لم يترك الرئيس الأمريكي. دونالد ترامب. فرصة للعداء مع شخص أو جهة إلا واغتنمها. وكأنه يهوي صنع الأعداء ويسعد بالدخول في معارك. سواء أكانت هذه المعارك وهمية أم حقيقية! ولعل الكثيرين سمعوا وقرأوا عن مشكلة ترامب مع وسائل الإعلام وما ترتب علي ذلك من تداعيات. أري أنه كان الخاسر الأكبر فيها! وقد ساءت العلاقة بين ترامب ووسائل الإعلام. لدرجة أنه منع العديد من وسائل الإعلام العالمية من حضور مؤتمراته الصحفية. ومن بين هذه الوسائل صحيفة نيويورك تايمز وشبكتا سي إن إن وبي بي سي. ولا جدال في أنك عزيزي القارئ قد اعتراك شعور بالدهشة والذهول لدي علمك بأن ترامب قد دخل في عداء مع مثل هذه الوسائل الإعلامية عميقة التأثير. ومنعها من حضور مؤتمراته الصحفية! والحقيقة التي لا مراء فيها. أن الإعلام الأمريكي. بشكل خاص. والغربي. بشكل عام. له تأثير كبير في الجماهير ويسهم بقدر هائل في تشكيل الرأي العام. ومن هنا يأتي الشعور بالدهشة والغرابة لدخول ترامب حالة من العداء الصريح والمباشر مع عدد من أهم وسائل الإعلام العالمية وربما كان ترامب يري من وجهة نظره أن هذه الوسائل قد أساءت إليه بشكل متعمد أو تجاوزت في حقه. لكن في هذه الحالة كان يجب علي الرئيس الأمريكي أن يلجأ إلي القضاء إذا ما كان هناك تجاوز أو إساءة متعمدة إلي شخصه. بدلا من أن يمنع هذه الوسائل من حضور مؤتمراته الصحفية! وقد دفعت تصرفات ترامب الصحافة ووسائل الإعلام. التي أعلن عداءه لها. إلي التربص له وتصيد أخطائه أكثر وأكثر. وتوجيه انتقادات حادة ولاذعة لسياساته. خصوصاً وأنه يتسم بالاندفاع والتهور والتناقض في كثير من أقواله وأفعاله. ومن بين ما نشر حول موقف ترامب من الصحافة ووسائل الإعلام. وما كتبه سيمون كيلنر في صحيفة آي البريطانية تحت عنوان: "خطة ترامب لتقويض الصحافة .. مكر شيطاني"!. ويقول كيلنر ان دور الحكومة والصحافة يجب أن يكون واضحاً. فالحكومة تمثل النخبة والصحفيون يمثلون المعارضة. الحكومة هي المطبخ والصحفيون هم المتذوقون. الحكومة هي السلطة والصحفيون هم المحققون. ويقول إن ترامب يريد تشويه الحقائق. واستطاع تقديم الصحافة باعتبارها أداة في يد الحكومة. تسعي وراء أجندتها الخاصة. ويريد الظهور بأنه الفارس المغوار الذي لا يريد أن تقوده المؤسسات الكبري. الليبرالية في جوهرها. وأنه يعمل بجد لخدمة مصالح المواطن الأمريكي العادي. وبغض النظر عن رأي الكاتب البريطاني في موقف ترامب من الصحافة ودوافعه لكتابة هذا المقال. يثور السؤال: من الذي تضرر من قرار ترامب الذي منع صحفا وشبكات اخبارية بعينها من حضور مؤتمراته الصحفية؟ الحقيقة أن ترامب تسبب في انقاذ هذه الوسائل الإعلامية من أزمتها. فالصحف الورقية زاد توزيعها بنسبة كبيرة. وزادت فيها المساحات الإعلانية. كما زاد عدد مشاهدي القنوات التليفزيونية. وخصوصا قنوات الكيبل. التي تقدم خدماتها للمشاهدين مقابل اشتراكات محددة. وزاد إقبال المعلنين عليها. وليس بغريب أن يحدث ذلك. فالممنوع مرغوب. كما يقولون. ومن هنا جاء الإقبال علي وسائل الإعلام الممنوعة من حضور مؤتمرات ترامب. وكما سبق القول. فقد ازدادت هذه الصحف والقنوات التليفزيونية شراسة وضراوة في البحث عن الثغرات التي يمكن الوصول إليها لمهاجمة ترامب وانتقاد سياساته! والمؤكد أن الإعلام الغربي. بشكل عام. يعرف جيداً دوره ولا يتجاوزه ولا يجرؤ علي نشر أخبار أو تقارير مغلوطة. خصوصا فيما يتعلق بالمجتمعات الغربية نفسها. نظرا للعقوبات القانونية المشددة التي تفرض غرامات وتعويضات باهظة علي الصحفي أو الصحيفة. قد تؤدي إلي إفلاسها. في حالة نشر الأكاذيب أو التجني علي أي شخص. سواء أكان مسئولاً أو مواطناً عادياً. لكن يبدو أن ترامب رئيس الدولة التي يقال انها راعية الحرية والديمقراطية في العالم لا يطيق النقد ولا يقبل بوجهة النظر الأخري!