الناقد السوري محمد غازي تدمري.. استضافته ندوة قضايا أدبية في حوار حول تجربته الإبداعية والنقدية. والواقع الثقافي العربي لمحمد غازي 33 كتاباً في القصة والنقد والكتب الدينية. وهو عضو محكم في اتحاد الكتاب العربي. ومن أهم مؤلفاته الحركة الشعرية المعاصرة في حمص. ولغة القص. ودفاتر الشعراء. وغيرها. عن البدايات قال -رداً علي سؤال للشاعر مجدي عبدالرحيم- رسبت في الثانوية الصناعية. لأنني لا أفهم في الميكانيكا. طلبت من والدي التحويل للقسم الأدبي. وتعلمت علي أيدي أساتذة لهم مكانتهم في الحياة الثقافية. أذكر منهم الشاعر رفيق خوري الذي عرفت عنه اهتماماته الجادة بالشعر والنحو. والشاعر ناصر الدين فارس الذي أصدر أكثر من دراسة عن أدب الانحطاط. وكانت أول دراسة لي في سن باكرة عن عصر الانحطاط. ربما اقتداء بكتابات أستاذي ناصر الدين فارس. وكانت تكلفة 300 نسخة حوالي 150 جنيهاً بالتمام والكمال. وتنبأ النقاد بأني مشروع ناقد جيد. وإن لم أقتصر في كتاباتي التالية علي النقد. فقد كتبت في القصة القصيرة والدين وأدب الأطفال. وغيرها من مجالات الإبداع. * عن سؤال للأدبية والناقدة مي رفعت: هل هذه أول زيادة لك إلي القاهرة؟ وما انطباعك عن الحركة الثقافية في مصر؟ ** قال: مصر هي نهر الإبداع في كل المجالات. وهذه هي زيارتي الرابعة بدعوة كريمة من د. خالد عزب المسئول بمكتبة الاسكندرية. لاحظ إعجابي المطلق بالحياة الثقافية المصرية. وبالمثقفين المصريين. فدعاني إلي رحلة سنوية أقيم فيها في فندق أم كلثوم. وأتزود من نهر الإبداع الجميل. وقد قرأت في زيارتي الأخيرة أكثر من 30 قصة قصيرة. لاحظت -للأسف- أن غالبيتها كتب باستسهال. فلا عناية بتقنية القص والسرد. والخط الدرامي غائب. والفكرة -في الأغلب- جيدة. لكن اللغة التي يقوم عليها العمل ضعيفة. ولا تتحمل بنية السرد. * سأل الروائي محمد حجاج عن العلاقة بين الإبداع والنقد؟ ** قال غازي: أنا أعتمد علي المرجعية الثقافية وقد قرأت في العديد من المجالات. وجعلت فواصل عن الكتابة. بحيث أضع المبدع دائما هو البداية. ومهمة الناقد وضع النقاط فوق الحروف. وأن يكون موضوعياً وحيادياً. * قال الشاعر أسامة جاد: هل علي المبدع ان يضع الناقد أمام ذهنه عند الكتابة الإبداعية؟ ** قال غازي: بل يترك ذلك للناقد. خاصة الناقد المنصف الذي يعطيه حقه. ولا يكون النقد انطباعاً بل لابد ان يضع الناقد يده علي مواطن القوة. وإبرازها. وتوضيح جوانب الضعف كي يتجنبها المبدع في أعماله التالية. وعلي المبدع -في المقابل- ان يتقبل ذلك. * سأل القاص فرج مجاهد: كيف تكتب القصة. بينما الناقد في الخلفية؟ ** قال غازي: حين أكتب لا يشغلني الناقد بداخلي. وأترك نفسي للإبداع. وإلا أصبحت رقيباً يحد من حرية المبدع. لكن بعد انتهائي من الكتابة ربما أعود إلي القراءة مرة أخري بعين الناقد. وأسأل -بيني وبين نفسي- احياناً كثيرة: لماذا لا ألتزم بما أطلبه من الآخرين في أعمالهم عند نقدي لهم. وبالتالي أكون أشد حرصاً علي خروج العمل بالصورة التي ترضيني. وتجنبني ملاحظات الآخرين. وفي رأيي أن كل مبدع في داخله ناقد. يقرأ ما يكتبه بعد انتهائه. ويتأمله. ويتعرف إلي جوانب القوة والضعف. بحيث ينمي جوانب القوة ويتجنب جوانب الضعف. * سأل الشاعر جمال عبدالعظيم: ما تأثير الصحافة علي كتابة القصة في تجربتك؟ ** قال غازي: منذ 1963 إلي 1995 كتبت خمسة أعمال. وبعده إلي الآن كتبت 17 كتاباً. وأعتقد أن الكتابة الصحفية والنقدية تأخذ كثيراً من وقت المبدع المخصص للإبداع. * سأل القاص عبدالناصر العطيفي: هل القصة القصيرة جداً موضة أدبية؟ ** قال غازي: الواقع أن القصة القصيرة جداً تحتاج نقاشاً ساخناً. فلها شروط ومعايير وقواعد. منها ألا تتجاوز السطرين. وتعتمد علي اللغة. وتبدأ بمقدمة غير متوقعة. وتنتهي بنهاية غير متوقعة كذلك. والمثل هو: قبل ان يقول لها: أحبك. بادرة العطس. فحلم بامرأة أخري. * سألت مي رفعت: ما أوجه التشابه والاختلاف بين جذور الروايتين المصرية والسورية في مطلع القرن العشرين؟ ** قال غازي: لا شك أن بنية الرواية. وتنامي سردها لصالح الكتاب المصريين. رغم أنه لدينا الكثير من الكتاب الجيدين. فإن جذور الرواية في مصر. وهندسة الرواية في مصر. * فماذا عن المغرب العربي. والعراق؟ ** المغرب العربي يتميز بالتجربة النقدية. والتجربة النقدية العراقية أكثر حجماً من التجربة السورية. ثمة عوامل تجعل العراق متصدراً. وإن كان الترتيب -في تقديري- مصر. العراق. لبنان. سوريا. * سأل جمال عبدالعظيم: اين فلسطين: محمود درويش. جبرا إبراهيم جبرا. إميل حبيبي؟ ** قال غازي: الأدب الفلسطيني جيد. لكن أنا هنا أتحدث عن معيار الكم فقط. ومن وجهة نظري. * سألت الروائية والشاعرة مديحة أبوزيد: اين تقف المرأة من حرية الإبداع؟ قال غازي: المرأة المبدعة نشطت في الفترة الأخيرة. لكن مازال الأدب الذكوري في سوريا هو الغالب. ولا يمنع ذلك وجود أسماء نسائية مهمة. ففي بلدان مجاورة لنا مثل لبنان توجد حرية أكثر. ونحن نطالب بإلغاء الرقابة علي الكتب. وعلي الصحف. وفتح الحدود لدخول وخروج الأعمال الأدبية. * ما رأيك في إشكالية الثقافة في الوطن العربي؟ ** المشكلة الأساسية هي قصة الغزو الثقافي. وكيفية الانتباه لها. وتقديم إبداع يمثل الهوية العربية وثقافتنا وموروثنا التاريخي وعاداتنا وتقاليدنا. مع الاهتمام بمواكبة العصر. والاطلاع علي التيارات الوافدة. وصهرها في بوتقتنا العربية.