في اجراء شديد الطرافة وافقت اللجنة الاقتصادية بالبرلمان أول أمس علي اتفاقية قرض صندوق النقد بقيمة 12 مليار دولار. وطبعاً هذه الموافقة الميمونة تحصيل حاصل لأن القرض تم اقراره في 11 نوفمبر الماضي بعد نحو اسبوع من تعويم سعر الصرف. وتم بالفعل الافراج عن الشريحة الأولي للقرض بنحو 75.2 مليار دولار ومن المنتظر صرف الشريحة الثانية خلال أسابيع. دون موافقة البرلمان التي يشترطها الدستور في مثل هذه الاتفاقيات الدولية. ومنذ أيام وفي مؤتمر "حوار مع الحكومة" فاجأنا عمرو الجوهري وكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب أن البرلمان علم بتفاصيل الاتفاق من الموقع الالكتروني لصندوق النقد الدولي وليس من جانب الحكومة التي وافقت ونفذت الاتفاق قبيل طرحه علي المجلس. وقال الجوهري أن البنك المركزي وضع الشريحة للقرض في حساب مجنب ولم تدخل موازنة الدولة لحين اقرارها من البرلمان!!! وخلال جلسة اللجنة الاقتصادية المخصصة لمناقشة الاتفاق قال النائب أحمد فرغلي. أمين سر لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب. انه من أشد المتحمسين لاتفاقية صندوق النقد الدولي. لكن الحكومة خالفت الدستور بالحصول علي نسبة من الشريحة الأولي للقرض قبل عرض الاتفاقية علي البرلمان. وهذا إما عدم احترام للمجلس أو عدم احترام للدستور. وعندما رد عليه وزير المالية عمرو الجارحي أن الوزارة تحترم البرلمان والدستور قال النائب فرغلي "بالفعل وليس بالقول سيادة الوزير". والحقيقة أن مخالفة الدستور من جانب الحكومة لم يعد يمثل أمراً جللاً. بعد أن تكررت هذه المخالفات وأشهرها موافقة الحكومة علي اتفاق "تيران وصنافير" دون إعمال للدستور الذي ينظم مثل هذه الاتفاقيات ثم قامت الحكومة بعد توقيع الاتفاق بشهور باحالته للبرلمان!!! وقبيل مقدم بعثة صندوق النقد لاجراء المراجعة الأولي للاتفاق الشهر المقبل استعدت الحكومة لاتخاذ عدد من القرارات التي تسميها "القرارات المؤلمة" التي تثبت للصندوق مضيهاً قدماً في برنامج الإصلاح وهي القرارات التي تلقي مزيداً من الأعباء المعيشية الجديدة علي المواطنين. من هذه القرارات زيادة تذكرة مترو الانفاق بنسبة 100% وهو وسيلة الانتقال الشعبية التي يستقلها شرائح الشعب محدودة الدخل. فيما تنتظرنا زيادة جديدة لأسعار الكهرباء في يوليو المقبل. فضلاً عن زيادة مرتقبة في الطاقة وما يترتب عليها من زيادات في وسائل الانتقال وفي أسعار السلع والخدمات والتي سجلت ارتفاعات كبيرة خلال الشهور الأخيرة علي خلفية تعويم الجنيه وتطبيق ضريبة القيمة المضافة وانعدام الرقابة علي الأسواق. طبعاً لا نتوقع مطلقاً من الحكومة اتخاذ اية اجراءات خارج هذا المسار الذي يبدو اجبارياً. فلم نسمع عن زيادة سقف ضريبة الدخل أو التحول للضريبة التصاعدية ليسهم الأثرياء ورجال الأعمال والمستثمرين بنصيب أكبر في زيادة موارد الدولة خاصة وأن الضريبة المفروضة عليهم لا تتجاوز 5.22% بزيادة 2.5% فقط عن سقف الضريبة التي يدفعها الموظفون والطبقة الوسطي. ولم نسمع عن التحول للضريبة التصاعدية أو تفعيل ضريبة الأرباح الرأسمالية. أيضاً لا نتوقع من الحكومة أي اجراءات لضبط الأسواق أو توفير السلع بسعر يتناسب مع دخل المواطن الذي فقد أكثر من نصف قيمته. لكننا نتوقع أن تكون القرارات المؤلمة من نصيب الفقراء فقط.