ظاهرة تتكرر كل عام وتسترعي الانتباه خاصة بعد انتهاء شهر رمضان وتتمثل في خلو المساجد من الأعداد الكبيرة التي كانت تتوافد علي بيوت الله خلال الشهر الكريم والسؤال الذي يفرض نفسه في هذه المناسبة لماذا تتكرر هذه الظاهرة كما تتكرر أيضاً علي ألسنة الائمة والدعاة "أليس رب المساجد واحداً في رمضان وغيره من شهور العام؟؟ والاجابة علي هذا السؤال أن الله الواحد الأحد رب المساجد في كل وقت وحين. وكل من يأتي إلي هذه المساجد الفضائل تنهال عليه من رب العباد بارئ الأرض والسماء فكل فرد يعتزم التوجه إلي المسجد يتفضل عليه رب هذه المساجد بمنحه بكل خطوة يخطوها حسنة تضاف إلي رصيد حسناته وتنحط عنه سيئة من سيئاته وفي نفس الوقت تأتي رحمات ربنا بصورة دائمة علي المتواجد بالمساجد طالما أنه مستمر في بيت الله عز وجل. لأن المساجد هي بيوت رب العالمين والقادمين إليها هم في ضيافة الحق تبارك وتعالي يقول ربنا في الحديث القدسي : بيوتي في الأرض المساجد وزوارها في ضيافتي" ومن يسعد بضيافة ربنا ينل رحمات بغير حساب. ويقول الله في آيات القرآن الكريم بسورة التوبة : "إنما يعمر مساجد الله من أمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتي الزكاة ولم يخش إلا الله فعسي اولئك أن يكونوا من المهتدين" [التوبة: 18]. تلك الفضائل وهذه الهداية التي اختص بها الحق تبارك وتعالي رواد هذه المساجد اذن فليكن حرص كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر علي التوافد علي المساجد بصفة دائمة ولتكن الآداب هي أسلوبه الدائم أيضاً ويبتعد كذلك عن أي آثام طالما كان في بيت من بيوت الله. وليدرك أن الكلام في المسجد يآكل الحسنات كما تآكل النار الحطب. كل هذه الآداب وتلك الصفات يجب أن تكون ملازمة لكل ضيف من ضيوف الرحمن وأن تكون فترة التواجد بالمسجد مليئة بذكر الله سبحانه وتعالي وقراءة القرآن الكريم والتأمل في آياته التي تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر فالصالحون يحرصون علي قضاء الوقت ببيت الله في الانشغال بهذه الآيات الكريمة والتحلي بكل ما تأمر به وتنهي عنه. لكن هناك البعض يخالف هذه التعليمات وينشغل في الحديث مع من يجلس بجواره دون التزام بتلك الآداب وتجاهل أن الكلام في المساجد يحصد حسنات المسلم ويتوالي ذلك بصفة دائمة طالما لم يلتزم بالآداب التي تجعل الحسنات تضاف إلي رصيده من الحسنات. ولا شك أن بيوت الله تحظي بتقدير واهتمام المسلمين المخلصين فيبذلون كل جهد من أجل اعمار المساجد وتهيئتها للمصلين. بحيث تكون علي أعلي مستوي من التجهيزات سواء في شئون المعمار وأن تكون في هيئة تجذب الوافدين إليها من حيث الشكل والمضمون بحيث تكون في أبهي صورة. وكذلك من حيث الإضاءة وتوفير كل الوسائل لعُمَّار بيوت الله عز وجل من حيث أجهزة التكييف أو المراوح وغيرها من المفروشات لكي يتمتع كل واحد لهذه الأماكن المقدسة بكل وسائل الراحة والهدوء لكي يمضي وقته في العبادة والتقرب إلي الله عز وجل والابتعاد عن تناول أعراض الناس وكذلك عن لغو الحديث بأي صورة من الصور. كما يجب أن تكون الأخلاق الكريمة من أهم الصفات لكل وافد لأي بيت من بيوت الله. وأن يكون هؤلاء نماذج وقدوة حسنة يقول ربنا سبحانه وتعالي : "في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال. رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله واقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب" [37. 38 النور] إنها بحق فرص متاحة لكل قاصد لبيت من بيوت الله سبحانه وتعالي. فيجب ألا ينشغل المسلم وهو بالمسجد بأي من شئون الدنيا التي تلهيه عن ذكر الله ولتكن الخشية والخوف من رب العالمين في مقدمة الأولويات لهؤلاء من ضيوف الرحمن. فالطريق رسمه الله وأعطي التعليمات التي يجب أن تكون في عين كل من يقصد بيوت الله وأن يكون التسبيح وذكر الله هي الشغل الشاغل لهؤلاء العباد. رجال لا يشغلهم أي شيء من لهو الدنيا ومتاعها وكل من يلتزم بذلك ينال رضا رب العالمين.