خرجت علينا أمريكا في الأيام الماضية في صورة البلطجي العالمي مرتين. الأولي وهي تمارس بلطجة سياسة تقوم فيها أجهزة مخابراتها بالتجسس علي المواقع الاليكترونية علي النت والأخري بلطجة عسكرية كالتي تقوم بها في غرب أفريقيا وعند منابع النيل. بالنسبة للقضية الأولي تناولت الصحف في الأسبوع الماضي خبراً مفاده أن كل ما ينشر علي صفحات التواصل الاجتماعي خاصة "الفيس بوك" و"تويتر" وما يحدث في غرف الشات بين الأعضاء ترصده أجهزة المخابرات الأمريكية ويتم تحليله بدقة لمعرفة كيف يفكر العالم وفيما يفكر.. لدرجة أنها من خلال تحليل المعلومات التي نشرها وتبادلها الشباب المصري قبل ثورة يناير تنبأت بقيام ثورة في مصر ولكنها فشلت في التنبؤ بتوقيتها..!! أما القضية الثانية كما نشر في أخبار اليوم فهي اختراقها لقارة أفريقيا وفرض حمايتها وسيطرتها ونشر قواتها في دول لم تطلب مساعداتها من الأصل ولا تمثل تهديداً مباشراً لها ولا لمصالحها..!! فقد بعث أوباما برسالة إلي جون بوفر رئيس مجلس النواب الأمريكي يخطره فيها بأنه يعتزم إرسال فرقة قوامها 100 جندي أمريكي إلي أوغندا لمطاردة وقتل جون كوني قائد جيش الرب المعارض للسلطات.. رغم أن أوغندا لم تطلب هذه القوات ولا تلك الحماية. فهي لن ترسلها حباً في الشعب الأوغندي ولا تعاطفاً معه..!! ومن مهام تلك الفرقة أيضاً تقديم المعلومات والنصيحة والمساعدة للقوات المسلحة الأمريكية في عدد من دول وسط إفريقيا تهتم بها أمريكا مثل أثيوبيا وجنوب السودان وكينيا وهذه الدول لها أهمية خاصة بالنسبة لمصر إذ أنها تقع علي منابع النيل. ونتساءل من سمح لأمريكا بأن تتجسس علي مواقع التواصل الاجتماعي. أليست تلك المواقع تتمتع بالحماية التي صدعنا بها القائمون عليها.. وفي الوقت الذي يتكالب العالم عليها بمختلف أعماره وثقافاته لكي يتواصل مع الآخرين عبر تلك المواقع.. نجد أمريكا تهيمن عليها. فهل يفكر العالم في كيفية إيقاف الهيمنة الأمريكية. ومن يحمينا من عبثها. وأين أصحاب تلك المواقع لكي يحمونا منها.. أم باعوا لنا الوهم وتركونا نواجه مصائرنا مع البلطجي الأمريكي؟! ولأننا انشغلنا فيما حولنا حتي أذنينا فلم ننتبه إلي ما يحدث علي ساحات أخري غير ساحتنا.. فاستغرقتنا أحوالنا الداخلية وتركنا للغير العبث بأمننا الخارجي سواء كانت إسرائيل علي حدود سيناء.. أو أمريكا بتوغلها في إفريقيا واقترابها من منابع النيل. شريان الحياة في مصر.. وهي تقوم بذلك متطوعة لكي تزرع لها قدماً في إفريقيا وتمهد الطريق والسبيل لإسرائيل لتكون بديلاً لمصر التي تخلت عن همها الإفريقي..!! متي نفيق لأنفسنا ونحاول إدراك ما فقدناه علي الساحات العالمية خاصة الإفريقية منها.. فأفريقيا هي العقل والقلب بالنسبة لمصر.. ولا حياة لمصر بدون إفريقيا.