أتعجب ممن يعلن اندهاشه وصدمته من استخدام أمريكا حق النقض "الفيتو" ضد مشروع قرار مصر الداعي للحفاظ علي الوضع القانوني للقدس وضرورة التزام جميع الدول بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وإعادة التأكيد علي المرجعيات الخاصة بعملية السلام.. العالم كله بمن فيهم المسلمون والعرب كانوا متأكدين أن أمريكا سوف تستخدم الفيتو.. فعلام الدهشة والصدمة..؟؟ أمريكا لم تأت بجديد.. فقد استخدمت الفيتو 43 مرة علي مدي 45 سنة.. أولها عام 1973 وكان يطالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي التي احتلتها واخرها أمس الأول علي حساب الأممالمتحدة الموجودة علي الأراضي الأمريكية وقرارات أممية لم تنفذ إسرائيل منها أي قرار في تحد سافر للدنيا بأسرها. وقانون دولي أعرج أو كسيح يستثني الكيان الصهيوني من التطبيق بغطاء أمريكي سافر. نعم.. أمريكا استخدمت الفيتو من قبل 42 مرة لاجهاض صدور أي قرار ضد إسرائيل في جرائم يندي لها الجبين.. وهذه عينة من عناوين القرارات التي نقضتها واشنطن ومنعت صدورها: حق الفلسطينيين في تقرير المصير والاستقلال والسيادة. إدانة اقامة المستوطنات. المطالبة بفرض عقوبات ضد إسرائيل لضمها الجولان. إلغاء كل الإحراءات المطبقة في الضفة الغربية. إدانة إسرائيل في محاولة اغتيال بسام الشكعة رئيس بلدية نابلس. إدانة الهجوم علي المسجد الأقصي. إدانة الغزو الإسرائيلي للبنان. إدانة اجتياح لبنان. إدانة السياسة التصعيدية في المنطقة. إدانة مذابح صابرا وشاتيلا. إدانة السياسة القمعية وانتهاكات حقوق الإنسان التي تتبعها إسرائيل ضد الفلسطينيين. إدانة خطف طائرة الركاب الليبية. إدانة مصادرة أراضي القدسالشرقية. إدانة اغتيال الشيخ أحمد ياسين مؤسس حماس. إدانة العدوان علي غزة. إدانة تكسير عظام أطفال الانتفاضة.. والقائمة طويلة تضيق بها المساحة. بالله عليكم.. إذا كانت أمريكا قد ساندت إسرائيل في كل هذه الجرائم وغيرها وأغلبها اما جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية.. فهل لعاقل ان يندهش ويصدم عندما تستخدم الفيتو رقم "43" لتحبط به مشروع قرار يحافظ علي هوية القدس..؟؟ ان ما حدث في مجلس الأمن أمس الأول كان صراعاً بين العالم كله ممثلا في "14 دولة" وأمريكا.. وللأسف انتصرت البلطجة والظلم مؤقتاً علي الحق والعدالة والقانون.. أري دموع الفرح في العيون الوقحة الإسرائيلية والأمريكية والشامتة علي السواء.. ولكن من ينظر إلي نتيجة التصويت بعقلانية فعليه ان يفخر ويفرح لعدة أسباب: 1 شجاعة مصر في ان تقف في وجه أمريكا بالحق والمنطق. 2 نجاح مصر في حشد 13 دولة بمجلس الأمن معها دون ان يتخلف أحد منها وبعضها حليف لأمريكا مثل فرنسا وبريطانيا.. وايضا مصر نفسها. 3 القرار المصري الذي ايدته 14 دولة عري أمريكا.. حيث انها استخدمت الفيتو عليه مع انه شبه مماثل لقرار آخر صدر فعلا اواخر عهد أوباما دون ان تستخدم الفيتو ضده بما يعني موافقتها عليه وان امتناعها عن التصويت كان استشعاراً بالحرج من إسرائيل.. قمة الازدواجية الفاضحة و"شخصنة" القرارات الأمريكية. 4 نتيجة التصويت هذه جعلت قرار ترامب الذي يفتقد اصلاً الشرعية والقانون مجرد حبر زفر علي ورق تواليت ومكانه الطبيعي سلة المهملات. 5 من يركز فيما قالته نيكي هيلي مندوبة أمريكابالأممالمتحدة بعد التصويت يدرك جيداً الحالة النفسية السيئة التي اصابت واشنطن.. قالت وهي تدعي الشجاعة والتماسك "لسنا في خجل.. والمفروض ان الدول التي صوتت علي مشروع القرار هي التي تخجل"..!!! هي ليست خجلة من تزييف التاريخ والجغرافيا والتغول علي القرارات الأممية والقانون الدولي وتريد من العالم كله ان يخجل لأنه لم يواكب أمريكا في غيها وظلمها وبلطجتها ووقف مع الحق..!! هل رأيتم بجاحة ووقاحة كهذه..؟؟ الآن.. ماذا نحن فاعلون..؟؟ * أولاً: الاتجاه إلي الجمعية العامة للأمم المتحدة التي لا يوجد بها "فيتو" لاسقاط ورقة التوت الأخيرة التي تداري سوءة أمريكا وتري بعينها حجم من سيقولون لها "لأ". * ثانياً: ان تطلب فلسطين تعديل وضعها في الأممالمتحدة إلي دولة كاملة العضوية. * ثالثاً: انضمام فلسطين لكل المنظمات الدولية.. ولو ترامب "دكر" ينفذ تهديده بالانسحاب منها لأن هذا الانسحاب سيكبد أمريكا خسائر ببلايين الدولارات. * رابعاً: زيارة مايك بنس نائب الرئيس الأمريكي للمنطقة تأجلت إلي يناير القادم لتفادي الغضب العارم المزدوج من قرار ترامب والفيتو.. وبالتالي فإن علي كافة مؤسساتنا ان تعلن بقوة رفضها لهذه الزيارة إذا تحددت والتي وصفها مسئول أمريكي لا يعدو ان يكون "ساعي بريد" لتوصيل رسالة بأنها تشكل "نهاية فصل وبداية فصل جديد" في عملية السلام..!!! يا هذا.. قل لمن كلفوك باطلاق هذا الوصف.. اننا اغلقنا "المدرسة" بكل فصولها.. أمريكا وضعت نفسها في الخندق الإسرائيلي طواعية وبالتالي لم تعد راعياً أو شريكا نزيهاً في عملية السلام. وإذا أرادت العودة كراع وشريك فعليها ان تلغي قرارها رغم انه لا يقدم ولا يؤخر ولن يحقق وضعاً قانونياً علي الأرض. رفعت الأقلام.. وجفت الصحف.