من العبادات المرتبطة بشهر رمضان عبادة سهلة لكنها مهمة للغاية.. لأنها صلة مباشرة بين العبد ورب هذه العبادة التي هي الدعاء.. وسر ارتباطها برمضان إنها توسطت آيات الصيام.. قال تعالي: "شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن هدي للناس وبينات من الهدي والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضاً أو علي سفر فعدةً من أيام أُخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله علي ما هداكم ولعلكم تشكرون وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون أُحل لكم ليلة الصيام الرفث إلي نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتي يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلي الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون" سورة البقرة "185/187". فتلحظ أن آية "وإذا سألك عبادي عني" توسطت الآيات التي تتحدث عن الصيام في إشارة لطيفة إلي أن الدعاء عبادة مطلوبة في رمضان. وأنه أحري بالقبول فيه عن غيره. وكانت قصة هذه الآية أن أعرابياً جاء إلي النبي -صلي الله عليه وسلم- فقال: أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه؟!. فسكت عنه.. فأنزل الله عليه الآية: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان". وتلحظ أن الله نزع آية واسطة بينه وبين عباده في الدعاء.. لأنه سبحانه قريب منهم أعلم بحالهم من أنفسهم.. شريطة أن يحققوا الإيمان في قلوبهم ويستجيبوا لربهم.. وعلي الرغم من أن الدعاء طلب شيئاً من الله.. إلا أن الله يفرح به من عباده.. فأنت إذا طلبت من العبد شيئاً ثم طلبت منه شيئاً آخر وهكذا. يتأذي منك وينفر ويبتعد عنك.. لكن الله يفرح.. فقد ورد أن النبي -صلي الله عليه وسلم- قال: "من لم يسأل الله يغضب عليه". وأصبح للدعاء شأن عظيم.. حيث قال النبي -صلي الله عليه وسلم-:"إن الدعاء هو العبادة". وللدعاء في رمضان خاصية عظيمة.. حيث اجتمعت فيه فضيلتان هما: فضل الزمان. وحال الصيام.. وقد ثبت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل. الصائم حتي يفطر. دعوة المظلوم". وقد نسمع كثيراً من بعض الأشخاص أنه لا يجيد الدعاء مثل العلماء ولا يستطيع أن ينتقي الكلمات التي يدعو بها.. لكن هذا ليس مطلوباً. لأن الله يطلّع علي القلوب ونقائها وصدقها.. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "رب أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم علي الله لأبره". والمعني أنه ربما يكون هناك شخص فقير منكوش الشعر مغبر الملابس لا يهتم به أحد لشدة فقره لو دعا ربه استجاب له. ومن أهم الأسباب المعينة علي استجابة الدعاء هي تحري الحلال وأن ينبت جسدك بعيداً عن الحرام.. فعن ابن عباس قال: تليت هذه الآية عند رسول الله صلي الله عليه وسلم: "يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً" سورة البقرة "آية 168". فقام سعد بن أبي وقاص فقال: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة. فقال له النبي صلي الله عليه وسلم: "يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة والذي نفس محمد بيده إن العبد ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يتقبل منه عمل أربعين يوماً وأيما عبد نبت لحمه من السحت والربا فالنار أولي به". إسلام النواوي من علماء الأزهر الشريف