ابتكاران جديدان لمصانع الانتاج الحربي لتخفيض استهلاك المياه.. الابتكار الأول يحقق تخفيضا يصل إلي 40% والثاني يحقق تخفيضا 75%. الخبر تناولته الصحف صباح الخميس حيث ناقش مجلس الوزراء الابتكارين اللذين تم تنفيذهما في إطار توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي بترشيد استهلاك المياه وهما يدخلان في اطار الابتكارات البسيطة التي تساهم في عملية الترشيد التي نحتاج إليها وبشدة في ظل ندرة الموارد المتاحة من المياه وتراجع نصيب الفرد مقارنة بالمعدلات العالمية. قامت وزارة الانتاج الحربي ممثلة في شركة المعصرة للصناعات الهندسية بالانتهاء من تصنيع العينة الأولية لمنظم توفير المياه بمقاسات مختلفة للعمل علي تقليل المياه المستخدمة بنسبة تصل إلي 75% فضلا عن قيام الوزارة ممثلة في شركة حلوان للصناعات الحديدية بالانتهاء من تصنيع العينة الأولي لمنظم آخر يوفر في استهلاك المياه بنسبة 40%. وجه رئيس الوزراء بأن يكون هناك توعية بمزايا المنظمين الجديدين والتعريف بكيفية استخدامهما في المنازل والهيئات الحكومية. الكلام جيد خاصة ان الدولة تخوض معركة شرسة لتأمين احتياجات مصر المائية.. والمفاوضات تجري مع الجانب الأثيوبي الذي يقوم ببناء سد النهضة للاتفاق علي قواعد ملء الخزان بما لا يضر بمصالح مصر وفي اطار قاعدة لا ضرر ولا ضرار وبما يؤدي إلي طمأنة الشعب المصري علي حصته من الموارد المائية والتي مازالت كما هي عندما كان تعداد مصر لا يتعدي 10 ملايين نسمة وارتفع الرقم إلي مائة مليون والمتوقع ان نصل إلي 170 مليونا عام 2030 فكيف سنتعامل مع هذه المستجدات؟! أقول هذا الكلام لأننا وبصراحة نتعامل مع مواردنا المائية بأساليب بعيدة كل البعد عن طرق الحماية والترشيد بل وفيها تبذير واستهتار شديد يجب وقفه وفورا. كلنا نري كيف يتم القاء المخلفات في المجاري المائية وتلويثها بكل أنواع التلوث.. بل وفي احيان كثيرة يتم ردم اجزاء من حرم هذه المجاري والبناء عليها في غفلة من المسئولين عن حماية هذه المجاري والحفاظ عليها!! وكلنا نري أعمال الهدر في مياه الشرب النقية سواء برشها في الشوارع وفي مداخل المباني أو ترك أدوات السباكة في البيوت والمصالح الحكومية بلا صيانة لدرجة انه يمكن معرفة موقع دورات المياه من الخارج في معظم الشوارع وبالتالي فإننا بهذه الطريقة لا نحافظ علي نقطة المياه التي تمثل الحياة لنا. الغريب ان هذا يحدث عندنا رغم محدودية الموارد ولكن في الخارج وتحديدا في البلاد الأوروبية التي لديها وفرة من المياه نجدهم يحافظون علي الأنهار تماما من أي اعتداء أو تلوث من أي نوع.. بل ويقدمون ارشادات لنزلاء الفنادق لترشيد الاستخدام. اننا نحتاج إلي نشر ثقافة الترشيد والحفاظ علي المياه بين المواطنين.. وأيضا تطبيق القانون وبشكل حاسم ورادع علي كل مخالف ليكون عبرة لغيره. كما أننا نحتاج وبشكل عاجل إلي إعادة النظر في أساليب الري المتبعة بالأراضي القديمة والتي مازالت تروي بأسلوب الغمر رغم ان هناك طرقا حديثة للري بالرش والتنقيط للحفاظ علي المياه وعلي الأرض الزراعية من الأمراض نتيجة سياسة الغمر وعدم تصريف المياه الزائدة. كما أننا في حاجة إلي وضع سياسة جديدة للاستفادة من الأمطار بشكل علمي وعملي بدلا من هدر هذه المياه بلا فائدة.. ونحتاج إلي رفع كفاءة الترع والمساقي وتنظيفها من ورد النيل الذي ينتشر بها ويستهلك كميات كبيرة من هذه المياه بعد ان تركنا هذا النبات ينمو ويترعرع ويسد مساحات كبيرة من المجاري المائية دون ان نفكر في ازالته والاستفادة منه بطريقة علمية. لا يكفي ان تعتمد الدولة نظاما جديدا لتحلية مياه البحر بهدف سد النقص خاصة في الأماكن البعيدة عن مجري النيل وفي المدن الجديدة التي يتم اقامتها ولكن لابد ان يتزامن مع ذلك - وكما قلت - برنامج شامل ومتكامل لنشر ثقافة ترشيد المياه وتحقيق اقصي استفادة من المتاح لدينا وعقاب المخالفين لكل القواعد والشروط بتصريف الصرف الصناعي والاعتداء علي المجاري المائية بأية طريقة من الطرق أو هدر المياه بالشوارع وفي المباني. ساعتها سنقول اننا نحافظ علي النعمة التي منحها الله سبحانه وتعالي لنا.. ولم نهدرها أو نفرط فيها لتزول عنا.. ثم نندب حظنا ونشكو من أننا سنموت عطشا.. فهل تنفذ الحكومة هذه المطالب؟! وهل تعمل في هذا الاطار الذي يفرضه الواقع والمنطق وتعاليم ديننا الذي يمنع الاسراف في مياه الوضوء حتي ولو كنا علي نهر جار؟! بصراحة.. أتمني أن يتم ذلك بإجراءات عملية علي أرض الواقع بحيث نشعر بها جميعا.. ولا يصبح الكلام من المسئولين عن ملفات المياه مجرد شو إعلامي.