الكاميرون كلها تتحدث عن "فابريك أوندو" حارس مرمي منتخبها. منذ عودة المنتخب بكأس بطولة الأمم الإفريقية لكرة القدم. بعد تغلبه علي منتخبنا في النهائي بالجابون بهدفين مقابل هدف. لكن حديثهم عن "أوندو" لا يدور حول براعته في حماية مرماه علي مدي مباريات البطولة. ولكي نتعرف علي موضوع حديثهم. يحتاج الأمر إلي بعض المعلومات الرئيسية عن الكاميرون. فالكاميرون 20 مليون نسمة تقع بين غرب ووسط إفريقيا. وخضعت للاستعمارين الفرنسي والإنجليزي قبل أن تحصل علي استقلالها عام .1960 وقد سيطر الإنجليز علي الجزء الغربي منها. المتاخم لنيجيريا. بينما احتل الفرنسيون بقية البلاد. وعندما استقلت. كانت قد انقسمت إلي 10 مقاطعات.. ثماني منها تتحدث الفرنسية وتضم 80% من السكان. واثنتان تتحدثان الإنجليزية. وهما الشمال الغربي والجنوب الغربي اللتان تواجد فيهما الاحتلال الإنجليزي. وتضمان 20% الباقية من السكان. فابريك أوندو. حارس مرمي المنتخب الكاميروني ينتمي إلي إحدي المقاطعتين الأخيرتين. وهي الشمال الغربي. حيث مسقط رأسه في مدينة "باميندا" كبري مدن المقاطعة. ومنذ استقلال الكاميرون عام 1960. وهناك مشكلة كبري تتعلق بأن الأغلبية المتحدثة بالفرنسية من السكان تتعامل مع سكان المقاطعتين المتحدثين بالإنجليزية كأقلية مهمشة وتنظر إليهم كمواطنين من الدرجة الثانية. أو هكذا يشعر السكان. رئيس الجمهورية "بول بيا" الذي يحكم البلاد منذ عام 1982 حتي الآن ينتمي إلي الأغلبية المتحدثة بالفرنسية. وكذلك رئيس الوزراء الموجود منذ عام .2009 أما مجلس الوزراء الذي يضم 60 وزيراً. فلا يوجد به سوي وزير واحد من المتحدثين بالإنجليزية وبقية المجلس ينتمون إلي الأغلبية. وفي الفترة الأخيرة بدأت الحكومة ترسل معلمين من الأغلبية إلي مقاطعتي الأقلية. في محاولة اعتبرها سكان المقاطعتين تستهدف طمس هويتهم وتعليم أطفال المدارس اللغة الفرنسية والقضاء علي الإنجليزية. وخلال مباريات البطولة الإفريقية. كانت مظاهرات الاحتجاج تجتاح المقاطعتين. وتصل أصداؤها إلي العاصمة "ياوندي". مما دفع الحكومة لاعتقال مئات المحتجين. وتوجيه الاتهامات لهم بالإرهاب. وبينهم نشطاء بارزون. وهو اتهام عقوبته في القانون الكاميروني.. الإعدام. ومع عودة المنتخب بكأس البطولة. ولدي الاستقبال الهائل الذي لقيه. أعلن حارس المرمي "أوندو" علي الهواء مباشرة في التليفزيون الحكومي باللغة الإنجليزية تضامنه مع "إخوانه" المتظاهرين في المقاطعتين التي ينتمي إلي إحداهما. وقال بكلمات واضحة: أهدي البطولة إليكم.. أنا من باميندا.. وأدعو الجميع في بلدي للوحدة. واعتبر الجميع "أوندو" بطلاً. فقد كانت كلماته أشد تأثيراً في تهدئة الأوضاع من كل بيانات الحكومة حول الاحتجاجات فالمحتجون رأوا فيها دعماً من نجم يعشقه الكل.. والأغلبية شعرت بأن دعوته للوحدة تستحق الاهتمام حتي لا تتعرض البلاد للانقسام. أوندو. حارس مرمي المنتخب الكاميروني أثبت أن النجم الرياضي يمكن أن يؤدي عند الحاجة رسالة سياسية ومجتمعية ربما لا يقدر عليها الساسة المحترفون.