إصابة 8 فلسطينيين في قصف مسيرة استهدف خيمة بجامعة الأقصى غرب خان يونس    دعاء صلاة الفجر ركن روحي هام في حياة المسلم    أكاديمية «أخبار اليوم» في ثوبها الجديد.. وفرحة الطلاب ببدء العام الدراسي| صور وفيديو    رئيس مجلس المطارات الدولي: مصر شريك استراتيجي في صناعة الطيران بالمنطقة    اللجنه العامة توافق على اعتراض رئيس الجمهورية على مواد الإجراءات الجنائية    نائب بريطاني يندد باعتراض إسرائيل لأسطول الصمود ويطالب بمعاقبتها ووقف تسليحها    الرئيس الكولومبي ينقض اتفاقية التجارة مع إسرائيل ويطرد دبلوماسييها    البيت الأبيض: مناقشات حساسة تجري الآن بشأن خطة غزة    تجارة الدم العابرة للقارات.. مرتزقة كولومبيا يشعلون جحيم السودان!    4 أهداف.. تعادل مثير يحسم مواجهة يوفنتوس أمام فياريال بدوري أبطال أوروبا    رياضة ½ الليل| هشام يسلف الزمالك.. إيقاف تريزيجيه.. قائمة الخطيب.. والموت يطارد هالاند    موعد مباريات اليوم الخميس 2 أكتوبر 2025.. إنفوجراف    إصابة 4 عمال في حادث تصادم نقل وميكروباص أمام كارتة ميناء شرق بورسعيد    قرار هام بشأن شخص عثر بحوزته على أقراص منشطات مجهولة المصدر بالجيزة    السيطرة على حريق شب داخل مخلفات بعين شمس    زكريا أبوحرام يكتب: الملاك الذي خدعهم    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 للموظفين والبنوك والمدارس بعد قرار رئيس الوزراء    مصرع أمين شرطة وإصابة اثنين آخرين أثناء معاينة جثة سيدة ب "صحراوي" البحيرة    نقل الفنان السوري زيناتي قدسية إلى المستشفى بعد أزمة صحية مفاجئة    الزمالك يفتقد 3 لاعبين أمام غزل المحلة.. ومصير فيريرا على المحك    حماية العقل بين التكريم الإلهي والتقوى الحقيقية    مرض اليد والقدم والفم (HFMD): عدوى فيروسية سريعة الانتشار بين الأطفال    مدير مستشفى معهد ناصر: نستقبل نحو 2 مليون مريض مصري سنويا في مختلف التخصصات الطبية    تحذير لهؤلاء.. هل بذور الرمان تسبب مشاكل في الجهاز الهضمي؟    أكلة مصرية.. طريقة عمل محشي البصل خطوة بخطوة    الخارجية التركية: اعتداء إسرائيل على "أسطول الصمود" عمل إرهابي    «مقتنعوش بيه».. ماجد سامي: كنت أتمنى انتقال نجم الزمالك ل الأهلي    1160 للجنيه دفعة واحدة.. ارتفاع كبير بأسعار الذهب بالصاغة وعيار 21 يسجل رقمًا تاريخيًا    سر ديناميكية هشام أبو النصر محافظ أسيوط    حل 150 مسألة بدون خطأ وتفوق على 1000 متسابق.. الطالب «أحمد» معجزة الفيوم: نفسي أشارك في مسابقات أكبر وأفرح والدي ووالدتي    مايولو: سعيد بالتسجيل أمام برشلونة.. نونو مينديش قام بعمل كبير    جوارديولا: لدينا نقطة وسنحصل عليها    إخماد الحريق الثالث بمزرعة نخيل في الوادي الجديد    الجيش الإسرائيلي: إطلاق 5 صواريخ من شمال غزة واعتراض 4 منها دون إصابات    محافظ الشرقية يكرّم رعاة مهرجان الخيول العربية الأصيلة في دورته ال29.. صور    ركزوا على الإيجابيات.. والدة طفلة «خطوبة في المدرسة» تكشف تفاصيل الواقعة (فيديو)    المطبخ المصري في الواجهة.. «السياحة» ترعى فعاليات أسبوع القاهرة للطعام    انقطاع مؤقت للاتصالات قرب المتحف المصري الكبير.. فجر الخميس    ارتفاع أسعار الذهب في السعودية وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الخميس 2-10-2025    ستاندرد آند بورز: إغلاق الحكومة الأمريكية يفاقم عدم اليقين في التوقعات الاقتصادية    بعد الهجوم الإسرائيلي.. قرار عاجل من أسطول الصمود العالمي بشأن حصار غزة    هيئة مستقلة للمحتوى الرقمي ورقابة بضمانات.. 4 خبراء يضعون روشتة للتعامل مع «البلوجرز» (خاص)    السكر القاتل.. عميد القلب السابق يوجه نصيحة لأصحاب «الكروش»    اعتراضات على طريقة إدارتك للأمور.. برج الجدي اليوم 2 أكتوبر    أول تعليق من رنا رئيس بعد أزمتها الصحية: «وجودكم فرق معايا أكتر مما تتخيلوا»    ماذا كشفت النيابة في واقعة سرقة الأسورة الأثرية من المتحف المصري؟    الإسكان عن أزمة قرية بحر أبو المير بالفيوم: تحركنا لدراسة الوضع ميدانيا    أحمد موسى يوجه رسالة للمصريين: بلدنا محاطة بالتهديدات.. ثقوا في القيادة السياسية    أولى هجمات أكتوبر.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم: أمطار رعدية تضرب منطقتين    «التضامن الاجتماعي» بالوادي الجديد: توزيع مستلزمات مدرسية على طلاب قرى الأربعين    إصابة 9 أشخاص في انقلاب ميكروباص على طريق شبرا - بنها    التجربة المصرية في الاستزراع السمكي محور برنامج تدريبي دولي بالإسماعيلية    أرسنال بالعلامة الكاملة في الإمارات ينتصر بثنائية على أولمبياكوس    تسليم 21 ألف جهاز تابلت لطلاب الصف الأول الثانوي في محافظة المنيا    مدير معهد ناصر: اختيار المعهد ليكون مدينة طبية لعدة أسباب ويتمتع بمكانة كبيرة لدى المواطنين    تعرف على مواقيت الصلاه غدا الخميس 2 أكتوبر 2025فى محافظة المنيا    مجلس الدولة يقرر إعادة توزيع اختصاصات دوائر محكمة القضاء الإداري    مجلس حكماء المسلمين: العناية بكبار السن وتقدير عطائهم الممتد واجب ديني ومسؤولية إنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة قصيرة
ذلك الصوت

‏(1)‏ صو‏..‏صو‏..‏صو‏..‏صو‏..‏صو‏..‏ صوت العصفور أقلق نوم‏(‏ الحاكم‏);‏ حتي جعله يتقلب مرة ومرات‏,‏ ظنا منه أنه حلم أو كابوس‏,‏ فكان لزاما عليه أن يتقلب في فراشه‏..‏ يغير من وضع نومه‏;‏ حتي يهرب من الحلم أو يهرب منه الحلم‏..‏
لحظات وعاد‏(‏ الحاكم‏)‏ يغط في نوم عميق‏..‏
صو‏..‏صو‏..‏صو‏..‏صو‏..‏صو‏..‏
تقلبات الحاكم الكثيرة والمتكررة لم تفلح في التغلب علي زقزقة العصفور المستمرة‏,‏ فتح عينيه في تثاقل شديد
تبسم عندما توقف الصوت تماما فور استيقاظه من نومه غمرته فرحة‏,‏ عندما تأكد أن ذلك الصوت الذي أقلقه في منامه ماهو إلا كابوس يخاف أن يزوره مرة أخري
صو‏..‏ صو‏..‏ صو‏..‏ صو‏..‏ صو
اهتز قلب‏(‏ الحاكم‏)‏ بشدة‏..‏
انتفض من مكانه جالسا علي حافة السرير‏..‏
غاضبا راح يتلفت بعينيه في أرجاء الحجرة باحثا عن مصدر ذلك الصوت الذي أزعجه بشدة‏..‏
جن جنونه‏,‏ عندما توقفت عيناه علي العصفور الواقف في حرية علي حافة الشرفة المفتوحة‏,,‏
صو‏..‏صو‏..‏صو‏..‏صو‏..‏صو‏..‏
زقزقات العصفور الخارجة في قوة راحت تشكل احرفا‏..‏
تلك الأحرف التي راحت تلتصق ببعضها البعض حتي خرجت كلمات أغنية جميلة تلك الأغنية التي لم تعجب‏(‏ الحاكم‏)‏ وسرعان ما ركبته شياطين الإنس والجن‏..‏
وقف‏(‏ الحاكم‏)‏ مذهولا متسائلا‏:‏
من سمح لذلك العصفور أن يغني هكذا في حرية مطلقة دون أن يأخذ تصريحا مختوما باسمي‏...‏ ؟‏!‏ ألم يعلم أني الحاكم‏..‏ الحاكم بأمري دون غيري‏..‏؟‏!‏
صو‏..‏صو‏..‏صو‏..‏صو‏..‏صو‏..‏
زقزقة العصفور أشعرت‏(‏ الحاكم‏)‏ بشدة ضعفه‏,‏ ومن ثم راحت الاسئلة تخرج من رأسه طازجة‏..‏ سريعة‏...‏ متتالية كطلقات رصاص‏:‏
لقد نجحت في اسكات الاصوات‏..‏ كل الاصوات في المدينة فكيف خرج صوت ذاك العصفور‏..‏ ؟‏!‏ كيف‏..‏؟‏1‏ كيف‏...‏؟‏!‏
أنا الذي أصدرت أوامري التي لا تقبل الشك أو التراجع علي كل سكان المدينة‏..‏ كبرائها وصغرائها فارضا عليهم عدم فتح أفواههم‏,‏ إلا عند شرب الماء وأكل الطعام فقط‏;‏ بعدما نجحت فكرتي في وضع أشرطة لاصقة من البلاستيك علي أفواههم جميعا‏,‏ حتي أتقنوا لغة إشارة الحديث فيما بينهم‏..‏
صو‏..‏صو‏..‏صو‏..‏صو‏..‏صو‏..‏
صوت العصفور يخرج في سعادة حرا طليقا‏,‏ يرفرف بجناحيه اغتاظ‏(‏ الحاكم‏)‏ بعد شعوره أنه مهزوم‏..‏ هزمه صوت ذلك العصفور الصغير الحجم‏..‏ في تلصص راح‏(‏ الحاكم‏)‏ يخطو خطوات بطيئة علي أطراف أصابعه‏,‏ وفي اللحظة المناسبة التي خيلت إليه نفسه أنه يستطيع أن يمسك العصفور بين يديه‏;‏ كي يقتل فيه صوته‏..‏
صو‏..‏صو‏..‏صو‏..‏صو‏..‏صو‏..‏
طار العصفور في الهواء يغرد في حرية‏..‏جن جنون‏(‏ الحاكم‏)‏ عندما أمسك بين يديه الهواء‏..‏ دفعه غضبه الشديد لكسر المرآة‏..‏ رأي شدة ضعفه تتربع في المرآة‏..‏ أحس برأسه ينشطر نصفين دون ألم‏..‏ في عصبية شديدة ضغط بإصبعه فوق الزر الكهربائي‏,‏ ولم يرفعه إلا عندما رأي حاجبه يقف أمامه‏,‏ وهو يردد في خوف نعم‏..‏ نعم سيدي الحاكم قال الحاكم وعيناه مازالتا تحدقان في المرآة‏,‏ يري فيها وجهه المنشطر لنصفين‏:‏
في التو واللحظة اجمع لي الوزراء‏..‏
تعجب الحاجب الذي ألجمه أمر‏(‏ الحاكم‏),‏ والذي جعله يقف صامتا‏,‏ لا يقدر علي قول شيء‏..‏ فليس اليوم يوم اجتماعات
صرخ‏(‏ الحاكم‏)‏ في وجه الحاجب‏:‏
أسمعتني‏..‏؟‏!‏
نعم‏..‏
حاضر‏..‏ حاضر سيدي الحاكم
‏(2)‏
الوزراء اجتمعوا منتظرين قدوم‏(‏ الحاكم‏),‏ الذي تأخر كثيرا يلفهم صمت مؤلم‏..‏يحدقون في وجوه بعضهم البعض يضربون أخماسا في أسداس‏..‏يرجون الوصول لسبب‏..‏ سبب واحد فقط لهذا الاجتماع المفاجئ الذي لم يحدث من قبل
أوووووف
غاضبا جلس‏(‏ الحاكم‏)‏ وسط وزرائه في توتر شديد‏..‏ هذه التوتر الظاهر بقوة جعل الوزراء يتصببون عرقا‏..‏
غاصت عيناه في وجوههم‏,‏ ثم قال في عصبية‏:‏
عليكم وضع الشريط اللاصق فوق أفواه كل العصافير‏..‏ كل طائر طير بجناحيه مغردا في الهواء‏..‏ لم يجد واحد من الوزراء إجابه يرد بها علي‏(‏ الحاكم‏)‏ غير أنهم راحوا يتبادلون النظرات فيما بينهم‏..‏ صرخ الحاكم‏:‏
لم أسمع منكم سمعا وطاعة سيدي الحاكم‏..‏
في خوف وفزع رد رئيس الوزراء‏:‏
لن نستطيع سيدي الحاكم و‏....‏
في حدة قاطعة‏(‏ الحاكم‏)‏ بقوله‏:‏
كيف تجرؤ أيها الوزير علي قول هذه الكلمة في وجهي؟‏!‏
متعللا راح يشرح رئيس الوزراء موقفه‏:‏
سيدي الحاكم عندما أمرت بوضع شريط لاصق علي أفواه كل سكان المدينة كان هذا الأمر بسيطا لأنهم يمشون علي الأرض وقد ساعدنا في تنفيذه طاعة سكان المدينة فكيف لنا أن نضع شريطا لاصقا علي منقار كل طائر في الهواء ونحن لا نملك الطيران مثلهم؟‏!‏ غاضبا قام‏(‏ الحاكم‏)‏ من مكانه ضاربا بيديه مائدة الاجتماعات المستديرة وهو يرد في كبرياء وغرور‏:‏
أنا لا أريد صوتا يعلو فوق صوتي‏..‏ أنا لا أريد صوتا غير صوتي‏.‏
كلمات الحاكم الغاضبة الخارجة في قوة جعلت المكان يهتز وجعل الخوف يسري في عروق الوزراء‏.‏
قال رئيس الوزراء في توتر‏:‏
ن‏..‏ ن‏...‏ نقتلهم‏.‏
تبسم‏(‏ الحاكم‏)‏ في وجه رئيس الوزراء بعد أن أستحسن فكرته التي أعجبته بشدة وراح يقول علي اثرها منتشيا سعيدا‏:‏
جميل‏..‏جميل جدا‏.‏
اقتلوا كل العصافير‏..‏ كل الحمام‏..‏ كل طائر يطير في الهواء أنا لا أريد صوتا يعلو فوق صوتي‏..‏
هاء‏..‏ هاء‏..‏ هاء‏..‏ هاء
‏(3)‏
شوارع المدينة صارت بحرا من الدماء‏,‏ راحت تسبح فيها أقدام عسكر الحاكم‏..‏ جثث القتلي من العصافير والحمام منتشرة بكثرة في كل مكان‏..‏ لم يطمئن‏(‏ الحاكم‏)‏ لتنفيذ أوامره كعادته فراح يطوف الشوارع منتشيا سعيدا‏,‏ يتفقد أحوال جنوده‏..‏
رفع رأسه في تعال ينظر إلي صدر السماء تارة وتارة ثانية يحدق في تلك الأشجار العالية الخالية من جالسيها‏,‏ وتارة أخري ينظر اسفل قدميه حيث العصافير الغارقة في دمائها‏.‏ تبسم ابتسامة الواثق وسرعان ما راح ساخرا يقول‏:‏
صو‏..‏ صو‏..‏ أين أصواتكم‏...‏؟‏!‏ أين اجنحتكم‏..‏؟‏!‏
أين حرياتكم‏...‏ ؟‏!‏أين أنتم الآن‏..‏ ؟‏!‏ هاء‏..‏هاء‏..‏هاء مصيركم تحت قدمي‏..‏
‏(4)‏
راح يرتشف بشدة من كأس حمرة النوم‏..‏ ينام‏..‏ ليستيقظ‏...‏ منتشيا سعيدا يقوم‏(‏ الحاكم‏)‏ من سريره كعادته بعدما نجح في إسكات الأصوات‏..‏ كل الأصوات‏..‏ دفعه غروره إلي أن ينظر من شرفة حجرة نومه‏..‏ يغرس عينيه في صدر السماء الصافية‏..‏ ثم ينظر إلي الأجساد الهزيلة التي راحت تتخبط في بعضها البعض وهم يتحاورون بلغة الإشارة التي اصطنعها لهم ونجحوا في اتقانها بدرجة جيدة جدا كعادتهم دائما في تنفيذ الأوامر‏.‏
هاء‏..‏ هاء‏..‏ هاء‏...‏هاء‏..‏ هاء
‏(5)‏
صو‏..‏ صو‏..‏صو‏..‏ صو‏...‏صو‏..‏
الصوت الخارج في قوة‏,‏ راح يقلق نوم‏(‏ الحاكم‏)‏ الذي ظل يتقلب طويلا‏..‏ طويلا علي جنبيه لعله يخلد إلي نومه‏..‏ فتح عينيه‏..‏ فليس هناك حل آخر غير الاستيقاظ‏,‏ ومن ثم الخروج من حلمه وعودته مرة أخري لنوم هادئ‏..‏ راح يحدق في سقف الحجرة وهو غارق في رسوماته الفرعونية للحظات كعادته‏;‏ تأهبا للنوم‏.‏
رويدا‏..‏ رويدا‏..‏ راحت عيناه في نعاس تام‏..‏ دخل علي الحاكم مسرعا مقتحما باب نومه بكل قوته‏..‏
صو‏..‏ صو‏..‏صو‏...‏ صو‏..‏ صو
فزعا قام من نومه واضعا يده فوق أذنيه‏,‏ رافضا وبشدة سماع ذلك الصوت‏.‏
صو‏..‏ صو‏..‏صو‏...‏ صو‏..‏ صو
التفت ناحية نافذة الحجرة‏..‏
منتشيا سعيدا كعادته‏,‏ راح العصفور يحدق في وجه‏(‏ الحاكم‏)‏ الذي استشاط غيظا‏..‏ ضاربا كفا بآخر سائلا نفسه في عجب‏:‏
أنت لم تمت بعد‏..!!‏ ولماذا لم تمت‏..‏؟‏!‏
صو‏..‏ صو‏..‏صو‏...‏ صو‏..‏ صو
صرخ‏(‏ الحاكم‏)‏ مناديا علي حارسه القابع كالتمثال امام باب حجرته فحضر مسرعا يسبقه إلي‏(‏ الحاكم‏)‏ خوفه الشديد أشار إليه بقتل العصفور‏..‏
صو‏..‏ صو‏..‏صو‏...‏ صو‏..‏ صو
طار العصفور فاردا جناحيه حرا طليقا وهو يغرد في سعادة طلقات الحارس لم تتوقف مازالت تخرج تباعا لكنها لم تصب العصفور بأذي‏.‏ جن جنون الحاكم‏..‏ صرخ في وجه الجندي‏:‏
كيف لم تقتله‏..‏؟‏!‏
أجاب الجندي في هلع‏:‏
صوته ونظرته الحادة جعلاني غير قادر علي التصويب‏..‏
راح الحاكم يفكر‏..‏ ويفكر في أمر ذلك العصفور الذي أزعجه كثيرا‏:‏
ما من طائر يطير بجناحيه في الهواء إلا اسقطته طلقات جنودي‏..‏ فكيف هذا العصفور لم يمت‏..‏ ؟‏!‏ ولماذا هو بالتحديد‏..‏؟‏!‏ لماذا يقصدني بتغريده‏..‏؟‏!‏ لماذا‏..‏ ؟‏!‏لماذا؟‏!‏
صرخ في وجه حارسه الذي انتفض في مكانه مغتسلا في عرق خوفه من جراء حديث الحاكم بينه وبين نفسه بصوته المرتفع قائلا‏:‏
عليك أن تجمع لي أمهر الجنود الذين لا تخطئ طلقاتهم النارية‏,‏ ووضعهم أسفل الشرفة متخفين‏,‏ وحين يأتي العصفور العنيد يطلقون عليه نيرانهم‏..‏
قال الحارس في خوف‏:‏
حاضر‏..‏حاضر سيدي‏..‏
هم الحارس بالانصراف‏..‏ أوقفته كلمات الحاكم‏:‏
انتظر‏..‏
قالها‏(‏ الحاكم‏)‏ فتسمر الحارس في مكانه‏.‏ يرتجف جسده خوفا‏:‏
أخبر الجنود أن‏(‏ الحاكم‏)‏ يأمركم ممنوع النوم‏..‏ ممنوع الهمس‏..‏ حتي يأتوا لي برأس ذلك الملعون الصغير‏..‏ أسرع الجندي يلبي أوامر سيده وهو يردد في آلية منتظمة‏:‏
حاضر‏..‏ حاضر سيدي‏..‏
‏(6)‏
ينام‏(‏ الحاكم‏)‏ هانئ البال‏..‏
يستيقظ منتشيا سعيدا‏..‏
من خلف شرفته راح يطلق سهام نظراته في صدر السماء الصافية ثم ينظر إلي عيون بنادق جنوده اليقظة المرابضة أسفل حجرة نومه‏;‏ تنتظر في حذر قدوم ذلك العصفور‏..‏ راح يحدث نفسه في غمرة من السعادة‏:‏
تمام‏..‏ تمام كما أمرتهم‏..‏
‏(7)‏
استيقظ‏(‏ الحاكم‏)‏ من نومه فزعا علي صوت طلقات النيران‏..‏ راح يستطلع الأمر من خلف شرفته‏..‏
لقد نجح جنوده في اسقاط ذلك العصفور الذي راح يتهاوي في الجو ساقطا علي الأرض غارقا في دمائه وهو مازال يرفرف بجناحيه أمر جنوده بوقف ضرب النار‏.‏
نزل اليهم مسرعا تأكل قدماه في سعادة عتبات السلم‏..‏
وقف امام العصفور الغارق في دمائه‏..‏
منتشيا سعيدا راح يحدق في عين العصفور
تقابلت الأعين
العصفور لم يخف أو يتراجع عن عناده وبرغم الدم النازف منه بكثرة إلا أنه راح يصارع الموت بزقزقاته‏..‏
صو‏..‏ صو‏..‏صو‏...‏ صو‏..‏ صو
صوت العصفور الخارج في بطء وتثاقل شديدين أشعر الحاكم بشدة ضعفه‏..‏
علي الفوز انتزع‏(‏ الحاكم‏)‏ بندقية أحد الجنود وراح يصوبها نحو رأس العصفور‏;‏ حتي يرهبه ويوقف صوته‏.‏
صو‏..‏ صو‏..‏صو‏...‏ صو‏..‏ صو
خرجت الطلقات قوية متتالية من فوهة بندقية‏(‏ الحاكم‏);‏ حتي توقف صوت العصفور تماما‏;‏ بعد أن فصلت الطلقات رأسه عن جسده‏,‏ صعد إلي حجرته فخورا بما فعله‏.‏
رمي بجسده المتعب فوق سريره وهو يردد‏:‏
لا صوت يعلو فوق صوتي‏..‏ لا صوت يعلو فوق صوتي‏..‏
‏(8)‏
صو‏..‏ صو‏..‏صو‏...‏ صو‏..‏ صو
فزعا انتفض‏(‏ الحاكم‏)‏ من نومه التفت ناحية الشرفة حيث مكان العصفور الذي لم يجد له أثرا أمر جنوده المرابطين أسفل حجرته ان طلقوا نيرانهم في قلب الفضاء‏.‏
عاد إلي سريره‏..‏
راح يرتشف بشدة من كأس حمرة النوم‏..‏
صو‏..‏ صو‏..‏صو‏...‏ صو‏..‏ صو
كابوس صوت العصفور راح يجثم علي صدره كاتما انفاسه كلما خلد للنوم‏..‏
جسده يتوق إلي النوم لكن عقله يأبي الانصياع‏..‏
راح يضرب رأسه بشدة وهو يردد صارخا في هيستيرية‏:‏
صو‏..‏ صو‏..‏صو‏...‏ صو‏..‏ صو
أوقفوا ذلك الصوت‏..‏ أوقفوا ذلك الصوت‏.‏
محمد أحمد علي
فاقوس شرقية

إضافة تعليق

البيانات مطلوبة

اسمك
*


بريد الالكترونى *
البريد الالكتروني غير صحيح

عنوان التعليق *


تعليق
*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.