أخذتني الندوة بما تضمنته من أسئلة ذكية لطلاب مدرسة الراهبات بالفيوم. وتعقيبات تناقش ما وراء الكلمات من أدباء ومفكرين وأولياء أمور. تناول النقاش قضايا مابعد ثورة يناير. ترددت أسماء: وصفي.. عمر.. محمد.. زينب.. يوسف.. عويس..مخلص..نادي.. نصر الدين..إلخ. لقضايا الدين مجالاتها ومتخصصوها من العلماء. هي بالتأكيد تختلف عن قضايا السياسة والأدب والفن والرياضة وغيرها مما يصح الاختلاف فيه. لكن الاختلاف في قضايا الدين يستدعي في غياب الفهم والوعي إقامة محاكم تفتيش تحاول الكشف عن ضمائر الناس. ويقينهم الديني. لم تعترض مديرة المدرسة. الأخت ماري إيزابيل وهي صعيدية من قنا علي سؤال ولا إجابة. تركت الحوار مفتوحا. فالقضايا المطروحة مصرية. والصراحة المطلقة تهب النقاش قيمته وجدواه. كنت أتردد علي معهد الدراسات الشرقية التابع لدير الدومينكان بالعباسية فترة تولي أموره الآباء قنواتي وجومييه ومونو. أفيد من المكتبة الهائلة التي تلاحق أهم ما تصدره مطابع العالم من قضايا الثقافة العربية. يستغرقني الوقت. فأخلو إلي نفسي في إحدي الحجرات. أقضي يوما أو أكثر. أقرأ وأسجل الملاحظات. بينما رهبان الدير مشغولون بصلواتهم وطقوسهم. لانشير إلي مسلم أو مسيحي إلا في حدود القضايا الفكرية التي نناقشها. تذهلني الحصيلة المعرفية في التراث العربي للأب قنواتي. وأعجب بتقديم جومييه لإبداعات الأدباء المصريين: حقي ومحفوظ وإدريس وعبدالحليم عبدالله. وأقبل علي الإفطار الشهي الذي يعده عم رمضان طباخ المعهد. وألاحظ العلاقة الأسرية بين الرهبان وأبناء عم رمضان. والتي تبلغ حد مراجعة مذاكرتهم المدرسية. إذا أردت أن تجسد مشكلة. فضع لها تسمية لو أنك أطلقت تسمية علي خلاف طارئ بين أفراد أسرتك. فأنت تضخم مالا ينبغي تضخيمه. مصارين البطن تتخانق كما يقول المثل. مجرد تسمية الخلاف ستكون باعثا لتكراره. يختفي ليعود بالتسمية التي اخترناها له. لا أعني إهمال ما قد ينشأ من ظواهر سلبية. لكن التحدث عن الظاهرة الوقتية ينبغي ألا يجاوز هذا المعني. لانسرف في الشعارات والمهرجانات والمؤتمرات. والإلحاح علي النسيج الواحد بمناسبة وبلا مناسبة. لعلي أذكرك بالمؤتمر القبطي الذي عقد في 1910. عقب اغتيال بطرس غالي رئيس وزراء مصر الأسبق علي يد إبراهيم ناصف الورداني. كاد تضخيم المشكلة لولا تدخل العقلاء والمحبين الحقيقيين لهذا الوطن يمضي بها إلي مسارب مجهولة. ويحقق نتائج يصعب التنبؤ بخطورتها. نصيحة قرأتها لعالم النفس المصري الراحل أمير بقطر: إذا عاني ابنك الخوف. فلا تقل له: لا تخف. الأجدي أن تحدثه عن الشجاعة. ذكر الكلمة بهدف الإلغاء. تأكيد لها. أرفض التسميات التي اخترناها لتناول عوامل الاتفاق والاختلاف بين المسلمين والمسيحيين من أبناء هذا الوطن. مثل عنصري الأمة. والائتلاف الطائفي. الديانة شأن شخصي. إسقاطها علي الآخرين خطأ. وخطيئة. يكفي القول: نحن مصريون