من مؤشر النتائج الأولية لانتخابات مجلس الشعب 9 محافظات أن حزب الوفد العريق الذي أسسه سعد زغلول باشا لم يحقق النتائج التي تتناسب مع اسمه وتاريخه كحزب ليبرالي. كان له الشعبية الأولي في مصر قبل قيام ثورة يوليو .1952 جاءت نتائجه متأخرة بعد حزب الحرية والعدالة "الاخوان المسلمون" وحزب "النور" السلفي وحزب المصريين الأحرار "الكتلة".. وكان من المفروض أن يأتي في مقدمة هذه الأحزاب والتكتلات. خاصة وأن مؤسسه- كما قلت- سعد زغلول باشا ثم تولي رئاسته مصطفي النحاس باشا ثم فؤاد باشا سراج الدين.. وكلهم أسماء وشخصيات لها وزنها في تاريخ العمل الوطني المصري. لكني أعتقد أن سبب تراجع "الوفد" في هذه الانتخابات هو القيادات التي تعاقبت علي رئاسته بعد سراج الدين. وهم الدكتور نعمان جمعة والدكتور محمود أباظة والدكتور السيد البدوي. المعاصرون لتاريخ الحزب بعد سراج الدين لا ينسون الخلافات الحادة بين الدكتور نعمان جمعة الرئيس الأسبق والدكتور محمود أباظة الرئيس السابق. وكيف وصلت هذه الخلافات إلي درجة التشابك والضرب بين أنصار الرجلين واقتحام مقر الحزب والاستيلاء عليه بالقوة. والقضايا المتبادلة بينهما في المحاكم حتي استقر الأمر في النهاية إلي الدكتور محمود أباظة. ثم جاء إلي رئاسة الحزب الدكتور السيد البدوي الذي تفاءل محبو الحزب به خيرا لعله يصلح ما أفسدته هذه الخلافات والتي أثرت علي شعبية الحزب.. لكن للأسف لم يعمل رئيس الحزب الحالي علي اعداد كوادر قيادية له علي مستوي المحافظات تكون لها شعبية تكتسب له اعضاء جددا يتغلغلون في صفوف الشعب لشرح مباديء الحزب وبرنامج عمله وخاصة بين الفلاحين الذين كانوا العنصر الاساسي لقاعدة الحزب في المحافظات. كانت هناك قيادات معروفة ومشهورة للوفد في كل محافظة تقدم خدماتها للجماهير وتعمل علي كسب المزيد منهم للالتفاف حول الحزب. ولا ننسي مثلا عائلة البدراوي عاشور وعائلة فودة في الدقهلية وعائلة أباظة في الشرقية وغيرها من المحافظات. الآن لا نعرف من هم الذين يرأسون لجان الحزب علي مستوي المحافظات وبالتالي علي مستوي المراكز والأقسام.. فقد خمل الحزب واكتفي بتعيين أو انتخابات الهيئة العليا له في القاهرة وانقطعت الصلة بالفروع. ويتحمل الدكتور السيد البدوي مسئولية فقد الحزب كثيرا من شعبيته ومصداقيته علي مستوي مصر بعد المؤامرة التي اشترك فيها مع النظام السابق لإسكات صوت وقصف قلم الكاتب الصحفي المعارض لنظام مبارك إبراهيم عيسي!! لقد اشترك الدكتور البدوي مع آخرين لشراء الصحيفة من مالكها وطرد عيسي من رئاسة تحريرها.. وقيل وقتئذ ان الدكتور البدوي خاف أو خشي من تعرض رأسماله المتمثل في عدة شركات لحرب من نظام الرئيس السابق مبارك كانت ستكلفه الكثير جدا.. ولذلك ارتضي لنفسه أن يشترك في المؤامرة لصالح الحزب الوطني علي حساب مباديء حزب الوفد المفروض انه كان معارضا. وهو لم يكن في الحقيقة الا ديكور معارضة!! حزب الوفد يحتاج جهد المخلصين من أبنائه وأتباعه لتعود له شعبيته علي مستوي مصر حيث كنا نهتف ونحن أطفال "يحيا الوفد ولو فيها رفد"!