عندما شغل أحمد ماهر وزارة المالية في مجلس الوزراء الرابعة لمحمد محمود باشا والتي لم يزد عمرها عن شهرين.. اكتشف أن مرتبات الموظفين تستنزف نسبة كبيرة من موارد الدولة المالية فقد كانوا خصوصاً الأجانب يتقاضون مرتبات خيالية لدرجة أنها كانت تستحوذ علي رغبة كل المثقفين والمتعلمين في الالتحاق بالوظيفة الحكومية. وخلال الفترة القصيرة لهذه الوزارة استطاع أحمد ماهر أن يضع كادراً جديداً للموظفين تضمن تحفيضات كبيرة في مرتباتهم وامتد هذا التخفيض إلي مرتبات الوزراء.. وقد ترتب علي هذا الكادر توفير نحو 2 مليون جنيه في ميزانية الدولة لعام ..1938 وطبيعي أن يقابل الموظفون هذا الكادر باعتراض وسخط وغضب ولكن السفير البريطاني في القاهرة في ذلك الوقت قال أن كادر ماهر باشا اتسم بالجرأة وجميع الحكومات عجزت عن إيجاد علاج مناسب لمشكلة تضخم المرتبات.. وكانت هذه المرتبات تبدأ بستة جنيهات شهرياً ويقول كتاب دائرة المعارف المنزلية طبعة 38 أنه يمكن لمن يحصل علي هذا المرتب أن يوفر 55 قرشاً شهرياً باعتبار أن إيجار السكن 120 قرشاً وعشرة قروش للإنارة و60 قرشاً للتعليم و180 قرشاً مصاريف المنزل والطعام و60 قرشاً للسجاير و15 قرشاً مصروف وجنيه للملابس. أما الموظف الذي كان يتقاضي 30 جنيهاً فإنه كان يعتبر من كبار الموظفين ويسكن في شقة فاخرة إيجارها خمسة جنيهات ونصف جنيه للنور ولديه خدم وعربة وسائق ويتكلف ذلك ستة جنيهات أما الطعام والمصاريف المنزلية والمدارس والسجاير فإن هذه البنود تصل إلي 12 جنيهاً ويتبقي للادخار سبعة جنيهات.