علي مكتبي ورقة كنت قد نزعتها من صحيفة "المسائية" يوم 7 سبتمبر الماضي ووضعتها وسط أوراق مهمة أرجع إليها بين حين وآخر.. لكن هذه الورقة لم تسكن ولم تهدأ أبداً.. دائماً تناوشني من مكمنها وتستفزني فأمد إليها يدي وأفتحها وأقرأها.. قرأتها عشرات المرات.. وفي كل مرة أُسْتفز. ثم أهدأ وأعيدها إلي موضعها. بالأمس حدث ما يحدث دائماً مع الورقة الشقية.. وحين وصلت معها إلي حالة الاستفزاز لم أستطع أن أهدأ وأعيدها.. لا أدري لماذا؟! تحمل الورقة حواراً صحفياً مطولاً أجراه الزميلان علاء الدين حافظ. وفاطمة وجيه مع مقدم الشرطة محمود عبدالنبي الذي أحاله اللواء منصور العيسوي وزير الداخلية إلي المعاش ضمن حركة التطهير الأخيرة بالوزارة بدعوي انقطاعه عن العمل بدون أسباب.. بينما يري هو أن قرار إنهاء خدمته ظالم ومجحف لأنه لم يستند إلي وقائع حقيقية.. وأنه يدفع ثمن كشفه عن الفساد داخل وزارة الداخلية. وفي هذا الحوار يعترف الرجل بأنه علي علاقة بالعقيد عمر عفيفي الذي يعيش في أمريكا باعتباره ناشطاً سياسياً. وصدر أمر من النائب العام بالقبض عليه مؤخراً عبر الإنتربول بتهمة التحريض علي ارتكاب جرائم محاولة اقتحام السفارة السعودية ومديرية أمن الجيزة. ووقائع التخريب.. واعترف أيضاً أنه دخل عش اللواءات. وعرف كثيراً من الأسرار.. ووصف عمر عفيفي بأنه من أشرف ضباط الداخلية وتعرض للظلم والتشويه بسبب رفضه تزوير الانتخابات.. وأنه يعيش في أمريكا عيشة فقيرة.. ما علينا.. ليست هذه هي القضية التي تستفزني علي كل حال.. ولكن ما يستفزني ويستفز كل مواطن أن يتحدث الضابط السابق بالمستندات عن وقائع واتهامات في غاية الخطورة.. ثم يقابل ذلك بالصمت.. وتمر الأيام كأن شيئاً لم يكن.. ولا يجري تحقيق سريع ومباشر في هذه المستندات حتي تتكشف الحقيقة الضائعة. يقول الضابط محمود عبدالنبي إن التنظيم السياسي السري في الداخلية هو الذي دبر مقتل الفنانة سعاد حسني في لندن إرضاء لصفوت الشريف الذي علم أنها تقوم بتسجيل مذكراتها وسوف يمسه في هذه المذكرات الكثير والكثير. فأصدر تعليمات لحبيب العادلي وزير الداخلية بتصفية سعاد حسني في لندن. ولم يتوقف عند هذا الاتهام. وإنما قدم وثيقة الخطة السرية لتنفيذ الجريمة ومكتوب فيها: "سري للغاية/ وزارة الداخلية/ التنظيم السياسي السري/ للعرض علي السيد الوزير.. تقرير حول التكليف رقم 5/خ 6/2001 بخصوص تصفية المدعوة سعاد حسني خارج البلاد "لندن".. بناء علي التكليف رقم 5/خ بتاريخ 8/6/2001 بخصوص تصفية المدعوة سعاد حسني. فقد تبين الآتي: أولاً.. الخطة: بمراجعة التحريات المبدئية حول شخص المستهدفة تبين أنها تعاني من أمراض مستعصية واضطرابات نفسية بسبب طول فترة علاجها بالخارج. وبناء عليه نري أن يتم تصفيتها عن طريق إلقائها من البلكونة. بحيث يكون رأسها للأسفل وقدمها لأعلي. وبالتالي سوف يتلقي الرأس الصدمة بالأرض بكامل وزنها مع طول مسافة السقوط. مما سوف يؤدي إلي انفجار الرأس وتصبح الوفاة مؤكدة بنسبة 100%. يتم مصادرة الشرائط من رقم 7 إلي 12 وهي الشرائط التي تبلغ إلينا من مصادرنا أنها تحتوي علي المعلومات الخطيرة المحظور نشرها. والتي تنوي المستهدفة نشرها في مذكراتها رغم تحذيرها بعدم نشر هذه المعلومات.. ويتم تهيئة محل سكن المدعوة المستهدفة بحيث يتبين لجهات التحقيق الإنجليزية أن الحادث انتحار بسبب الحالة النفسية السيئة للمدعوة. نظراً ليأسها من الشفاء من مرضها المزمن والمستعصي. ثانيا.. الوسيلة: وقع اختيارنا علي النقيب رأفت بدران من قوة التنظيم طرفنا للقيام بالعملية نظراً لإجادته اللغة الإنجليزية بدرجة جيدة جداً. وأيضاً لقوته الجسمانية ومهارته في تنفيذ مثل تلك المهام.. ويتم الاتفاق مع مصادرنا لتجهيز جواز سفر مزيف لمنفذ العملية المذكور ببيانات رجل أعمال كزيادة في الاحتياط. وعرض الضابط السابق وثيقة أخري بخصوص اختطاف رضا هلال مدير تحرير "الأهرام" تقول: "وزارة الداخلية/ التنظيم السياسي السري/ تكليف رقم 118 بتاريخ 10/8/2003 بخصوص ضبط المدعو رضا هلال مدير تحرير الأهرام.. بخصوص التكليف رقم 118 بتاريخ 10/8/2003 تم تنفيذ الآتي: تم الاتصال بالمدعو رضا هلال هاتفياً سعة 1520 وإبلاغه بأن الضيف الذي ينتظره المدعو خالد الشريف صدمته سيارة بجوار محل سكنه الكائن 34 شارع إسماعيل سري بقصر العيني. وبناء عليه نزل المدعو رضا هلال مسرعاً وقبل أن يصل أول الشارع محل سكنه تم التصدي له بمعرفة رجال التنظيم وإفقاده الوعي ونقله إلي مقر التحفظ بجابر بن حيان سعة 1535 وتم تقييده وتغميته وتكميمه لحين ورود تعليمات أخري. كما نفيد أن المذكور طلب قبل تكميمه توصيل رسالة لسيادتكم مفادها أن هناك مستندات خطيرة تعلمها سيادتكم موجودة لدي شخص آخر وأن هذا الشخص مكلف بتسليم هذه المستندات إلي النائب العام حال اختفائه". يقول الضابط السابق إن العادلي دبر خطف رضا هلال لأنه هدد بأن لديه مستندات تحبسه.. فكان لابد من التخلص منه.. ويقول أيضاً إن جماعة جند الله من صنع الداخلية. وقد استخدمتها في تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية وارتكاب بعض الحوادث التي تشعل الفتنة الطائفية.. كما أن الداخلية تقف وراء تفجيرات شرم الشيخ. والآن.. هل يمكن أن تكون هذه المعلومات والاتهامات والمستندات معلنة بهذا الشكل علي مدي أكثر من 3 شهور ولا يجري التحقيق فيها؟!.. أو التحقيق مع المدعي لبيان الحقيقة؟! لماذا تلوذ وزارة الداخلية بالصمت؟!.. ولماذا لا يتحرك النائب العام؟!