أفسد الأتراك فرحة إسرائيل بتقرير الأممالمتحدة الصادر عن جيفري بالمر رئيس وزراء نيوزيلندا الاسبق الذي اعتبر حصارهم لقطاع غزة شرعيا وقانونيا وظنوا ان تسريب مقتطفات من هذا التقرير كفيلة لاحباط المسعي الفلسطيني للاعتراف بدولة فلسطين المستقلة في الأممالمتحدة خلال الشهر الجاري فإذا بالضربة تأتيهم من انقرة التي قررت علي الفور تخفيض مستوي التمثيل الدبلوماسي مع تل أبيب وطرد السفير الاسرائيلي وتعليق الاتفاقات العسكرية بين البلدين بل وقرر الجيش التركي تعزيز قواته البحرية في شرق البحر الأبيض المتوسط لمواجهة بلطجة اسرائيل في المنطقة. لقد صبرت تركيا علي إسرائيل 15 شهرا منذ الاعتداء الإسرائيلي علي السفينة التركية مرمرة التي كانت تحمل للشعب الفلسطيني المحاصر في غزة قافلة المساعدات الدولية المعروفة باسم "اسطول الحرية" في نهاية مايو 2010 وظلت طوال تلك الفترة تطالب تل أبيب بالاعتذار علي هذا الاعتداء الذي أودي بحياة تسعة اتراك بينما تل أبيب كعادتها تتغطرس وترفض الاعتذار وتكتفي بالاعراب عن اسفها لمقتل اتراك حتي جاء تقرير بالمر الفج الذي اعترف بحق إسرائيل في حصار غزة ووجه لها اللوم فقط في استخدام القوة المفرطة ضد اسطول الحرية ليكون بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير ولتجد انقرة نفسها مضطرة للتعامل مع اسرائيل بأسلوب الغطرسة الذي تفهمه وتمارسه دوما. وفي الشهر الماضي قتلت القوات الاسرائيلية خمسة من الجنود المصريين في سيناء واكتفت إسرائيل بالأسف لمقتل هؤلاء الجنود برصاص إسرائيلي دون الاعلان عن نيتها أو استعدادها للاعتذار الذي لن يأتي حتما طالما ان الإسرائيليين يتعاملون بمنطق الغطرسة ولا يتعلمون ابدا من اخطائهم التي افقدتهم حليفا قويا "تركيا" التي ساهمت كثيرا في بناء دولة إسرائيل وها هم يخسرون "الكنز الاستراتيجي" مصر بتوتير الأوضاع في سيناء. لقد وعدت إسرائيل المصريين بتشكيل لجنة مشتركة للتحقيق في ملابسات حادث مقتل جنودنا الخمسة ونحن نستبق تقرير اللجنة الذي لن يخرج عن تقرير بالمر الذي برأ القاتل وادان المجني عليه ونقول لتل أبيب "الشعب لا يريد الاعتذار" بل يكفيه رد فعل الشارع المصري الذي كان بمثابة رسالة قوية للإسرائيليين ليتهم يستوعبونها تؤكد انه اعتبارا من الآن علي إسرائيل التعامل بحذر مع المصريين فهل وصلت الرسالة؟!