هتف التحرير للفتاة غادة التي عراها الجنود وسحلوها: "إرفعي راسك إرفعي راسك إنت أشرف من اللي داسك". في المقابل هتفت العباسية: "من ستات مصر لغادة.. انت أخرك البيادة".. هتاف التحرير رقيق وراق ومدني. بينما هتاف العباسية يفتقر إلي الذوق ويستخدم مفردات عسكرية.. خيال العباسية محدود.. وذكاؤها أيضاً.. أضرت العسكر من حيث لا تدري.. الذي يسمع "حديث البيادة" يحيله فوراً إلي "الخيال العسكري". في التحرير رفع الثوار صور الشهداء وهتفوا للذين تم سحلهم.. وفي العباسية هتفوا لمن ضرب الشهداء وسحل النساء وعراهن.. ثم كتب لهم الشعارات وأمرهم بترديدها. في التحرير ثوار نزلوا إلي الميدان من تلقاء أنفسهم.. نزلوا ينتصرون لقيم الحق والخير والعدل والجمال.. في التحرير كرنفال للابداع الراقي المحترم.. ثمة معارض فنية.. ثمة فنانون وشعراء ينشدون أجمل الشعر وأعذبه.. ثمة مستشفيات ميدانية تحسباً لوقوع المزيد من القتلي والمصابين.. لا تحتاج العباسية إلي مستشفيات ميدانية فهي آمنة بحماية "اليد الواحدة" التي للجيش والشرطة.. في العباسية لا وجود للشعراء والفنانين "الخيال العسكري" ليس في حاجة إلي الشعر والفن اللهم إلا إذا اعتبرنا مارددته مذيعة "أبوس إيدكم أنزلوا العباسية" شعراً.. لا أدري لماذا ذكرتني السيدة التافهة بسيدة أكثر تفاهة رفعت المسدس في وجه الثوار الليبين علي الهواء.. أين ذهبت تلك السيدة بعد أن سحلوا سيدها واسقطوا عرشه؟ كنت اهتف مع التحرير ضد كل من سحلوا غادة وأخواتها.. كنت محاطاً بشباب زي الورد.. صبيان وبنات.. وكان إلي جواري كذلك كبار الأدباء والمفكرين والمثقفين.. بينما كان يتصدر "طابور" العباسية عكاشة وأمثاله.. وهذا هو الفرق إن كنتم تتعسكرون.