي لا تسمح فيه واشنطن بأن يفتح أحد فمه فوق الأراضي الأمريكية إلا بما يتفق والقانون؟ صحيح.. أيقونة الحرية الأمريكية!! والأخ بلير الذي شارك صديقه المعتوه جورج بوش في هدم العراق وقتل شعب الرافدين ونهب بتروله يخرج علينا ويدعو الدول الغربية إلي مد يد العون لليبراليين بالشرق الأوسط وشمال افريقيا أو مواجهة ما ادعاه بخطر الحكومات الاسلامية الجديدة التي وصفها بأنها غير مجدية في عملية ارساء الديمقراطية. واسأله: وانت مالك ومالنا يا بارد؟ يأتي اسلاميون أو عفاريت زرق.. هم هايحكموا بلدك؟ نواب جاءوا من خلال الصندوق.. أي بأسلوب ديمقراطي ونحن الذين سنتحمل نتائج اختياراتنا وليس بريطانيا التي كانت عظمي وكانت لا تغرب عنها الشمس وأصبحت علي يديك تابعا ذليلا للعم سام. هذه نقطة من محيط التجاوزات التي رأيناها وعشناها علي مدي عام والجعبة بها الكثير جدا من أفعال من يريدون هدم مصر أو يسعون لخرابها أو جعلها الولاية 52 لأمريكا علي اعتبار ان اسرائيل هي الولاية .51 نقول للجميع.. سواء من ذكرت أو لم أذكر ويعرفون أنفسهم جيدا: نقطونا بسكاتكم.. ولا أقول كمموا أفواهكم. النقد مباح وحق.. ولكن للنقد أصول حتي يكون بناء فإذا افتقد الأصول أصبح نقدا هداما ومغرضا ومعاديا. انتقدوا بما يجلب المصلحة للوطن والمواطن.. لكن لا تدافعوا عن الذين يهدمون في الوطن ويريدون أن يصعدوا علي جثمانه وجثامين المواطنين. من لديه برنامج طموح أو مبادرة مبتكرة للنهوض ولو بجزء من قطاع ولا أقول القطاع كله.. فأهلا وسهلا به وليبادر بتقديمه أو تقديمها مشاركة منه في البناء النزيه. المفروض أن نساعد جميعا الحكومة علي تقديم أفضل ما لديها للناس.. وهي بحق تخطو خطوات جيدة. والمفروض أن نساعد جميعا البرلمان القادم علي تنقية التشريعات التي فصلها ترزية القوانين إياهم وأن يكون صوت الشعب فعلا.. باعتباره برلمان الثورة. والمفروض أن نساعد جميعا الجيش والشرطة علي استتباب الأمن من أجل انتقال سريع للسلطة وحتي تكون مصر دولة مؤسسات وقانون تحارب البلطجية والخروج علي القانون والكسب الحرام.. تبرئ البرئ بحق وتدين وتعاقب المجرمين بحق أيضا وتعطي الشهداء والمصابين حقهم الكامل جنائيا ومدنيا. من أراد أن يشارك في البناء ولو بكلمة خير.. نرحب به. ومن في قلبه غرض وفي نفسه مرض فليمتنع من تلقاء نفسه وينقطنا بسكاته.. فهذا أسلم له وأفيد للجميع.