وقف الذي نحن تحت إمرته منتشياً سعيداً. ظل يحدق في وجوهنا الممصوصة تارة. وتارة أخري إلي اجنحتنا التي ان كبر فيها ريشنا. يصدر علي الفور فرمانه إلي معاونيه بقصه.. عيوننا مسلطة علي ما في يده من طعام. وقبل ان يرميه لنا في إذلال. راح يعدنا- كما اعتاد كل يوم- في بطء وحرص شديدين. وسرعان ما صاح غاضباً بعد ان تغير لون وجهه: حرس. هرعوا إليه قبل ان ينتهي من نطق حرف ال "س". اصطفوا أمامه.. دقات خوف قلوبهم نسمعها بوضوح.. عرقهم المتساقط من وجوههم لم يتوقف لحظة واحدة.. أقدامهم المرتعشة لا تقوي علي حملهم.. صرخ في وجوههم: كيف حدث ذلك..؟! في صمت راحوا يحدقون في بعضهم البعض. غير متفهمين مقصده. عاد يقول متفرساً: كيف استطاع ذلك العصفور الضعيف النحيل الهرب من خلف هذه البيوت المتشابكة من الحديد الشائك..؟! كان وقع المفاجأة عليهم ثقيلاً ثقل الحجر. تتعانق نظراتهم دون أن يتحدثوا إلا في كلام صامت.. راح يدور بطيئاً حول نفسه متسائلاً في غيظ: كيف استطاع الطيران وقد بترت جناحاه..؟! كيف نجح العصفور في التحرر الذي اسميناه نحن بالمستحيل. أذهلنا حقاً تحرر ذلك العصفور الذي هو أضعفنا قوة. وأقلنا حجماً. الاغرب من هذا بتر جناحية لاصراره المتواصل علي أن يعلو صوته. ذلك العصفور الذي كنا دوماً نسخر منه كلما صرخ في شدة ضعفنا بالتحرر لفك هذا القيد ورغم اننا كنا نقابل اصراره الذي لاحد له بالسخرية. إلا ان اصراره راح يكبر ويكبر بداخله حتي نجح في التحرر. تاركاً لنا صدي كلماته التي كان دوما يختم بها حديثه معنا: "ثوروا تصحوا"