** يجيب الدكتور عثمان عبدالرحمن مستشار العلوم الشرعية بالازهر: العدة ما شرعت احكامها الا وفيها حكمة لان الله تعالي ما ترك لنا امراً من الامور او قاعدة من قواعد التشريع الا وجعل لها حكمة. والغاية من ذلك كله هي مصلحة الانسان والمجتمع ككل. ومن جملة ما شرعه الله تعالي العدة للمرأة التي لم تكن الا لاعتبارات لها اهميتها ومكانتها السامية في الشريعة الاسلامية والمجتمع الانساني ككل ويمكن لنا تحديد الحكمة من فرضية العدة في النقاط الآتية: * اظهار عقد الزواج واحترامه. لان العلاقة الزوجية علاقة مقدسة بين الطرفين غايتها بناء الاسرة فإذا انتهت هذه العلاقة الزوجية بالفرقة وخصوصاً الطلاق الرجعي فإنه لايحق للزوجة مباشرة من التزوج بآخر. وانما لابد لها من التربص والانتظار مدة من الزمن حتي يتمكن الزوج من العودة إلي مطلقته بعد هدوء النفس والتفكير بمتاعب الفراق. وذلك حرصاً من الاسلام علي ابقاء الرابطة الزوجية وتنويها بتعظيم شأن الزواج. فكما انه لاينعقد الا بالشهود. لاينحل الا بانتظار طويل الامد. فمن خلال هذه المدة المحددة شرعاً يستطيع الزوج اعادة زوجته سواء الرجعة في الطلاق الرجعي او من خلال اجراء عقد جديد في الطلاق البائن بينونة صغري وبذلك تظهر تلك الحكمة في اعادة بنيان الحياة الزوجية. * التعرف علي براءة رحم المرأة وخلوه من الحمل لئلا تختلط الانساب. لانه في حال الطلاق قد يعلق يرحمها جنين وهذا لايمكن الوقوف عليه علي وجه اليقين الا بمرور فترة العدة. * للاحداد علي الزوج السابق واظهار التأثر لفقده بالمنع من التزين فلا يصح للحرة الكريمة ان تتزوج فور طلاقها اذ يعد ذلك استهانة بالزواج الاول والعشرة التي قامت فيه وهي تستوجب الوفاء له. فوجبت العدة اظهاراً للحزن. ولهذا جعل الله العدة للمتوفي عنها زوجها اطول من غيرها لان ما يعتري الزوجة من الحزن والكآبة يمتد إلي اكثر من ثلاثة قروء وهي المدة التي تعرف بها براءة الرحم لان براءة النفس من الحزن والكآبة تحتاج إلي زمن اطول. بالاضافة إلي ان التعجيل بالزواج الثاني يسيء إلي اهل الزوج. حتي ان الشافعية قالوا ان المقصود الاعظم من العدة هو حفظ حق الزوج دون معرفة البراءة. ولهذا اعتبرت عدة الوفاة بالاشهر ووجبت العدة علي المتوفي عنها زوجها ولو لم يدخل بها تعبداً ومراعاة لحق الزوج المتوفي عنها. * اما بالنسبة لعدة الصغيرة التي لاتحيض او اليائسة فالشارع جعل عدتها ثلاثة شهور. ليس لاجل براءة الرحم لانها معلومة وظاهرة. بل جعلها لاعتبارات اخلاقية تتعلق باحترام عقد الزواج بالنسبة للمطلقة او للاحداد علي الزوج السابق. فضلا من الغاية الاساسية منها وهي التعبد. وهنالك الكثير من الآيات القرآنية الشريفة الدالة علي وجوب العدة بجميع انواعها علي المرأة عند توافر اسبابها وفي مقدمة هذه الآيات القرآنية قوله تعالي: "يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لاتخرجوهن من بيوتهن ولايخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لاتدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا" "سورة الطلاق: آية 1".