الانتخابات التي تجري اليوم علي منصب مدير عام منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة اليونسكو والتي تخوضها مصر بمرشحتها السفيرة الدكتورة مشيرة خطاب. لا تختلف عن أي انتخابات أخري. في كل انتخابات. هناك منافسة شريفة. وهناك ألاعيب انتخابية.. هناك تربيطات واتفاقات معلنة. وهناك اتفاقات سرية و"شغل" من تحت الترابيزة. في كل انتخابات لا ينجح الأفضل بالضرورة. ولا من تقول استطلاعات الرأي العام أنه فرس الرهان. وإنما لابد من توقع مفاجآت. وتغيير في الحسابات. بالأمس تنازل المرشح العراقي للمنصب ليصبح إجمالي المرشحين سبعة بدلاً من ثمانية منهم ثلاثة من العرب.. هذا يقلل من تفتيت الأصوات العربية. وهو ما يخدم افتراضاً المرشحة المصرية. لاحظ أنه في نفس اليوم. تنازل وزير القوي العاملة المصري محمد سعفان عن رئاسة منظمة العمل العربية لصالح زميله وزير العمل العراقي محمد شياع. وربما. في جولة من جولات الانتخابات اليوم. تنسحب المرشحة اللبنانية لصالح زميلتها المصرية. إذا وجدت أن الأصوات التي ستحصل عليها لا تكفي للوصول إلي المنصب. يبقي في الساحة من المرشحين العرب. المرشح القطري. في تصريحات تليفزيونية لوزير خارجيتنا سامح شكري انفرد بها التليفزيون المصري أمس. وجه الوزير التحية والشكر للعراق علي تنازل مرشحه لليونسكو. وقال عن المرشح القطري إن هناك أقوالاً تتردد بأن قطر تخوض هذه الانتخابات بنفس الأدوات التي خاضت بها المنافسة في الاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا للحصول علي شرف تنظيم كأس العالم .2022 وأظن أن ذلك لا يحتاج إلي تفسير إن تجربة الوزير الأسبق فاروق حسني في انتخابات 2009 علي نفس المنصب لاتزال ماثلة أمام أعيننا.. ليس بالضرورة أن تتكرر.. لكن يجب ألا تغيب عنا دروسها. لقد كان فائزاً بأعلي الأصوات من أول جولة.. ثم خسر بفارق ثلاثة أصوات في آخر جولة. ما الذي يعنيه ذلك ببساطة؟! يعني. بالتعبير الدارج. إن كل ما نبذله من جهد واتصالات منذ فتح باب الترشيح للانتخابات "كوم".. وما يجري فيما بين الجولة الأولي والجولة الأخيرة في التصويت.. "كوم". في جهود واتصالات ما قبل الانتخابات. يجوز الحديث بلغة تاريخ مصر. وحضارة 7 آلاف سنة. وثلث إجمالي آثار العالم. والريادة العربية. ومصر العضو المؤسس لمنظمة الأممالمتحدة وكل ما يتفرع عنها. بما في ذلك اليونسكو.. والإسهامات الثقافية والحضارية.. إلي آخره. في الساعات القليلة اليوم. والفاصلة ما بين الجولة الأولي والجولة الأخيرة في التصويت. يتراجع ذلك كله إلي خلفية المشهد. وتصبح لغة المصالح. وأحياناً لغة المال هي اللغة الوحيدة أو الأولي في حسم النتيجة لصالح هذا المرشح أو ذاك. ربما فاروق حسني هزمه اللوبي الإسرائيلي.. فإسرائيل تعتبره معادياً للسامية نظراً لبعض تصريحاته التي فسرتها علي هذا النحو. ولذلك حاربته في تلك الانتخابات. السفيرة مشيرة خطاب ليس في تاريخها أو مسيرتها العملية ما يثير عداء أي دولة أو جهة لها. ولا حتي الاختلاف المباشر معها.. لكن ذلك لا يجعلنا نطمئن بنسبة مائة في المائة علي النتيجة. الساعات القادمة اليوم تحتاج إلي أشغال شاقة ويقظة كاملة. سواء في القاهرة من وزارة الخارجية. بل والرئاسة إن تطلب الأمر. أو في مقر اليونسكو بباريس. لرصد كل تحرك. والتحسب لأي مفاجأة. والتدخل بقوة لكشف أي ألاعيب. التصويت في هذه الانتخابات سري.. وهذا يسمح لمندوب أي دولة في المكتب التنفيذي للمنظمة أن يعطي لأي مرشح وعداً خارج قاعة الاقتراع. ثم يصوت لغيره من وراء الستار. فلنحذر صفقات اللحظات الأخيرة.