يقدم هذا الكتاب بالاستعانة بالصور النادرة، دراسة تاريخية فنية عن تاريخ صناعة الكسوة ومحمل الحجيج عبر العصور المختلفة مؤكدا أن كساء بيت الله الحرام كان بمثابة مفخرة إنسانية يتطلع إليها كل البشر. يتناول إبراهيم حلمي الباحث في التراث في كتابه "كسوة الكعبة المشرفة وفنون الحجاج" كل ما يخص كسوة الكعبة، ومكوناتها من الأحزمة المزركشة بالفضة والذهب والحرير، وستارة باب بيت الله الحرام، وكيس مفتاح الكعبة المشرفة، بالإضافة إلي ستارة باب مقصورة سيدنا إبراهيم عليه السلام. يرصد الكتاب الذي يعد مرجعًا نفيسًا والأول من نوعه لدي صدوه أوائل تسعينيات القرن الماضي، مراحل تطور كسوة الكعبة المشرفة، فقبل الفتح الإسلامي لم يستطع النبي صلي الله عليه وسلم ومعه المسلمون القيام بكساء الكعبة، لأن المشركين من قريش حالوا دون ذلك، إلي أن تم الفتح فأبقي الرسول الكريم علي طقوس الكسوة وأساليبها، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يكتب إلي مصر لتحاك له الكسوة خصيصا فيها، وعندما ينزع الكسوة القديمة كان يفرقها علي الحجاج ليستظلوا بها. أما في عهد بني أمية، فكان الخليفة معاوية بن أبي سفيان يكسو الكعبة بكسوتين في العام الواحد: الأولي من "الديباج" وذلك في يوم عاشوراء، والثانية فكانت من القماش المصري وموعدها التاسع والعشرين من شهر رمضان. لكن في عهد الدولة العباسية لم يهتم خلفاؤها في بداية عهد التأسيس بكساء بيت الله الحرام. أما في عهد الدولة الفاطمية فحظيت الكعبة المشرفة في فترات عدة بالاهتمام، فقد حكي أنه في عهد الخليفة العزيز بالله بن المعز لدين الله في سنة 381 هجرية كسيت الكعبة المشرفة بكسوة بيضاء اللون. عن مقر دار كسوة الكعبة يحكي المؤلف أنها في البدء كانت بالقاهرة، في حي يدعي "الخرنفش"، تحديدا عند التقاء شارع بين السورين وميدان باب الشعرية. وبالنسبة لعمال الكسوة، فيوضح الباحث أنه برز في عهد الخديو إسماعيل من موظفي تشغيل وزركشة كسوة الكعبة الشريفة عدد من العاملين البارعين تصل رتبتهم إلي الباكوية. أما بخصوص المحمل أو موكب كسوة بيت الله الحرام، فقد امتاز المصري منه بحسب الكتاب بالنظام الدقيق في تكوينه ومسيرته ووظائف أفراده، من وظيفة أمير الحاج وهو كبير قافلة الحجاج ومسئولها الأول، ودوادار أمير الحاج وهو كاتب أمير الحاج في المهمات التي يتولاها ويقوم بتنظيم سير ركب المحمل، وقاضي المحمل الذي يتولي إصدار الأحكام الشرعية بين الحجيج، وشهود المحمل ومشرفي الجمال والخيول ومشرفي التموين ومشرفي المطبخ والسقاءين ومنظم سير المحمل وأخيرا الشعراء. إلي جانب ذلك، يوضح الكتاب أبرز المعتقدات الشعبية المصرية المتعلقة بالمحمل ومنها التبرك بالمحمل أينما حل سواء باللمس أو حتي بمجرد الرؤية بالعين، وتساوي في التعلق بأستار الكعبة كل من العامة وبعض الرحالة العرب المعروفين أمثال ابن جبير وابن بطوطة. وبجانب التبرك ظهرت أيضا معالم سرقة المحمل، وكسوة الكعبة وحتي الحجر الأسود عام 317 هجرية. أما من أطرف مباحث الكتاب، تلك التي تؤرخ لفنون المحامل، من أغان وموسيقي شعبية ترافق قوافل الحج وأشهر المغنين والمنشدين والزجالين العرب المصاحبين لقوافل الحج، الذين اختلط نشيدهم أحيانا بروح الفكاهة والتهكم.