إن كان العالم الإغريقي هيرودوت قال عند زيارته لمصر منذ مئات السنين مقولته الشهيرة: "إن مصر هبة النيل ولولاه لكانت مصر صحراء جرداء لأنها من الدول التي لا يسقط فيها المطر" إلا أن المصريين خالفوا كل الأعراف والقوانين التي تحافظ علي النيل باعتباره شريان الحياة فلم يكتفوا بتلوث النيل بل قاموا بردم أجزاء من المجري الملاحي من نهر النيل وأقاموا عليه المنازل وزيادة في التلوث قام بصرف مخلفات الصرف الصحي علي النيل مباشرة!! ما يحدث في مركز الواسطي ببني سويف ينذر بكارثة خطيرة وهي تضييق المجري الملاحي لنهر النيل بالردم واقامة المنازل والعيش فيها!! واذا لم ينتبه المسئولون ويهرعون للحد من هذه الظاهرة فمن الممكن أن نستيقظ ذات صباح ونجد أن المجري أغلق أمام المراكب النيلية والبواخر السياحية!! "المساء الأسبوعية" ذهبت الي هناك وناقشت الأمر مع الأهالي والمسئولين حول تفشي هذه الظاهرة الخطيرة منذ سنوات التي زادت بعد الثورة مع الانفلات الأمني المنتشر بالبلاد حيث حمل هؤلاء المتعدون علي النيل السلاح الآلي الذي تم سرقته من مركز شرطة الواسطي في أحداث 28 و29 يناير الماضي. رغم وجود قسم لحماية النيل تابع للري ووحدة للمسطحات المائية تابعة لمديرية الأمن وأيضاً الوحدة المحلية لمركز الواسطي!! قال شوقي حسن "مدرس أول بمدرسة الصناعات الميكانيكية بالواسطي" للأسف الشديد ظاهرة التعديات علي المجري الملاحي لنهر النيل منتشرة منذ سنوات وزادت خلال الشهور الماضية أي بعد ثورة 25 يناير الذي صحبها الانفلات الأمني. أضاف أن الغريب أن بعض أصحاب السطوة والنفوذ في الواسطي يقومون بردم اجزاء من نهر النيل عن طريق استخدام مخلفات المباني والأتربة ثم يبيعون هذه المساحات للأهالي الذين يقومون بدورهم باقامة منازل عليها والغريب أن بعض هذه المنازل حصل علي مصالحات من الوحدة المحلية لمدينة الواسطي وعن طريقها تم توصيل المياه والكهرباء!! أما الصرف الصحي فهم يصرفون مباشرة علي النيل وهذه كارثة أكبر من التعدي نفسه. اقترح سرعة استكمال كورنيش النيل بامتداد مدينة الواسطي للحد من هذه الظاهرة الخطيرة مؤكداً أن كل هذا يقع أمام أعين المسئولين بإدارة حماية النيل بالواسطي وكذلك الوحدة المحلية وشرطة المسطحات المائية!! أما أسامة يحيي الشيخ "رجل أعمال" من قرية البرانقة ببا فقال هذه الظاهرة منتشرة أيضاً في ببا فالأهالي قاموا ببناء منازل علي حرم نهر النيل وحجبوا رؤية النيل فالمفترض قانوناً أن حرم النيل يبلغ حوالي 200 متر ولكن الواقع يؤكد عدم وجود حرم للنيل!! وضرب مثالاً بشارع طراد النيل فالمباني علي اليمين واليسار وأصبح من الصعوبة بمكان أن تري نهر النيل وتستمتع به!! دورنا تنسيقي فقط تحدث المهندس صلاح عبدالحليم رئيس الوحدة المحلية لمركز الواسطي عن ظاهرة التعديات علي النيل قائلاً إن الوحدة المحلية ليست مسئولية عن هذه التعديات ولكن إدارة حماية النيل بقطاع الري هي المنوط بها اصدار قرارات الازالة وتحرير محاضر للمخالفين أما دورنا فهو دور تنسيقي بين الجهات الأمنية وإدارة حماية النيل عند تنفيذ هذه القرارات وهم يلجأون لهذه التعديات نظراً لضيق الكتلة السكنية بمدينة الواسطي فهي محصورة بين ترعة الإبراهيمية غرباً ونهر النيل شرقاً ولا يوجد توسعات بها.. ولكن الوحدة المحلية تقدمت باقتراح عمل علي النيل أمام زاوية المصلوب بمدينة الواسطي وتحديداً أمام الكتلة السكنية وقد تم تنفيذ جزء منه ومطلوب استكماله حتي جزيرة المساعدة للحد من هذه التعديات علي نفقة الري وخلق متنفس لأهالي الواسطي بعمل كورنيش علي النيل. أكد عبدالحليم أن هذا المشروع تم ادراجه في المقترحات الملحة التي طلبتها وزارة التنمية المحلية مؤخراً. أشار الي أنه لو تمت ملاحظة أي تعد علي النيل يتم ابلاغ مركز الشرطة في الحال لاتخاذ الاجراءات لضبط الجرارات أو السيارات التي تقوم بالردم في المجري لاتخاذ اللازم نحو المخالفين إلا أن المخالفين يقومون بالردم والبناء بعد منتصف الليل!! مخالفة القانون أكد المستشار حمدي فاروق المحامي العام الأول لنيابات بني سويف أن المحاضر المحررة بمعرفة الشرطة ضد المتعدين علي نهر النيل سواء في الواسطي أو المراكز الأخري تصل الي النيابات المختلفة ويتم ندب أحد أعضاء النيابة للتحقيق في المحضر وينتقل لإجراء معاينة علي الطبيعة لحالة التعدي ثم يتم سؤال المتهم وتصدر قرارات بانتداب لجان من الإدارة الهندسية وإدارة أملاك الدولة وإدارة حماية النيل لتحديد مقدار المساحة محل التعدي والقائم بالتعدي وكيفية التعدي باعتباره مخالفاً لقانون البئية رقم 4 لسنة 1994 وقانون العقوبات لأنه تعد علي أملاك الدولة ويتم احالة المخالفين الي المحاكم المختصة في أسرع وقت لاصدار الأحكام طبقاً للقانون والتي تصل العقوبة فيها الي الحبس 3 سنوات والغرامة المالية والزام المتعدي يرد الشيء لأصله والإزالة الفورية. أكد أن القانون أجاز للجهة الإدارية الادعاء مدنياً ضد المتعدي وتلزمه بالتعويض نتيجة الفعل المؤثم وهو تلوث لمجري مائي وردم أجزاء من نهر النيل. أما المهندس صبحي عويس "مدير عام إدارة حماية النيل ببني سويف" فقد رفض الحديث معللاً بأن لديه تعليمات من وزارة الري بعدم الإدلاء بأية بيانات للصحافة وأن الوزارة بها متحدث رسمي. حاولت "المساء الأسبوعي" مع مدير حماية النيل معرفة الإجراءات التي اتخذتها الإدارة ضد المتعدين علي النيل أمام مرأي ومسمع من الإدارة والمدهش أنه قال: "نحن أدينا دورنا علي أكمل وجه وفي ايدي ايه أعمله أكثر من كده فالقرارات صدرت وتم ابلاغها للشرطة ونحن في انتظار التنفيذ لأن التنفيذ يستلزم حماية من الشرطة لأن معظمهم يحملون أسلحة آلية ولكن الدراسات الأمنية هي التي تؤخر التنفيذ وخاصة في مثل هذه الظروف. انتظرونا أكد اللواء عطية مزروع مساعد وزير الداخلية لأمن بني سويف أن التوجيهات صدرت من المحافظ ماهر بيبرس بإعداد حملة أمنية بعد التنسيق مع القوات المسلحة وإدارة حماية النيل لتنفيذ قرارات الازالة الصادرة ضد المتعدين علي النيل بالواسطي لأن تنفيذ الإزالة يستلزم معدات من الري أي لوادر محمولة بالنيل حيث الإزالة لا تتم عن طريق البر لأن الطرق ضيقة الموصلة لهذه المخالفات. أضاف أنه تم تكليف مأمور مركز شرطة الواسطي بإجراء معاينة علي الطبيعة لحصر تلك المخالفات تمهيداً لإزالتها. تكاسي النيل كما أكد المستشار ماهر بيبرس محافظ بني سويف علي ضرورة تنفيذ قرارات الازالة الخاصة بالتعدي علي النيل أياً كان من قام بها للحد من هذه الظاهرة وحماية النيل باعتباره شريان الحياة وأن المجري يستخدم في نقل البضائع وحركة البواخر السياحية وغيرها. أضاف أنه سوف تتم مخاطبة وزارة التنمية المحلية لاستعجال تنفيذ مشروع تكاسي النيل أمام مدينة الواسطي حتي جزيرة المساعدة بعد أن تم إرساله لها باعتباره من المقترحات الملحة بمدينة الواسطي.