تحت عنوان "في لقاء المواطنة.. والسلام الاجتماعي" نظم المجلس القومي للشباب لقاءً ضم أكثر من 500 شاب وفتاة ومجموعة من رجال الدين بمجمع دمنهور بمحافظة البحيرة ليتحاوروا حول دور الدين في دعم المواطنة والانتماء. وتأثير الخطاب الديني في إرساء مبدأ السلام الاجتماعي بين المواطنين والحفاظ علي الوحدة الوطنية ودرء الفتنة الطائفية. أوضح د.محمود عزب مستشار شيخ الأزهر أن مصر تتمتع بخصوصية معينة. فالدين الإسلامي يحث علي التسامح وقبول الآخر في ظل اختلاف الثقافات والحضارات والأفكار. مؤكداً أن الأزهر الشريف يشق طريقاً جديداً ليستعيد مكانته العالمية والإقليمية في وقت واحد. أشار إلي أن بيت العائلة المصري يقوم بدراسة الاحتقان الطائفي كما هو دون تهويل أو تهوين.. ويتوصل لحلول له عن طريق معرفة الأسباب الداخلية. موضحاً أن وزارات التربية والتعليم. والثقافة والإعلام يقع علي عاتقها دور كبير في عملية التوعية السلمية. أضاف أن المصريين يجب أن يدركوا أن مصر الثورة معناها غرس روح التغيير بعيداً عن الاضطراب المتواصل والمطالب الفئوية والاعتصامات المتكررة التي تربك مصر وتعرقل مسيرتها. وفي هذا الصدد حث الشباب علي ضرورة الاتجاه لبناء مصر من جديد حتي تعود لها الريادة وتنهض بتقدم العلم وهمم أبنائها. أوضح القمص بولس نعمة الله راعي كنيسة ماري جرجس بدمنهور أن المشاركة في هذا اللقاء تعد تأكيداً لضرورة تفعيل المواطنة الحقيقية لدي كل المصريين والمساواة بينهم أمام القانون في الحقوق والواجبات. مشيراً إلي أن اللقاء يسلط الضوء علي رباط الوحدة الوطنية التي تعيشها مصر منذ فجر التاريخ. أكد أن مصر مستهدفة من قبل الحاقدين الهادفين لزعزعة أمنها واستقرارها وضرب وحدتها الوطنية. معلناً ثقته في فشل هؤلاء الحاقدين في تحقيق أهدافهم وأطماعهم طالما ظل شعب مصر يداً واحدة. طالب بضرورة تطوير المناهج التعليمية لتعمل رسالتها علي نبذ الحقد. مشيراً إلي أهمية الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام في عملية تفعيل القيم بين المواطنين ونشر الحقائق بوضوح تام. وفي كلمته أوضح د.سامي فوزي راعي كنيسة الإسكندرية أن رسالة الكنيسة تسمو في الاهتمام بالمجتمع بأسره وليس بالأفراد فقط. فمحبة الله هي مصدر محبة القريب باختلاف الديانة. موجهاً رسالة للمصري المسيحي بضرورة الوعي بتعاليم الدين المسيحي وحب أخيه المسلم. حق الاختلاف أكد د.علي عبدالباقي. الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية أن الله سبحانه وتعالي خلق الإنسان وسخر له الكون ليؤدي الرسالة التي أقرها الله له والتي تتمثل في عبادة الله وتعمير الكون. مشيراً إلي أن الله أرسل الأنبياء والرسل ليؤكدوا للإنسان علي وجوده كخالق لهذا الكون يحاسب ويدبر ويجزي الإنسان علي عمله. أوضح أن الإسلام يركز علي أن العلاقة بين البشر جميعهم باختلاف دياناتهم تقوم علي أساس المساواة والتسامح واحترام الآخر. مشيراً إلي أن المسلم يعد أخاً لكل إنسان في أي مكان طالما أنه جزء لا يتجزأ من الأسرة الإنسانية في العالم كله. فهو متساو مع البشر جميعاً في كافة الحقوق والواجبات. والمفاضلة تكون عند الله سبحانه وتعالي الذي يقرر ويجازي عباده. أعلن رجال الدين المشاركون في اللقاء رفضهم التام لأي تدخل أجنبي في الشئون الداخلية لمصر. مؤكدين أن شعب مصر نسيج واحد لا يمكن التفرقة بينهم وهم علي دراية ووعي بأن هناك أيادي خفية تحاول العبث بأمن البلاد وتفكيك وحدتها. أكدوا أن هذا اللقاء خير دليل علي وحدة شعب مصر. وحرص شبابها علي إرساء مبدأ المواطنة ليشعر كل فرد بالمسئولية الملقاة علي عاتقه. ودوره تجاه وطنه. وقدَّم المشاركون الشكر للمجلس القومي للشباب علي تنظيمه لمثل هذه اللقاءات. مطالبين بضرورة التوسع في تنفيذها الفترة المقبلة. دور الأزهر وكعادة سلسلة "حوارات شبابية" التي أطلقها المجلس منذ أوائل أبريل الماضي فهي تفتح باب النقاش أمام الشباب المشارك لطرح تساؤلاتهم واستفساراتهم التي تعكس مدي وعيهم ودرايتهم بالأحداث الجارية. ورداً علي تساؤل حول مواجهة الفتنة الطائفية أشار الدكتور علي عبدالباقي إلي أن الدين الإسلامي جاء ليصلح العلاقة بين البشر كلهم. ورجل الدين تقع علي عاتقه مسئولية نشر قيم الدين التي تدعو للتسامح بين كل البشر. وكذلك محاربة التشدد الذي أصبح موجوداً بين المواطنين نتيجة الاختلاف في أمور بسيطة. وعن كيفية أن يكون الخطاب الديني مدعماً للإنسان. اتفق د.سامي فوزي والقمص بولس نعمة الله أن مصر تحتاج إلي خطاب ديني مستنير يعزز قيمة الحوار ويتواصل مع الثقافات المختلفة ويواجه تحديات ومعوقات العصر. وذلك من أجل الوصول لمجتمع تسود فيه الحرية والعدل.. وأشار إلي ضرورة أن يحدث الخطاب الديني علي خدمة المواطنين. ويشجع المساهمة في برامج التنمية والمشاركة الفعالة في الحفاظ علي أمن الوطن. مؤكدين ضرورة تركيز الخطاب الديني علي نبذ فكرة الكراهية. وقبول الآخر واحترامه. وعن هجرة الأقباط من مصر خلال الآونة الأخيرة. أوضح الأنبا مكاري أن المجتمع المصري نسيج واحد تُكمل خيوطه بعضها البعض. وعلينا جميعاً أن نرفع شعار "الدين لله والوطن للجميع" وذلك عن طريق قبول الآخر واحترام ثقافة الاختلاف. وأعلن رفضه التام لهجرة المسلم والمسيحي قائلاً: "إن مصر في حاجة إلينا جميعاً لنبنيها ونعمرها من جديد ونستعيد أمجادها. فهي قلب العالم العربي. والجميع يطمع في خيراتها ومميزاتها". ووصف الأنبا مكاري الشخص المهاجر ب"الجبان" وأنه غير متحمل لمسئولية وطنه تجاهه. موجهاً رسالة إلي المصريين بضرورة تشجيع عمليات الاستثمار داخل البلاد عن طريق إقرار مبدأ السلام والمحبة للارتقاء بالوطن. وحث شباب مصر علي ضرورة الحرص علي التوعية الدينية والتثقيف الذاتي وتأهيل النفس بالحب والأمان والسلام وغرس قيم الانتماء للوطن. وعن دور الأزهر الشريف في رقابة الخطاب الديني. شدد مستشار شيخ الأزهر علي أهمية التأكد من أن الخطاب الديني يؤدي دوره بشكل سليم بعيداً عن القيام بالحض علي أعمال التطرف وإثارة الفتن.. وبالنسبة لرأي الأزهر حول استخدام الشعارات الدينية في الانتخابات البرلمانية المقبلة. أوضح د.عزب أن بيت العائلة المصري سيعقد اجتماعاً لمناقشة قضية الانتخابات المقبلة بكل جوانبها وسيعلن عن موقفه أمام الجميع. مشيراً في الوقت ذاته إلي رفض الأزهر استخدام الشعارات الدينية في الانتخابات. وأكد علي أهمية التوعية بالانتخابات البرلمانية المقبلة لكونها تمثل نقطة مفصلية في بناء مستقبل مصر الحديث. مشيراً إلي أن الشعب هو الذي سيختار من يمثله في البرلمان بكامل حريته تأكيداً علي سيادة الديمقراطية. المواطنة وفي نهاية اللقاء.. طرح رجال الدين رؤيتهم للشباب المشارك كوجهة نظر هامة تستهدف إرساء قيم المواطنة والانتماء لدي الشباب.. مؤكدين أن المواطنة والسلام الاجتماعي ينبعان من خطاب ديني واع يحترم حقوق الإنسان. ويركز علي القواعد الإيجابية. وطالبوا بمراجعة سريعة لمناهج التعليم ووسائل الإعلام في مصر حتي تنهض البلاد وتستعيد ريادتها بين الأمم. داعين الشباب إلي درء الفتنة بأنفسهم وإرساء مبدأ الإخوة الإنسانية ورفض التدخل الأجنبي في شئون بلادنا. واحترام الآخر والتسامح وقبول الاختلاف. والمحبة لأنها قيم تحثنا عليها التعاليم السماوية.