شهدت الصالة المغطاة باستاد طنطا الرياضي بمحافظة الغربية لقاءً حوارياً ساخناً ضمن سلسلة "حوارات شبابية" التي ينظمها المجلس القومي للشباب وتتناول الحديث عن "مواطنة والسلام الاجتماعي" خلال هذه الآونة. جمع اللقاء رجال الدين الإسلامي والمسيحي بحضور 300 شاب وفتاة من أبناء المحافظة. تناول اللقاء دور الدين في تدعيم أواصر الوحدة الوطنية وكيفية تحقيقها بالشكل الأمثل داخل مصر. وأيضا دور الدين حول استخدام الشعارات الدينية في الانتخابات. ورؤية الكنيسة للعملية الانتخابية والاختلاف الواقع بين التيارات الدينية الإسلامية والأحداث التي يشهدها حاليا ميدان التحرير. أكد فضيلة الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر الأسبق ان العلاقة بين مسلمي وأقباط مصر قائمة علي الود والتسامح والمحبة. وأن سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم قد أرسي مبدأ المواطنة بعد هجرته من مكة الي المدينة ووضعه لميثاق المدينة الذي ضمن لليهود كافة الحقوق والواجبات. وأن الدين الإسلامي يرفض التعصب والعنصرية ويشمل الجميع مسلمين وغير المسلمين تحت رايته دون ظلم أو قهر لأحد. أوضح قائلا: ان الأمة الواحدة هي التي تسعي للخير لكافة أفراد شعبها في الوقت الذي لا يسعي فيه الشعب الي التخوين أو نشر الشائعات أو السماح للتدخل في شئون بلادهم. مشددا علي ضرورة ان يجتمع كافة طوائف الشعب المصري علي كلمة واحدة تنتج من واقع المسئولية المجتمعية تجاه وطنهم مصر. كلمة حق أشار الشيخ عاشور الي أن الشباب يمثلون مستقبل جميع الأوطان. وتقع علي عاتقهم مسئولية تقدم أوطانهم وتطورها. مبينا ان شباب مصر بخير وعلي دراية ووعي بما يدور ويقع حوله من أحداث. والدليل علي ذلك ثورة 25 يناير التي قادها الشباب وطالبوا فيها بحقوق المصريين. أضاف أن مصر تخطو خلال هذه الآونة نحو تحقيق الديمقراطية بشكل حقيقي وأولي هذه الخطوات الانتخابية البرلمانية التي تجري هذه الأيام. داعيا الشباب للمشاركة بقوة في المراحل التالية في هذه الانتخابات حتي يصنعوا المستقبل المشرق الذي يتمنونه لمصر. مناديا الشباب بضرورة إدراك قيمة ومكانة مصر بين الدول والتي ذكرت في القرآن الكريم وأحاديث الرسول. أوضح القمص صومائيل انطون راعي كنيسة الشهيد دميانة والأنبا بيشوي أن الأقباط يعيشون بجوار المسلمين بمصر في محبة كاملة وفكر مستنير يستوعب الجميع لا يرفض الآخر.. مشيرا الي أن مسلمي وأقباط مصر يجمعهم كيان واحد كالجسد الواحد لا يستطيع انسان ان يفصلهم عن بعض مبينا أننا جميعا مسلمين ومسيحيين أخوة لأننا من أب واحد وأم واحدة وهما "آدم وحواء". أوضح ان الخطاب الديني له دور مؤثر في تقوية أواصر الوحدة الوطنية وأن علاقة الانسان بربه لها دور كبير في علاقاته مع سائر البشر فكلما قويت علاقة الانسان بربه كلما أحب الناس جميعا. أشار الي أنه ينبغي علينا جميعا العيش في سلام بعيدا عن الشر وأن نعمل علي تحقيق التطوير والنجاح في العلم وأن نسعي لمواجهة التحديات الاقتصادية والعلمية التي تواجهها مصر لنعبر بها الي المنطقة التي نرغب في وجودها فيها. اتفق معه الشيخ أسامة مختار الذي حضر اللقاء نائبا عن وكيل وزارة الأوقاف بالغربية. اتفق رجال الدين ان ما حدث في ميدان التحرير من تظاهرات تطالب بحقوق الشعب خير دليل علي وحدة وترابط الشعب المصري. فالشباب الذي مكث في ميدان التحرير 18 يوما إبان ثورة 25 يناير ضربوا للعالم كله مثالا يحتذي به في الوحدة الوطنية حيث لم يكن أحد يعلم المسلم من المسيحي فجميع المواطنين ناصروا بعضهم البعض لتحقيق أهدافهم وآمالهم التي تخدم مصالح الشعب. ودعوا الشباب الي ضرورة المشاركة في الانتخابات البرلمانية. والعمل علي انجاحها لتشكيل برلمان يعبر عن رأي الشعب. وهذا ما يقضي الذهاب الي صندوق الاقتراع وحسن اختيار ممثلينا في البرلمان. مشيرين ان الفرصة سانحة أمام شعب مصر لبناء مستقبل وطنهم كما يريدون. عرض الشباب المشاركون في اللقاء العديد من التساؤلات والاستفسارات بعضها تركز حول دور الدين في تدعيم الوحدة الوطنية ونشر السلام الاجتماعي. وأخري تعلقت برؤية الدين حول استخدام الشعائر الدينية في الانتخابات. ومجموعة اسئلة أخري تناولت رؤية الكنيسة للعملية الانتخابية والاختلاف الواقع بين التيارات الدينية الإسلامية. وحول ما يتعلق بتحقيق المواطنة والانتماء في مصر. شدد الشيخ أسامة مختار الفصل بين الدين والدولة قائلا: "مصر بها أديان مختلفة لكن الوطن للجميع وكلنا متساوون أمام القانون ولنا نفس الحقوق والواجبات. والوطنية تعلو عندما نشارك في قضايا وطننا بصوت واحد فكلنا أبناء هذا الوطن نحيا فيه ونرجو له ان يكون في مصاف الدول المتقدمة بوحدتنا الوطنية" وحول دور الشريعة الإسلامية في تحقيق المواطنة والسلام الاجتماعي. أوضح فضيلة الشيخ محمود عاشور ان المصريين مسلمين وأقباط يعيشون منذ أكثر من 14 قرنا من الزمان كإخوة يجمعهم الود والحب ولم تظهر بينهم أية خلافات أو نزاعات إلا خلال الآونة الأخيرة نتيجة وجود قوي خارجية تستهدف بث الخلاف والنزاع بين شعب مصر لتدير وحدتها الوطنية.. مشيرا في ذلك الوقت الي ان الدين الإسلامي يدعونا الي التسامح مع جميع البشر باختلاف أديانهم. مكفول بشرط بالنسبة الي اعتبار من قتل في ميدان التحرير شهيدا. أوضح وكيل الأزهر الأسبق ان الشباب الذي خرج من أجل التظاهر السلمي وهدفه تحقيق العدالة لمصر والمطالبة بحقوق الشعب بطرق سلمية بعيدا عن القتال أو الحرب يعتبر مجاهدا وإذا سقط وقتل فهو شهيد. أما عن حكم الدين في اعتصام المتظاهرين وعرقلة حركة سير المرور. أوضح الشيخ محمود عاشور ان التظاهر السلمي جائز بشرط عدم عرقلة العمل أو المصالح فالدين يدعو للعمل والاجتهاد ولا يمنع التظاهرالسلمي الذي لا يعرقل حركة المرور. وعن الأحداث التي شهدها ميدان التحرير مؤخرا أشار الشيخ أسامة مختار ان الأحداث التي شهدها ميدان التحرير مؤخرا لها جوانب ايجابية وأخري سلبية. تتركز الايجابية منها في نزول شباب الي الميدان يهدفون تحرير الثورة من الذين قفزوا عليه ووضعها علي الطريق الصحيح. أما الجوانب السلبية فيري ان تعامل الأمن مع ثوار التحرير شهد العديد من التجاوزات يشاركه فيها الشباب نتيجة اياد خارجية هدفت لذلك. وردا علي تساؤل حول تدهور التعليم في الأزهر وكيفية تطويره. أوضح وكيل الأزهر الأسبق ان قطاعات التعليم والصحة والبحث العلمي كانت في انهيار تام وانعكس ذلك علي الأزهر طالما انه جزء من منظومة العملية التعليمية في مصر. موضحاً ان الأزهر يسير الآن نحو استعادة مكانته في مختلف بلدان العالم عن طريق تخريج علماء أفاضل ينشرون الدعوة الإسلامية السمحة. وعن موقف الكنيسة من الانتخابات. أوضح القمص صومائيل ان الكنيسة تريد ممثلين عن الشعب يهدفون العمل لصالح مصر. ويحققون متطلبات ورغبات الشعب بشكل ديمقراطي. وحول رؤية البعض في تباطؤ القضاءنحو أحدث التعدي علي الكنائس وغيرها. أكد علي احترام القضاء وادراك مدي الوقت الذي تستغرقه اجراءات التقاضي التي يعقبها الحكم العادل. أمر مرفوض وعن استخدام الشعارات الدينية في الانتخابات البرلمانية. يري الشيخ أسامة انه لا ينبغي الخلط بين الدعوة والسياسة ولابد ان يبتعد ممارس السياسة عن استخدام الشعارات الدينية ويركز علي تقديم برنامجه للمواطنين.. مشيرا الي استخدام الشعارات الدينية بسبب مشاكل عديدة كونه يرفض الطرف الآخر. وفي هذا الصدد أوضح ان النبي أعطي لنا صورة واضحة في كيفية انصهار الأمة في دولة واحدة تضم مختلف الأجناس والعناصر بعد هجرته من مكة الي المدينة. وحول الاختلاف بين التيارات الإسلامية الموجودة علي الساحة المصرية.. أوضح ن المذاهب الإسلامية تتفق جميعا علي الأصول فالعقيدة والفرائض والأركان في الإسلام واحدة. والاختلاف يظهر في مسألة الفروع ولايزيد عن 5%.. مشيرا الي أن هذه الاختلافات كانت تناقش في الكتب العلمية ولم تظهر إلا في أوقات ضعف وتدهور الدولة نتيجة ظهور التعصب وبث الخلافات والمناوشات بين التيارات الإسلامية في مصر.. مشيرا الي إننا لابد وأن نتوجه لفتح صفحة جديدة لنتقدم بمصر الي الأمام.