* يسأل شكري سعد من القاهرة : كيف يتوب العبد من ذنبه؟ وما دلائل أو علامات قبول التوبة من الله؟ * يجيب الدكتور عثمان عبدالرحمن : من المعلوم أن الله جل وعلا قد شرع لعباده التوبة والإنابة إليه وحثهم عليها ورغبهم فيها ووعد التائب بالرحمة والغفران مهما بلغت ذنوبه فمن جملة ذلك قوله جل وعلا : "قل يا عبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم.. وأنيبوا إلي ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون" [الزمر : الآيتان 52 53] وقال تعالي : "إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين" [ البقرة : 222] وقد تضافرت دلائل الكتاب والسنة علي وجوب التوبة. ولزوم المبادرة إليها. وأجمع علي ذلك أئمة الإسلام رحمهم الله تعالي : إذا علم ذلك. فإن التائب لا يكون تائباً حقاً إلا إذا توفرت في توبته خمسة شروط : الشرط الأول : الإخلاص وهو أن يقصد بتوبته وجه الله عز وجل. الثاني : الإقلاع عن الذنب. الثالث : الندم علي فعله. الرابع : العزم علي عدم الرجوع إليه. الخامس : أن تكون التوبة قبل أن يصل العبد إلي حال الغرغرة عند الموت قال النووي في شرح مسلم و"للتوبة شرط آخر وهو أن يتوب قبل الغرغرة كما جاء في الحديث الصحيح وأما في حالة الغرغرة وهي حالة النزع فلا تقبل التوبة". فهذه الشروط فيما إذا كان الذنب بين العبد وربه. كشرب الخمر مثلاً وأما إذا كان الذنب يدخل فيه حق العباد. فلا بد من إبراء الذمة من هذا الحق فإن كان مظلمة استحلها منه. أو حقاً رده إليه. بالإضافة إلي الشروط الخمسة الآنفة الذكر إذا ثبت هذا فليعلم أن العبد إذا تاب. فينبغي أن يكون حالة بين رجاء قبول التوبة. ومخافة العقاب من الله تعالي. قال تعالي : "والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلي ربهم راجعون" [المؤمنون : آية 60]. وقد أخرج الترمذي بإسناد ثابت أن أم المؤمنين السيدة عائشة بنت الصديق رضي الله عنهما سألت رسول الله صلي الله عليه وسلم عن هذه الآية فقالت : "أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ فقال : لا يا بنت الصديق ولكنهم الذين يصومون ويتصدقون وهم يخافون ألا يقبل منهم أولئك الذين يسارعون في الخيرات" لكن لا مانع أن يكون هناك أمارات علي صدق توبة العبد يستأنس بها في ذلك فمن ذلك أن العبد التائب يجد حرقة في قلبه علي ما فرط منه في جنب الله وأنه ينظر لنفسه بعين التقصير في حق الله الجليل وأنه يكون أشد تجافياً عن الذنب وعن أسبابه. مبتعداً بنفسه عن هذه الموارد ومن ذلك أنه يميل إلي الإقبال علي ربه ومولاه. وأن يصاحب أهل الفضل والخير ويقاطع أصدقاء السوء ومن لا خير فيهم. وأن ينظر إلي توفيق الله له بالتوبة علي أنه نعمة عظيمة من أعظم النعم عليه. فيفرح بها ويحافظ عليها ويخاف زوالها. ويخشي عقوبة نقضها والرجوع فيها.