رغم تشرذم العرب وانشغالهم عن قضيتهم الأساسية فقد وجهت منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" صفعة غير متوقعة علي وجه إسرائيل التي تعيش أسعد أيامها مما جعل قادتها يشعرون بالإهانة والخزي والهزيمة. فقد صوتت اليونسكو علي قرار بإدراج مدينة الخليل التي تقع في الضفة الغربيةالمحتلة علي لائحة التراث العالمي. وهو ما يعني اعتراف المنظمة العالمية بأن المدينة أرض فلسطينية محتلة وليس لإسرائيل أي حق فيها. وأن البلدة القديمة والحرم الإبراهيمي منطقة محمية تتمتع بقيمة عالمية استثنائية. كان التصويت علي القرار معركة حقيقية داخل اليونسكو وخارجها. فقد فشلت التربيطات والتهديدات التي قامت بها إسرائيل وأمريكا للحيلولة دون صدور القرار الذي يغل يد سلطات الاحتلال عن إحداث أية تغييرات في المدينة. وصدر القرار بأغلبية 12 صوتا مقابل 3 وامتناع 6 أعضاء عن التصويت. وشهدت جلسة التصويت التي عقدت في بولندا مواجهات ومفارقات عجيبة. كانت أولاها عندما فاجأ مندوب إسرائيل الحضور بدعوتهم إلي الوقوف دقيقة حدادا علي ضحايا اليهود في المحرقة النازية "الهولوكوست" إلا أن مندوبة كوبا رفضت الوقوف. وألقت كلمة نارية عنفت فيها المندوب الإسرائيلي وهاجمت إسرائيل وممارساتها العدوانية في احتلال فلسطين وجرائمها ضد الشعب الفلسطيني بعبارات قوية. ودعت الجميع في المقابل بالوقوف حدادا علي ضحايا الشعب الفلسطيني فقاموا جميعا للوقوف ثم ضجت القاعة بالتصفيق الحاد طويلا تعبيرا عن تأييد القاعة للموقف الكوبي. ورغم هذه الإشارة واضحة الدلالة فقد أبدي المندوب الإسرائيلي انزعاجا شديدا من نتيجة التصويت التي بدا أنه فوجئ بها. وصب جام غضبه علي الدول التي صوتت لصالح الفلسطينيين. خاصة كوبا وألمانيا وبولندا. وكان أكثر ما أثار المندوب الإسرائيلي تغيير طريقة التصويت. فقد قال إنه خلافا للمتفق عليه مع رئيس المنظمة البولندي. الذي تعهد بأن يكون التصويت من خلف الستار. جرت عملية الاقتراع علانية داخل القاعة وأمام العشرات من كاميرات وسائل الإعلام مما أدي إلي منع أية دولة عربية من التصويت لصالح إسرائيل حسب زعمه. وقد أدت صفعة اليونسكو إلي حالة من الغليان داخل إسرائيل التي لم تكن مستعدة لمثل هذه القرارات المعادية وتصورت أن ضعف العرب وتفككهم وانشغالهم جعلها في مأمن من الضربات الدبلوماسية الدولية خاصة أنها تحظي بدعم أمريكي غير محدود تحت رعاية شخصية من الرئيس ترامب. نتنياهو وصف قرار اليونسكو بأنه عدواني سخيف. أما وزير الدفاع أفيجدور ليبرمان فقد اتهم اليونسكو بمعاداة السامية. وقال رئيس حزب "البيت اليهودي" إن علاقة إسرائيل بمدينة الخليل والحرم الإبراهيمي أقوي من قرارات اليونسكو والأممالمتحدة التي لن نكترث بها. ومعروف أن إسرائيل كانت قد قامت منذ بضعة أعوام بتقسيم الحرم الإبراهيمي في الخليل بين المسلمين واليهود وسمحت للمستوطنين باستباحته تحت زعم أن لليهود حقا فيه وسط صمت عربي ودولي. ولذلك كانت صدمتها كبيرة من صفعة اليونسكو المفاجئة.