* تسأل حنان.أ.م من الإسكندرية : لقد تقدم الطب كثيراً وأصبح من السهولة بمكان معرفة خلو رحم المرأة من عدمه ومن هنا نسمع أصواتاً تطالب بإلغاء عدة المرأة لأنها تتنافي مع حقوقها العصرية ومن هنا يكون السؤال: لماذا شرع الله تعالي عدة للمرأة؟ ** يجيب الدكتور عثمان عبدالرحمن مستشار العلوم الشرعية بالأزهر: العدة ما شرعت أحكامها إلا وفيها حكمة لأن الله تعالي ما ترك لنا أمراً من الأمور أو قاعدة من قواعد التشريع إلا وجعل لها حكمة والغاية في ذلك كله مصلحة الإنسان والمجتمع ككل ومن جملة ما شرعه لنا الشارع الحكيم العدة للمرأة التي لم تكن إلا لاعتبارات لها أهميتها ومكانتها السامية في الشريعة الإسلامية والمجتمع الإنساني ككل ويمكن لنا تحديد الحكمة من فرضية العدة في النقاط الآتية: * إظهار عقد الزواج واحترامه لأن العلاقة الزوجية علاقة مقدسة بين الطرفين غايتها بناء الأسرة فإذا انتهت هذه العلاقة الزوجية بالفرقة وخصوصاً الطلاق الرجعي فإنه لا يحق للزوجة مباشرة من التزوج بآخر وإنما لابد لها من التربص والانتظار مدة من الزمن حتي يتمكن الزوج العودة إلي مطلقته بعد هدوء النفس والتفكير بمتاعب الفراق وذلك حرصاً من الإسلام علي إبقاء الرابطة الزوجية وتنويهاً بتعظيم شأن الزواج. فكما إنه لا ينعقد إلا بالشهود لا ينحل إلا بانتظار طويل الأمد. فمن خلال هذه المدة المحددة شرعاً يستطيع الزوج من إعادة زوجته سواء الرجعة في الطلاق الرجعي أو من خلال إجراء عقد جديد في الطلاق البائن بينونة صغري وبذلك تظهر تلك الحكمة في إعادة بنيان الحياة الزوجية. * التعرف علي براءة رحم المرأة وخلوه من الحمل لئلا تختلط الأنساب لأنه في حال الطلاق قد يعلق برحمها جنين وهذا لا يمكن الوقوف عليه علي وجه اليقين إلا بمرور فترة العدة. * للإحداد علي الزوج السابق وإظهار التأثر لفقده بالمنع من التزين فلا يصح للحرة الكريمة أن تتزوج فور طلاقها إذ يعد ذلك استهانة بالزواج الأول والعشرة التي قامت فيه وهي تستوجب الوفاء له. فوجبت العدة إظهارا للحزن..ولهذا جعل الله العدة للمتوفي عنها زوجها أطول من غيرها لأن ما يعتري الزوجة من الحزن والكآبة يمتد إلي أكثر من ثلاثة قروء وهي المدة التي تعرف بها براءة الرحم لأن براءة النفس من الحزن والكآبة تحتاج إلي زمن أطول. بالإضافة إلي أن التعجيل بالزواج الثاني يسيء إلي أهل الزوج حتي ان الشافعية قالوا ان المقصود الأعظم من العدة هو حفظ حق الزوج دون معرفة البراءة. ولهذا اعتبرت عدة الوفاة بالأشهر ووجبت العدة علي المتوفي عنها زوجها ولو لم يدخل بها تعبداً ومراعاة لحق الزوج المتوفي عنها. * أما بالنسبة لعدة الصغيرة التي لا تحيض أو اليائسة. فالشارع جعل عدتها ثلاثة شهور ليس لأجل براءة الرحم لأنها معلومة وظاهرة. بل جعلها لاعتبارات أخلاقية تتعلق باحترام عقد الزواج بالنسبة للمطلقة أو للإحداد علي الزوج السابق فضلاً من الغاية الأساسية منها وهي التعبد. وهناك الكثير من الآيات القرآنية الشريفة الدالة علي وجوب العدة بجميع أنواعها علي المرأة عند توافر أسبابها وفي مقدمة الآيات القرآنية قوله تعالي: "يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا" "سورة الطلاق : آية 1".