القراموص احدي قري مركز ابو كبير بمحافظة الشرقية اشتهرت عالميا بزراعة نبات البردي لكونها القرية الوحيده علي مستوي مصر بل والعالم التي ما زالت تزرع نبات البردي وتصنع الورق منه وترسم عليه وورق البردي من أنواع الأوراق القديمة الذي استخدمه المصريون القدامي لكتابة الهيروغليفي وتسجيل احداثهم و علومهم و آدابهم .. ولكن صناعه القدماء المصريين الذي توارثها الابناء عن آبائهم وأجدادهم اصبحت في خطر وتنتظر قبلة الحياة لاحيائها من جديد. يقول الدكتور رضا عبد السلام محافظ الشرقية السابق ووكيل حقوق المنصورة عندما زرت القرية ونزلت بين الحقول ودخلت البيوت أدركت حجم المأساة التي وصلت إليها هذه الصناعة فبعد زراعة آلاف الأفدنة في الماضي بنبات البردي أصبحت المساحة المزروعة لا تتعدي أصابع اليد...وتراجعت إعداد العاملين بهذه المهنة نظرا لغياب الاهتمام بهذا المنتج أو هذه الصناعة والعاملين بها اضاف عبد السلام المشكلة تكمن في تراجع الطلب والدعم من الحكومة للعاملين بهذه الصناعة...فاوشكت علي الاندثار والحقيقة هي أن هذه الصناعة تلزمها وقفة وتخطيط جاد وحازم وملزم لأن الموضوع كبير جدا جدا لأكثر من سبب أولا: هذه الصناعة بدءا من الإنتاج الزراعي ومرورا بتصنيع الورق من البردي وكذلك نقله وتسويقه وبيعه توفر آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة ثانيا: أكدت الدراسات العلمية علي أن نبات البردي يمكن أن يتغذي علي مياه الصرف "الصحي والزراعي" ومن ثم فهو لن يستهلك مياها عذبة بل الأهم والأخطر هو أننا يمكن أن نستخدم نبات البردي لإعادة تنقية مياه الصرف "في محطات الصرف الصحي" والتي يمكن أن تصلح بعد ذلك لزراعة المحاصيل الحقلية وبالتالي لن نكلف الدولة شيئا للتخلص من الصرف بل يمكن مثلا تحويل مسار بحر البقر الذي ينقل صرف محافظاتالقاهرة والدلتا للمناطق الصحراوية علي أن تخصص لإنتاج نبات البردي وثالثا: ورقة البردي أطول عمرا وأرقي وأقيم من حيث الشكل ومن ثم تصلح لان تكون شهادة تخرج أو برقية تهنئة أو لوحة فنية أو صورة شخصية كبيرة. اكد عبد السلام لابد من احياء هذه الصناعة وأن تكون شهادات تخرج آلاف الطلاب سنويا من ورق البردي بدلا من الورق المستورد نوفر عملة صعبة وأن تكون جميع المكاتبات والبرقيات والهدايا التي تقدم للوفود الأجنبية من ورق البردي وهذه الصناعة اذا ما تم الاهتمام بها كإنشاء مدينة صناعية بالقراموص بحيث توفر كافة متطلبات منتجي ومصنعي البردي وفي نفس الوقت يكون هناك إلزام علي كافة الجهات بأن تستخدم البردي حتما ستوفر الخير الكثير لمصر وفي نفس الوقت ستعيد الحياة لمهنة ومهنيين يوشكون علي الاندثار لنا أن نتخيل ملايين الدولارات التي سنوفرها من بيع منتجات البردي...وملايين الجنيهات التي سنوفرها بعد إحلال البردي محل الورق المستورد في شهادات التقدير والتخرج...وملايين فرص العمل المباشرة وغير المباشرة التي يمكن أن يوفرها إحياء هذه الصناعة في مصر. قال وجدي محمد عبد العال صاحب مرسم بالقرية انا حاصل علي بكالوريوس تجارة وقررت الاتجاه الي العمل بتجارة البردي من خلال افتتاح مرسم بالقرية وكان الاقبال كبيرا علي المنتج رغم وجود 20 مرسما بالقرية يعمل بهم العشرات من الشباب والفتيات ولكن السياحة اثرت علينا واغلق جميع المراسم بالقرية ما عدا انا رغم قلة الدخل ونعاني من حالة الركود رغم انني متزوج ولي اولاد ونعيش حاليا علي امل احياء صناعة القدماء المصريين بعودة السياحة تدريجيا وعلي الدولة ان تمد يدها الينا بتسويق منتجاتنا لاعادة تشغيل المراسم التي اغلقت ابوابها وعودة العمالة المدربة اليها مرة اخري. اضاف محمد زغل زراعة البردي توارثناها عن اجدادنا الذين اخذوها عن القدماء المصريين ومعظم القرية كانت تزرع نبات البردي بكميات كبيرة وكانت القاشية معدن لكن تقلصت المساحة المنزرعة واصبحت انا الوحيد بعزبة ليكو التابعة للقراموص ازرع نصف فدان فقط وشاركت في اكثر من منتدي بعد التواصل مع المهتمين بهذه الصناعة علي مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك ولابد من تشجيع المزارعين علي زراعة البردي مرة اخري بعد ان هجروه بسبب الخسارة الفادحة التي تعرضوا اليها والمشاركة بمنتجاتنا في المعارض بالخارج ونحن واثقون بالاقبال الكبير عليها ومن جانبي تشاركني زوجتي واولادي في صناعة ورق البردي حيث استغل احدي الحجرات بالاضافة للاستعانة بخمس فتيات من القرية والمعروف ان نبات البردي يحتاج الي اسمدة ولكن لا يصرف لنا اي سماد حكومي مما يجعلنا نلجأ للشراء من السوق السوداء الطاق طاقين ونطلب توفير خامات التصنيع من الكلور والبوتاس باسعار مناسبة بعد ان اصبحت اسعاره مضاعفة ايضا. اشار سعيد طرخان الي ان القرية تعدادها 15 الف نسمة ويتبعها 12 عزبة كانت تزرع ما يقرب من 50 فدانا بالماضي وكانت القرية بمثابة خلية نحل ولا يوجد بها اي شاب عاطل بل كانت القرية مقصدا للباحثين عن فرص عمل ايضا وكان الدخل مناسبا للجميع وتوجد عمالة مدربة علي هذه الصناعة ولكن مع تأثر السياحة باحوال البلاد بعد الثورة تراجعت المساحات المنزرعة وهربت العمالة المدربة لتبحث عن فرص عمل اخري ومع استقرار البلاد والنهضة التي تشهدها عاد البعض الي زراعة البردي من جديد نأمل في المزيد لافتا الي المرحوم د. انس مصطفي والذي كان استاذا بكلية الفنون الجميلة احد ابناء القرية هو الذي جلب نبات شتلات البردي للقرية منذ 40 عاما واحيي تراث الاجداد مرة اخري وله الفضل الكبير في تعليم ابناء القرية زراعته وتصنيعه والرسم عليه والشيء الجميل ان نبات البردي يعالج الارض المالحة ويجعلها خصبة ومدته بالارض من اربع الي خمس سنوات وجمعية تنمية المجتمع بالقرية تهتم حاليا بهذه الصناعة وتنمي قدرات العمالة وخلقت منتجات جديدة غير مألوفة مثل الشنط وطاولة ومراكب شراعية واحنا عاوزين منتجاتنا تسافر بره لتميزها وسيكون الطلب عليها غير متوقع.