المناقشة الساخنة في البرلمان حول ملف نقص المياه في ضوء طلبات الاحاطة والمناقشة العامة والاسئلة التي تقدم بها الأعضاء وأكدت وبشكل قاطع وجود مشكلات كثيرة نعاني منها في أزمة المياه ونقص حصة الفرد عندنا عن المعدلات العالمية. وان حل هذه المشكلات يتطلب العمل بشكل جماعي من الحكومة والأجهزة المسئولة كل في اختصاصه ومن جانب المواطن لتعظيم الاستفادة من هذه الثروة وعدم اهدارها بأي شكل من الأشكال. بمعني انه لا يمكن أن نضع أيدينا علي خدودنا ونقول: ماذا فعلت الحكومة؟ أو ماذا ستفعل؟! في الوقت الذي يقوم البعض منا بالاسراف في استخدام الموارد المائية المتاحة سواء بالاهدار السافر لها في غسيل السيارات والشوارع وتنظيف سلالم العقارات والمباني بالخرطوم في هدر غير مسبوق لمواردنا المحدودة.. أو بزراعة محاصيل شرهة للمياه وبالمخالفة لنظام الدورة الزراعية أو بالاعتداء علي نهر النيل نفسه بردم أجزاء من المجري أو بالبناء علي حوافه أو بإلقاء المخلفات الصلبة والسائلة أو القمامة والحيوانات النافقة فيه.. ولا نتحرك كمجتمع لمواجهة مثل هذه التصرفات التي تعد جريمة بكل المقاييس في حق المجتمع وحق انفسنا. لابد ان يكون لدينا ثقافة ووعي للحفاظ علي نهر النيل مصدر الحياة من التلوث ومن سوء الاستخدام.. ولابد أن يكون لدي الدولة خطة وبرنامج لعلاج المشكلات الحالية والمستقبلية ولابد من اقرار قانون يلاحق المخالفين بعقوبات رادعة وزاجرة لكل من فكر في الاعتداء علي النهر أو مياهه أو الاسراف في استخدامها. ولابد ان يكون لدينا برنامج سريع لاتباع وسائل الري الحديثة في أراضي الدلتا القديمة التي مازالت تعتمد علي سياسة الغمر رغم ما يمثله هذا الاسلوب من هدر ومخاطر علي التربة. لقد أعلن د.محمد عبدالعاطي وزير الموارد المائية والري ان احتياجاتنا المائية لتحقيق الاكتفاء الذاتي وعدم استيراد القمح أو البقوليات تصل إلي 114 مليار متر مكعب.. والمتاح لدينا 60 مليار متر مكعب منها 5.55 مليار متر مكعب من نهر النيل والباقي من الأمطار والمياه الجوفية. أوضح ان احتياجات مياه الشرب زادت إلي 12 مليار متر مكعب بخلاف استخدامات الصناعة والزراعة وانه يتم تعويض بعض العجز في الموارد المائية باستيراد بعض المحاصيل من الخارج والتي تحتاج إلي 34 مليار متر مكعب من المياه حال زراعتها بمصر. هذه هي القضية التي يجب أن نناقشها بقلب وعقل مفتوح علي مستوي المواطن والحكومة في آن واحد ومن منطلق الشفافية والوضوح التي تؤكد اننا يجب أن نتحلي بثقافة عدم الاسراف في المياه أو تلويث النهر أو الاعتداء عليه بأي صورة من الصور وأن تقوم الدولة بواجبها في تنمية هذه الموارد وزيادتها لتلبية الاحتياجات المتزايدة عاما بعد عام من خلال سلسلة اجراءات متكاملة. وفي هذا الشأن أعلن الوزير د.محمد عبدالعاطي ان الحكومة وضعت خطة قومية للموارد المائية بتكلفة 900 مليار جنيه وتشارك فيها 9 وزارات وذلك لتنفيذها حتي حلول عام 2050 ومن خلال اربعة محاور تتضمن تنقية المياه بتكلفة تصل إلي 70 مليار جنيه والترشيد في الاستهلاك.. ثم التنمية للموارد المائية وتهيئة البيئة المناسبة للتنفيذ علي أرض الواقع. وبقي ان نري ذلك علي أرض الواقع وان نسرع الخطي للتنفيذ علي كل المحاور والاتجاهات حيث قال سبحانه وتعالي: "وجعلنا من الماء كل شيء حي".. كما أكد الرسول الكريم علي أهمية عدم الاسراف في الماء حتي لو كنا علي نهر جار.. وقديما كان الفراعنة يقدسون النهر.. أما نحن فنفعل به الأفاعيل.. فهل هذا معقول أو مقبول؟! بصراحة لا.. وألف لا.