منذ عصر الظاهر بيبرس وحتي عام اثنين وستين من القرن الماضي كانت مصر ترسل كسوة الكعبة من خلال موكب المحمل الجميل، المهيب، الذي يمثل كنا من ذاكرة الذين يقتربون من العقد السابع، وفي الخرنفش توجد دار الكسوة التي كانت تضم عمالا مهرة تخصصوا في فنون الخط والتطريز والزخرفة وكل ما يتصل بالكسوة الشريفة، من دار أخبار اليوم صدر منذ عدة سنوات كتاب غزير المعلومات عن المحمل والكسوة للباحث ابراهيم حلمي وفي المكتبة الفرنسية مؤلف رائع وضعه الأب جاك جومييه الذي امضي سنوات طويلة من عمره في دير الأباء الدومينكان قرب العباسية. وكانت رسالته لنيل الدكتوراة من السوربون في موضوعين، المحمل والكسوة. وخطبة الجمعة. وقد عرضت الاول في مجلة آخر ساعة عام تسعة وستين بعد ان قرأت البحث مع الاب جومييه الذي ترجمه لي بصبر وأناة، ولكم اتمني ان يترجم الي اللغة العربية، الكسوة كانت نتاج ايمان عميق، وايضا رمز سياسي. فمن يكسو الكعبة يحميها، ولم يكن في المملكة من يتقن فنون الكسوة، ولذلك كانت الحاجة الي مصر، بالاضافة الي التاريخ الطويل المستقر، مع تصاعد الخلاف بين البلدين الشقيقين اثر ثورة اليمن. اعادت المملكة الكسوة الي مصر، وعرضها الزعيم الراحل جمال عبدالناصر في الأزهر وقدر لي ان اشهدها معروضة امام المصلين الذين اجتاحهم الحزن، بطل عمل الكسوة في مصر، وسافر عدد من الفنيين الي المملكة لتأسيس صناعة الكسوة هناك، عمل سياسي في مواجهة عمل ديني بكل المقاييس، نفس الخلط وقع في أزمة المعتمرين التي لم تنته فصولها بعد، وبعد شهرين قد نواجه مشكلة اكبر في موسم الحج، كل ما نقل خلال الازمة الاخيرة يشير الي بعد سياسي بسبب موقف المملكة من الثورة المصرية، ان سوء المعاملة ضد المعتمرين والمعاملة القاسية التي واجهها كبار السن تدعونا الي مخاطبة العقلاء هناك. المدركين للأسس التي تقوم عليها العلاقات، وواجبات من يتولي حماية الاراضي المقدسة الا يخلط بين السياسة والدين، بين ما هو ثابت وما هو متغير، اتمني الا يتكرر ما جري في العمرة خلال الموسم القادم للحج، بالامس صرح الامير نايف وزير الداخلية رئيس الحج، ان المملكة لا تفرق في المعاملة بين حجاج دولة واخري، نتمني تجسيد ذلك في معاملة المصريين.