كشف حادث أتوبيس نويبع المنكوب والذي راح ضحيته عشرات الشهداء والمصابين عن سبوبة الرحلات الخاصة والتي أصبحت طريق الموت السريع فالشركات تسعي لتحقيق الربح وتستغل الطلاب كسماسرة لجذب الزبائن بلا ضوابط ولا رقابة جامعية "واللي يموت يموت". الكارثة ان من ينظمون الرحلة طلبة سواء كانوا يدرسون أو مازالو يدرسون ولهم أقارب وأصدقاء بشركات السياحة يحصلون منهم علي عمولة أو طلبة سابقين باتحاد الطلبة تخرجوا من الجامعة وظلوا يقومون "ببيزنيس" خاص بهم داخل أروقة الجامعة ولعل من المفاجآت التي كشف الحادث عنها هو غياب التواجد الرقابي سواء من أساتذة الجامعة أو رعاية الشباب بكل رحلة في ظل غياب تام لعمداء الكليات عما يحدث داخل أروقة الكليات. في البداية يقول د. هشام سعودي - عميد كلية الفنون الجميلة السابق لقد منعنا بأروقة كلية الفنون الجميلة سبوبة الرحلات السياحية والتي يقوم بها مجموعة من الطلبة بعضهم يكون قد تخرج بالفعل ولازال ينظم الرحلات من خلال معاونة المتواجدين باتحاد الطلبة الجديد أو الأسر ويعلم جيداً أسماء شركات السياحة التي يتعامل معها وكيفية تسويق رحلاته ليس بين الكلية التي يتواجد بها ولكن بين الكليات الأخري.. موضحاً ان رحلات السبوبة تمكن المنظم من الحصول علي فرد أو أثنين بالمجان داخل اتوبيس الرحلة بالإضافة إلي عمولته عن كل فرد ولا يوجد أي رقابة "وكل واحد يعمل إللي هو عاوزه". أضاف: لو كان هناك مشرف من رعاية الشباب وأستاذ جامعي لكان قد تدخل علي الفور لإيقاف الرحلة مع وجود أول عطل للأتوبيس وهو ما كان سيجعل السائق يخاف لوجود مسئول ولكن مع وجود الغناء والرقص والطبل داخل الاتوبيس في رحلة بدون ضوابط أصبح هو الآمر الناهي فيها والمتحكم.. مشيراً إلي أنه لابد من تدخل وزاري بقانون حاسم لتستقيم الأمور في عملية تنظيم الرحلات داخل الجامعات ولا تترك الامور هكذا لشباب يموت بسبب الاهمال والتهور ومكسب احدهم ارباح مالية. كما يجب أن تحظر كافة شركات السياحة بضرورة التعامل مع الرحلات الطلابية من خلال رعاية الشباب أو الكليات وفي حالة عدم الحصول علي موافقة تكون مسئولية الرحلة وتأمين الطلاب علي الشركة بالكامل لمقاضاتها من قبل الجامعة في حالة حدوث أي حادث لا قدر الله. أضاف سعودي أنه يجب التحذير علي الطلاب بعدم تنظيم رحلات بأنفسهم إلا بموافقة الكلية وإخطار أمن الجامعة بكشوف أسماء الطلاب والمرافقين ولا تقوم الرحلة إلا موافقة الأمن. كما يجب موافقة ولي الأمر علي الرحلة رسمياً وحصولهم علي مستند يثبت وجود رعاية رسمية لهذه الرحلة. قال: كما يجب إخطار الأمن بمسار كل رحلة والنقاط التي ستمر عليها فلماذا كان سيحدث لو ضل هؤلاء طريقهم في الصحراء أو سقطوا في مكان تعذر معرفته أو الوصول إليه فلا شركة سياحية تتابع ولا كلية وأولياء الأمور لا يعرفون خط سير الرحلة. كما يجب علي شركات السياحة التأكد علي سلامة الاتوبيس وقدر السائق ومسئوليته عن الرحلة. أما "علي المنسترلي" رئيس غرفة شركات السياحة بالإسكندرية فيقول: نحن أمام مهزلة بكافة المقاييس فجميع الجهات مسئولة عن هذه الرحلة المنكوبة فكيف يتم تنظيم رحلة تضم شباباً من جامعات ومحافظات وبلاد مختلفة دون وجود رقابة من الجامعة أو إخطار أي جهات مسئولة وكيف تترك الأمور لطالب ينظمها بنفسه ولنفسه ويأخذ أموالاً ويتربح ويعرض أرواح الآخرين للخطر فلابد أن يكون المنظم هي لجنة معتمدة بإشراف جامعي كما يجب ان تكون الشركة السياحية المنظمة شركة معروفة وتقديم كراسة شروط خاصة بمواصفات كل أتوبيس فالاتوبيسات التي تحمل لوحات معدنية سياحية تخضع لإشراف وزارة السياحة ومباحث السياحة للتأكد من حالة الاتوبيس والسائق والكشف الدوري عليه للتأكد من عدم تعاطيه للمواد المخدرة وتجديد رخصة قيادة تجيز له قيادة أتوبيس سياحي ويكون مسئولاً عن أرواح معه داخل الأتوبيس كما أننا لا نستطيع أن نتجاهل مسئولية الأسرة التي يجب ان تتابع بنفسها مع من يسافر أبناؤها ومن يشرف علي رحلتهم حتي لا نبكي علي اللبن المسكوب وأين سينام ابنهم أو ابنته. يضيف محمد سامح طالب بإحدي كليات جامعة الإسكندرية إن عملية تنظيم الرحلات دون علم إدارة الكليات تتم من خلال مجموعات معينة من الشباب والطلاب وتعلم رعاية الشباب أسماءهم جيداً واغلبهم طلبة سابقون بالاتحاد الطلابي وبعد تخرجهم لم يجدوا فرصاً للعمل بالإضافة إلي ان هذه الرحلات تمثل لهم دخلاً مالياً جيداً ونزهه مجانية. أضاف ان المنظم يجب ان يكون لديه علاقات طيبة وجيدة مع طلاب بالجامعة تمكنه من جمع أكبر عدد ممكن من المشاركين كما انه له علاقات بالكليات الأخري لتسويق رحلته بل احياناً يدخل معه أسر وعائلات ليس لهم علاقة بالجامعة من الاساس كما حدث بالرحلة الأخيرة. قال: كلما قلت مصاريف الرحلة من ثمن تأجير الأتوبيس ومستوي الفنادق التي ينام فيها الطلاب ومستوي الطعام زادت عمولة وارباح منظم الرحلة من شركة السياحة التي تنال نفس الربح فمثلاً الرحلة المنكوبة سوقت الرحلة 850 جنيهاً للفرد بينما الشركة حاسبت مبلغ 795 جنيهاً وذلك علي حساب جودة الاتوبيس موضحاً ان الصورة العامة أمام الأسر تكون أن احدي الكليات هي المنظمة بينما في الواقع يكون المنظم أشخاص ليس لهم أي علاقة بالكلية علي الاطلاق والشطارة تكمن ليس في تسويق الرحلة بقدر ما هي كيف يتم الاتفاق عليها مع شركة السياحة فكل رحلة لها عمولتها وتعرف بالكليات بسبوبة الرحلات. أما محمود جمال مدير عام رعاية الشباب بجامعة الإسكندرية ففجر مفاجأة وهي أن الرحلة المنكوبة قد تكلف الفرد فيها 850 جنيهاً بينما لو نظمتها الجامعة لكانت أقل من ذلك بكثير حيث تتولي الجامعة الدعم بثلثي المبلغ وبالتالي فالطالب الذي سيقوم بتنظيم هذه الرحلات يحقق أرباحاً هائلة بعد ان يخدع زملاءه بأن هناك روتين من قبل الجامعة لإنهاء إجراءات أي رحلة وأن هناك رقابة خانقة لحريتهم مع وجود مشرف واستاذ جامعي.. موضحاً أنه مع تنظيم الجامعة لأي رحلة لا يمكن استقدام أشخاص من خارج إطار الجامعة مجهولي الهوية لمجرد ان يسافروا في رحلة مشتركة.. مشيراً إلي ان اللائحة الطلابية تمنع هذه النوعية من الرحلات وللأسف فإن الطلبة تتحايل بالتحركات السرية فيما بينها للحشد وجمع الأموال حتي لا يشعر بها أحد من الأساتذة أو اتحاد الطلاب. أضاف أنه بوجود مشرف من اتحاد الطلاب في الرحلة الأخيرة كان سيلغي الرحلة علي الفور. يقول حسين صديق المحامي: فهناك ما يطلق عليه مافيا الرحلات الخاصة داخل اروقة الجامعات الحكومية والخاصة والمعاهد تحقق من ورائها شركات السياحة أرباحاً هائلة والسوق الطلابي هو سوق كبير يقضي علي عملية الركود بشركات السياحة وتتباري كل شركة استقطاب الطالب القادر علي الحشد بإعطائه ميزة خاصة واغلبهم يقومون بالسفر المجاني مصطحبين صديقاتهم بالإضافة إلي عمولته التي تتوقف علي عدد المشاركين بالرحلة فكلما زادت عمولته وبالطبع فإن شركة السياحة تعوض ما تنفقه من سوء مستوي الخدمة التي تقدمها ويصبح هذه النوعية من الطلبة بمثابة سمسار رحلات الذي يقوم بجلب عروض أسعار لنفس البرنامج من أكثر من شركة لتسويق ما لديه من آعداد من زملائه علي شركات السياحة الذين يتبارون في الاتفاق معه. طرح صديق العديد من التساؤلات حول الرحلة الأخيرة كيف تمكنت طالبة من كلية الصيدلة بجمع طلبة من جامعات خاصة وآخرين من جامعتها خاصة وأنها التجربة الأولي لها في عملية تنظيم الرحلات السياحية وهل وجود أي عضو من أعضاء اتحاد الطلبة يسافر معها يعطي لها مصداقية أو شرعية رغم ان الرحلة لا ينظمها الاتحاد وأين هي رقابة أمن الجامعة في جمع هذه الاعداد الكبيرة دون الابلاغ عنها لحمايتهم.. مؤكداً أنه اذا افترضنا قيام مافيا الرحلات بتنظيم رحلة شهرية بكل كلية فإنها ستحقق ربحاً من الكلية الواحدة بتنظيم رحلة شهرية بكل كلية فإنها ستحقق ربحاً من الكلية الواحدة ما يقرب من 30 ألف جنيه خلال 10 شهور وهي مكاسب هائلة لا تحققها أي وظيفة حكومية. طالب صديق بضرورة تنظيم رحلات مدعمة بالتعاون ما بين وزارة الشباب والرياضة ووزارة التعليم العالي والسياحة معاً لغلق الباب أمام مافيا الرحلات الخاصة.