لم يمر على صفعة اليونيسكو للولايات المتحدة بحرمانها من حق التصويت على قرارات المنظمة الدولية أكثر من ثلاثة أشهر، بسبب امتناع أمريكا وإسرائيل لمدة عامين عن دفع الالتزامات المالية للمنظمة احتجاجًا على اعتراف اليونيسكو بدولة فلسطين عضوًا كاملًا فيها، حتى جاءت صفعة ثانية مزدوجة لأمريكا وإسرائيل معًا بتأجيل معرض «الشعب والكتاب والأرض.. علاقة 3500 سنة للشعب اليهودى مع الأرض المقدسة». قرار اليونيسكو بتأجيل المعرض أثار استياء كل من إسرائيل والولاياتالمتحدة. فقد حثت سامانتا باور سفيرة الولاياتالمتحدة لدى اليونيسكو المنظمة على إعادة التفكير فى قرار تأجيل المعرض الذى كانت تنظمه بالتعاون مع مركز «سيمون فيزنتال» اليهودى. المركز اليهودى لمكافحة «معاداة السامية» وصف قرار التأجيل ب «المشين». تأجيل المعرض اتخذته المنظمة بعد ضغوط وطلب من 22 دولة عربية أعضاء فى المنظمة، بدعوى أن هذا المعرض يعرِّض عملية السلام للخطر. معارك العرب ضد إسرائيل داخل اليونيسكو حلقة من حلقات الصراع العربى الإسرائيلى، أولى هذه الحلقات كانت عام 1974 عندما نزعت عضوية إسرائيل، بسبب الضرر الذى تسببت فيه الحفريات الإسرائيلية للحرم القدسى الشريف، لكن المنظمة أعادت عضوية إسرائيل بعد ثلاثة أعوام نتيجة ضغوط أمريكية قوية. ومع حلول عام 2010 عاد التصادم بين اليونيسكو وإسرائيل للظهور مع إعلان عدد من الأماكن التاريخية فى فلسطين، على أنها مواقع للتراث اليهودى، وهذه الأماكن تضمنت جزءًا من الحرم الإبراهيمى، ويعرف عند اليهود بقبر «راحيل» زوجة يعقوب عليه السلام فى مدينة بيت لحم. وهو ما انتقدته حينها الولاياتالمتحدة نفسها، واعترضت عليه بشدة السلطة الفلسطينية، وعندما تبنى المجلس التنفيذى لليونيسكو قرارًا يؤكد أن الموقعين المذكورين يشكلان جزءًا لا يتجزأ من الأراضى الفلسطينيةالمحتلة، وأكد القرار أن هذه الأماكن لا تحمل قيمة دينية للديانة اليهودية فقط، بل أيضًا لبقية الديانات كالإسلام والمسيحية. قرار تأجيل المعرض انتصار عربى جاء نتيجة التشاور الدائم بين المجموعة العربية فى المنظمة، ولا شك أن وجود السفير سامح عمرو فى رئاسة المكتب التنفيذى لليونيسكو قد دعم هذا التوجه العربى. المعرض الذى تم تأجيله كان من المقرر افتتاحه فى باريس يوم الثلاثاء الماضى، القرار أثار حفيظة إسرائيل، ونقل راديو «صوت إسرائيل» عن السفير الإسرائيلى لدى اليونيسكو نمرود بركان انتقاده الشديد لقرار التأجيل ووصفه بأنه خبيث وغبى، ويبدو أن النمرود فقد أعصابه وسلوكه كسفير وتحدث بلغة الشوارع وهذا ليس غريبًا على إسرائيل ودبلوماسييها، ولا شك أن أمريكا ومعها إسرائيل هى الخاسر سياسيًا ودبلوماسيًا، فالمواقف الأمريكية كان يقوى عزمها فى الماضى أن العالم كان يجاريها، والآن قد تغير العالم وتغيرت النظرة إلى الولاياتالمتحدة من قوة أحادية إلى قوة كغيرها. ونجاح الضغوط العربية داخل اليونيسكو أوضح دليل على ذلك.