مصطفى بكري: إعلان تشكيل الحكومة الجديد سوف يتأخر    صعود اليوان مقابل الروبل بنسبة 5.21% في بورصة موسكو اليوم    محافظ أسيوط: استمرار تشجير مسار رحلة العائلة المقدسة بقرية درنكة    تنفيذا لتكليفات القيادة السياسية.. وزير الزراعة يتابع تجربة زراعة الجوجوبا في غرب المنيا ويوجه باستمرار قياس نتائجها    وزير الموارد المائية والري يتابع حالة محطات رفع المياه ومجهودات مصلحة الميكانيكا والكهرباء خلال إجازة العيد    وزير الصحة: نهدف لوصول عدد السكان إلى 117 مليون نسمة في 2032    الجامعة العربية تشدد على ضرورة معالجة الأسباب الجذرية للجوء والنزوح    القسام: كمين مركب يستهدف جنود ودبابات وآليات الاحتلال في الشابورة    بريطانيا تكشف عن فقدان طاقم السفينة توتور المستهدفة من الحوثيين    رومانيا: تبرعنا لأوكرانيا بمنظومة باتريوت مشروط بحصولنا من الناتو على مثلها    وفد الأهلي يقدم واجب العزاء لأسرة نورهان ناصر    أخبار الأهلي: بيرسي تاو يضع شرطا مثيرا للرحيل عن الأهلي والانتقال إلى كايزر تشيفز    أخبار الأهلي: تقارير تكشف عن مكان وموعد بطولة الأفروآسيويّة بين الأهلي والعين    تموين المنوفية: ضبط 50 جوال دقيق بلدي مدعم قبل بيعها بالسوق السوداء    مصرع شاب في حادث انقلاب دراجة نارية بالطريق الدائري في الفيوم    أنشطة فنية وأدبية متنوعة بثقافة القاهرة احتفالًا بعيد الأضحى    متربعا على قمة الإيرادات.. "ولاد رزق 3" يحقق 114 مليون جنيه خلال 8 أيام عرض    على خطى قادة الفكر العربي.. الفيلسوف الخشت في دراسة علمية جزائرية حول منهجه وفكره التنويري    إنهاء قوائم الانتظار.. إجراء مليونين و245 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة    وفد من الأهلي يعزي أسرة نورهان ناصر التي لقيت مصرعها بعد مباراته مع الاتحاد السكندي    السعودية تعلن عن الموعد الجديد لانطلاق موسم العمرة    ياسر الهضيبي: ثورة 30 يونيو ستظل نقطة مضيئة في تاريخ مصر    التعليم الفلسطينية: أكثر من 600 ألف طالب بغزة حرمهم الاحتلال من استكمال الدراسة    تقديم موعد العطلة الصيفية فى الكويت ضمن إجراءات ترشيد استهلاك الكهرباء    7 ضوابط أساسية لتحويلات الطلاب بين المدارس    ضبط عاطلين بحوزتهما كمية من مخدر الحشيش بالمنيرة    محافظ القاهرة يعلن نجاح خطة استقبال عيد الأضحى: وفرنا احتياجات المواطنين    رصد وإزالة حالات بناء مخالف وتعديات على الأراضي الزراعية بالجيزة - صور    لطلاب الثانوية العامة.. تعرف على برنامج تصميم العمارة الداخلية بفنون جميلة حلوان    يزن النعيمات يفتح الطريق للأهلي للتعاقد معه في الصيف    مستوطنون متطرفون يقتحمون المسجد الأقصى    قيثارة السماء.. ذكرى رحيل الشيخ محمد صديق المنشاوي    خاص| أول تعليق من أسرة "الشعراوي" على توجيه الرئيس بترميم مقبرة "إمام الدعاة"    إجراء اختبارات إلكترونية ب147 مقررًا بجامعة قناة السويس    تنظيم زيارة للطلاب الوافدين لمستشفى سرطان الأطفال 57357    مصدر مقرب من عواد ليلا كورة: الغياب عن التدريبات الجماعية بالاتفاق مع عبد الواحد    في يومهم العالمي.. اللاجئون داخل مصر قنبلة موقوتة.. الحكومة تقدر عددهم ب9 ملايين من 133 دولة.. نهاية يونيو آخر موعد لتقنين أوضاعهم.. والمفوضية: أم الدنيا تستضيف أكبر عدد منهم في تاريخها    تركي آل الشيخ عن فيلم عمرو دياب ونانسي عجرم: نعيد ذكريات شادية وعبدالحليم بروح العصر الجديد    خبيرة فلك تبشر العذراء والأسد وتُحذر الحوت والجوزاء    مصدر: لا صحة لإعلان الحكومة الجديدة خلال ساعات    مصرع شاب صدمه قطار أثناء عبوره السكة الحديد فى البدرشين    الداخلية تحرر 133 مخالفة للمحلات غير الملتزمة بترشيد الكهرباء خلال 24 ساعة    محافظ الشرقية يأمر باصطحاب أسرة طفل حديث الولادة بسيارة حكومية لتلقي التطعيم    الصحة: إجراء 2 مليون و245 ألف عملية جراحية ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    بالأسماء.. ارتفاع عدد الوفيات في صفوف حجاج سوهاج ليصل إلى 7    حرمان 39 ألف طالب فلسطيني من امتحانات الثانوية العامة في غزة    تشكيل الزمالك المتوقع أمام فاركو.. صبحي يعود لحراسة المرمى وظهير أيسر جديد    طواف الوداع: حكمه وأحكامه عند فقهاء المذاهب الإسلامية    الإفتاء توضح حكم هبة ثواب الصدقة للوالدين بعد موتهما    الإسكان: 5.7 مليار جنيه استثمارات سوهاج الجديدة.. وجار تنفيذ 1356 شقة بالمدينة    "البديل سيكون من أمريكا الجنوبية".. اتحاد الكرة يتحرك لاختيار حكام مباراة الأهلي والزمالك    مزاعم أمريكية بقرب فرض قطر عقوبات على حماس    عاجل - "الإفتاء" تحسم الجدل.. هل يجوز أداء العمرة بعد الحج مباشرة؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 20-6-2024    سعر الدولار عامل كام؟.. تابع الجديد في أسعار العملات اليوم 20 يونيو    الآلاف في رحاب «السيد البدوى» احتفالًا بعيد الأضحى    هل يسمع الموتى من يزورهم أو يسلِّم عليهم؟ دار الإفتاء تجيب    تحت سمع وبصر النيابة العامة…تعذيب وصعق بالكهرباء في سجن برج العرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معني حياتي الحالية وبمن أقتدي
نشر في روزاليوسف اليومية يوم 20 - 04 - 2010

عدم الانحياز والحياد الإيجابي ليست فقط رؤية سياسية ظهرت في باندونج 1955 عن طريق تكتل مجموعة من الدول في العالم الثالث أبرزها: مصر بقيادة ناصر، والهند بقيادة نهرو ويوغسلافيا بقيادة تيتو وارتكزت هذه الرؤية في الفلسفة السياسية علي عدم الانحياز لأي من المعسكرين المتنازعين «الولايات المتحدة الأمريكية - الاتحاد السوفيتي السابق، 1945-1990» في ذلك العالم الذي كان يسمي حينذاك بالعالم الثنائي القطبية.
إلا أن عدم الانحياز كمصطلح لم ينشأ في باندونج بل هو مصطلح روحي صوفي ظهر مواكبا للحداثة في العالم في مطلع القرن السادس عشر الميلادي وارسي معالمه الروحية القديس الإسباني «أغناطيوس دي ليولا» مؤسس الرهبنة اليسوعية «الجزويت» 1520 ميلادية والروحانية مدرسة للحياة الروحية أي النظرة إلي الأشياء والأحداث من منظور روحي وعن العلاقة بين النظرة المادية والنظرة الروحية انشغلت الفلسفة طوال تاريخها بين إجابتين علي سؤال واحد: أيهما أسبق وله الأولوية عن الآخر المادة أم الروح؟ فمن يعطي الأولوية للمادة صار من أبناء مدرسة الفلسفة المادية والعكس من يعطي الأولوية للروح صار من أنصار المدرسة المثالية ومن ثم انقسم الفلاسفة إلي رؤيتين لتفسير العالم رؤية روحية مثالية ورؤية تفسر كل شيء من منظور مادي حتي ظهر القديس أغناطيوس برؤية للعالم من منظور روحي في جدل مع مادية العالم في عصر الحداثة وأعتقد أنه سبق في ذلك «هيجل» الفيلسوف المثالي الذي ارسي معالم الجدل ما بين الروح والمادة نعود إلي رؤية عدم الانحياز الأغناطية وفق «معجم الإيمان المسيحي: حالة إنسانية «نفسية» عند الذي يتمتع باستقلال جذري عن كل ما ليس يرتبط بالله وبتأهب صحيح لكل ما قد يطلبه الله منه ليس عدم الانحياز عدم اهتمام بالمخلوقات ولا تخليا فعليا عن كل شيء بل هو نوع من الحرية الروحية الداخلية الواعية المقصودة وتجرد باطني تام هذه الحالة الإنسانية شرط ضروري علي كل مسيحي يريد أن يعيش ملء إنسانيته وأن يمتثل امتثالا تاما لمشيئة الله في شأنه وينطبق هذا المعني «اللاهوتي» علي الإنسان الصوفي المؤمن بالله بغض النظر عن دينه ومن ثم فالصوفية متواجدة في كل الأديان السماوية مثل اليهودي الاندلسي الأصل المصري الموطن موسي بن ميمون وفي الإسلام نجد ابن عربي وابن رشد وآخرين.
وهذه الحالة الروحية الصوفية وسيلة وليست غاية أي هي وسيلة للوصول لرؤية الله في كل شيء ومن ثم فهي ليست دروشة ولا انعزالاً عن العالم ومنذ تأسيس الحركة الرهبانية المصرية علي يد القديس أنطونيوس عام «351» في الصحراء الغربية وكيف انتشرت هذه الحركة بالروح لتشعل نارا صوفية في ربوع مصر والعالم ومازال لهيبها يتوهج علي مدي سبعة عشر قرنا من الزمان تخبو هذه النار تارة وتتوهج تارة أخري وتنتقل بالروح من مكان إلي آخر لكنها أبدا لم تخمد ووفق الكتابات العديدة والمصادر الأكثر تعددا فإن نشأة هذه الحركة الاحتجاجية الروحية ظهرت في صحراء مصر للأسباب التالية:
البحث عن الاتباع الجذري والاقتداء بشخص المسيح الاحتجاج الروحي علي تحول المسيحية إلي دين ودولة في عهد الإمبراطور الروماني قسطنطين سنة «313-337» وما تلي ذلك من تأسيس حياة الشركة علي يد القديس باخوميوس «أبوالشركة» في النصف الثاني من القرن الرابع والتي ارتكزت علي ممارسة الرهبان بما في ذلك المتوحدون لعمل يقتاتون منه علي قاعدة روحانية «مشاهدة الله في العمل».
والحركات الصوفية في مختلف الأديان تتطلب ممن يعيشونها ممارسة العمل ولا يتعارض ذلك مع من يكرسون حياتهم لخدمة الله والإنسان عبر العالم وعلي هذه القاعة وجد صوفيون كثيرون رهبان أو مدنيون كرسوا حياتهم لخدمة الله من خلال تبني قضايا إنسانية علمية كانت أو اجتماعية مثال رهبان دير أبومقار الرهبان اليسوعيين والفرنسيسكان والدومنيكان ومنهم علماء استطاعوا أن يقدموا للعالم الكثير من المنجزات في شتي أنواع العلوم مثل «مندل» في علم الوراثة ومنهم من حصل علي نوبل في العلوم أيضا ومن خلال جهادهم الروحي العلمي للعالم تأسست الجامعات الأشهر مثل السربون وجورج تون وأكسفورد وأكثر من مائة جامعة أخري الآن ارتبط تأسيسها برهبانيات واديرة بل ومدن تم تأسيسها مثل «سان بولو» العاصمة البرازيلية التي أسسها الأباء اليسوعون وسان فرانسيسكو التي أسسها الآباء الفرنسيسكان ولم تعرف مصر استصلاح الأراضي وتخضير الصحراء إلا عبر الرهبنة المصرية وكذلك نشأة الحركات الاجتماعية الخيرية التي سبقت المجتمع المدني عبر آباء صوفيين مصريين مثال أغلب المدارس الكاثوليكية والمستشفيات مثل اليوناني والإيطالي والقبطي والمؤساة ومؤسسة مصطفي محمود الخيرية.
وفي الإعلام والفن تبرز أسماء كثيرة منها مهرجان الفيلم الكاثوليكي الذي أسسه الأب يوسف مظلوم الفرنسيسكاني والسينما المستقلة التي بدأت مع الراهب اليسوعي الراحل فايز سعد والأب وليم سيدهم اليسوعي وفي الإعلام وفي السياسة نستطيع أن نجد راحلين وأحياء منهم الصحفي البطريرك شنودة الثالث والقمص متي المسكين والأب الدومنيكاني جورج قنواتي والصوفي مصطفي محمود والكاتب الشاعر عبدالرحمن الشرقاوي والسياسي الصحفي خالد محيي الدين وآخرين أطال الله أعمارهم ورحم الله من رحلوا وأعان من هم علي الطريق من الشباب الصوفي المعاصر.
هؤلاء الذين لم يسعوا للشهرة أو المال أو السلطة حتي وإن جاءت إليهم وعاشوها فكانوا مثل الذين في النار ولم تخترق ثيابهم هؤلاء الذين سعوا للسبق الصحفي أو العلمي أو الفني من أجل الإنسان ولم يسخروا الإنسان من أجل السبق وهكذا كرسوا حياتهم لكل إنسان ولكل الإنسان. كان هذا رداً علي سؤال من أحد تلاميذي في التكوين الصحفي عن معني حياتي الحالية وبمن اقتدي؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.