* يسأل محمد أنور من الاسكندرية: ما المفهوم الصحيح لفضيلة التواضع في الاسلام؟ ** يجيب الشيخ جميل عبدالحليم جبريل كبير مفتشي أوقاف الجيزة: ليس المقصود بالتواضع في الاسلام هو تنازل الانسان عن جزء من قيمته أو من وضعه الاجتماعي وإنما تتمثل دعوة الاسلام إلي التواضع في قرب الانسان من الناس والتعامل معهم علي أساس انهم يشتركون معه في صفة البشرية وان كانوا يختلفون معه في بعض الامور الاخري التي تعد بطبيعة الحال متغيرة من شخص لآخر. فالتواضع هو احترام آدمية الناس بصرف النظر عن أوضاعهم وانه عكس التعالي والتعالي علي الناس مرض عضال يفتك بصاحبه ويدمر شخصيته وكيانه فضلاً عن كونه يورث المقط والسخط من رب العالمين وقد ورد من الآيات المباركات في القرآن العظيم ما يقص علينا بأن كان جزاء المتكبرين والمتعالين الطرد من رحمة الله ورضوانه. يقول الله تعالي: "قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت من العالين قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين قال فاخرج منها فانك رجيم وإن عليك لعنتي إلي يوم الدين" ولقد كان منهاج أصحاب الرسول صلي الله عليه وسلم من بعده ومنهاج العلماء والائمة والمفكرين بما لديهم من عطاء مشكور كل في تخصصه ومجاله منهاجاً سوياً يبتعد كل البعد عن أي نوع من أنواع التعالي أو التكبر فكانوا امثالاً يقتدي بها ويسار علي نهجها ومن نماذج ذلك ان وفود فارس جاءت إلي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يطلبونه فلم يجدوه في منزله. فقيل لهم: هو في المسجد فأتوه وإذا هو ليس عنده حرس ولا أحد من قواده فقالوا: هذا الملك والله لا ملك كسري. اما المتكبرون الذين نظروا إلي أنفسهم فاغتروا بأعمالهم وبأموالهم أو بأنسابهم أو غير ذلك من النعم الظاهرة فهؤلاء قد صرفهم الغرور عن اصلاح أنفسهم وعن معرلجة مشاكل مجتمعاتهم لانهم قد جعلوا السدود والحدود بينهم وبين الناس وزعموا ان تلك الحواجز هي السبيل لوجودهم ورقيهم!! وهم في الحقيقة لا مكان لهم بين المثابين ولا وجود لهم في قلوب الناس لانهم تكبروا علي خلق الله. * يسأل سيد عيد محمد الجيزة: أدي والدي فريضة الحج هذا العام ولكن قبل وفاته نذر الله تعالي بأن يودي مناسك الحج مرة أخري إن تحقق أمر ما وبالفعل تحقق له هذا الامر غير انه قد مات قبل ان يوفي بنذره فهل سقط عنه هذا النذر؟ ** يجيب: النذر هو ان يفرض الانسان علي نفسه أمراً لم يلزمه به الشرع وحكمه وجوب الوفاء به متي كان صحيحاً وفي طاعة لقوله تعالي: "وليوفوا نذورهم" "الحج: 29" وروي عن عائشة- رضي الله عنها- عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر ان يعصيه فلا يعصيه" أخرجه البخاري. ومن هنا فإذا مات المسلم المكلف وعليه حجة قد نذرها فعلي وليه ان يجهز من يحج عنه من المال الذي تركه مادام الورثة قد علموا بذلك لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما ان امرأة من قبيلة جهينة جاءت إلي النبي صلي الله عليه وسلم فقالت: يارسول الله ان أمي نذرت ان تحج فلم تحج حتي ماتت أفأحج عنها؟ فقال الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم: "نعم حجي عنها. أرأيت لو كان عليها دين أكنت قاضيته؟ نعم فقال صلي الله عليه وسلم: "اقضوا فالله أحق بالوفاء" أخرجه البخاري وفي رواية اخري ان رجلاً أتي النبي صلي الله عليه وسلم فقال: ان أبي مات وعليه حجة الاسلام أفاحج عنه؟ قال أرأيت إن كان أبوك ترك ديناً عليه أتقضيه عنه؟ قال: نعم قال: فاحجج عن أبيك "أخرجه النسائي".