هل تكفل تعديلات قانون الاجراءات الجنائية سرعة التقاضي والفصل في جرائم الإرهاب.. وهل تكفي التعديلات التي تعكف الحكومة والبرلمان علي إعدادها للانتهاء منها خلال شهر لمواجهة الإرهاب.. وما هو الحل إذا لم يكن ذلك هو الحل.. هل توجد وسيلة أخري تتفق مع الدستور والقانون للتصدي لهذه الجرائم.. وماذا فعلت دول العالم لمواجهتها.. هذه الاسئلة وغيرها نجيب عليها من خلال هذا الحوار الهام مع د.صلاح فوزي استاذ ورئيس قسم القانون الدستوري بجامعة المنصورة وأحد واضعي دستور 2014 وعضو اللجنة العليا للاصلاح التشريعي.. فإلي نص الحوار: * ما رأيكم في التعديلات المقترحة لقانون الاجراءات الجنائية.. هل ستساعد فعلاً في سرعة التقاضي في جرائم الإرهاب؟ ** عفواً.. قد يكون رأيي صادماً ولكنه الحقيقة فالتعديلات المقترحة ستؤدي إلي اشكاليات جديدة ولن تساعد في سرعة الفصل والتقاضي في جرائم الإرهاب.. خذ مثلاً التعديل المقترح بالنص علي ان الطعن بالنقض يتضمن ان يكون الطعن مرة واحدة بحيث ان تقضي المحكمة برفض الطعن أو قبوله وفي هذه الحالة تتصدي وتفصل في القضية.. وهذا التعديل اشكالية في حد ذاته لأن النقض عادة يتم في غرفة المشورة.. ولو بدأت المحكمة النظر في القضية بشكل موضوعي فإن هذا الأمر يتطلب دوائر كثيرة ووقتاً طويلاً.. اضف إلي هذا ان دوائر الإرهاب في حد ذاتها تحتاج إلي تأمين كبير ونحن لا يوجد لدينا أماكن كثيرة مؤمنة لاستيعاب هذه الدوائر مع ملاحظة ان دوائر الإرهاب حالياً تعقد جلساتها اما في أكاديمية الشرطة أو معهد أمناء الشرطة.. الاماكن ليست كثيرة.. وإذا تعددت الدوائر ستكون الجلسات متباعدة وستظل المشكلة قائمة وهي اطالة مدة المحاكمة.. إلي جانب ان بعض التعديلات تنص علي حق المحكمة في تقدير الشهود بمعني إذا طلب المتهم سماع شهادة 70 شاهداً فلها ان تقول يكفي 20 أو 30 أي عدد محدود من الشهود مما يجعل من حق المتهم ومحاميه الطعن أمام النقض بأن هناك اخلالاً بحق الدفاع. * إذن كيف نحل المشكلة؟ ** الحل السريع والفوري والذي لا يحتاج أي تعديلات في القوانين هو إحالة قضايا الإرهاب إلي القضاء العسكري. * البعض يقول ان ذلك مخالف للدستور والقانون؟ ** لا.. المادة 204 من الدستور تقول ان القضاء العسكري يختص بمحاكمة المدنيين في حالة الاعتداء علي المنشآت العسكرية والمركبات والآليات والجنود وخلافه إلا انها في الفقرة 3 من نفس المادة نصت علي ان يحدد القانون تلك الجرائم ويبين اختصاصات القضاء العسكري الأخري فاذا نظرنا إلي قانون القضاء العسكري رقم "25" لسنة 66 تنص المادة 60 مثلا علي انه متي كانت حالة الطواريء معلنة فلرئيس الجمهورية إحالة جرائم القانون العام إلي القضاء العسكري.. والمقصود ان تكون حالة الطواريء معلنة في جميع انحاء الدولة أو اجزاء منها والواقع يقول ان حالة الطواريء معلنة في شمال سيناء إذن النص يمكن تطبيقه ويحق للرئيس إحالة جرائم الإرهاب إلي القضاء العسكري واعمال النص خير من اهماله. * ولكن البعض يتخوف من القضاء العسكري وامكانية امتداده إلي الحريات وخلافه؟ ** أولاً القضاء العسكري قضاء مستقل تتوافر به ضمانات للدفاع ويعقد جلساته في أماكن مؤمنة تماماً بالمناطق العسكرية وبالتالي لا توجد مشاكل لوجستية تؤدي لتعطيل نظر القضايا.. ثانياً القضايا التي ينظرها القضاء العسكري هي قضايا الإرهاب وهذه القضايا محددة في قانون الإرهاب الذي عرف الجريمة الإرهابية ومن هو الإرهابي وبالتالي لا علاقة للقضاء العسكري في قضايا الحريات والنقابات والرأي وخلافه.. اضف إلي هذا ان القضاء العسكري يضمن المعالجة السريعة فليس هناك رول مزدحم وقضايا أخري تشغله وهذا أفضل من تشديد عقوبات وانشاء دوائر وتوفير تمويل وأماكن. * هل هناك سوابق.. وماذا عن امكانية توظيف ذلك الاجراء ضد مصر في الخارج؟ ** من ناحية السوابق توجد سوابق فقد سبق ان قام الرئيس الراحل أنور السادات بإحالة قتلة الشيخ محمد الذهبي وزير الأوقاف الاسبق إلي القضاء العسكري والمحاكمة العسكرية بموجب قانون الطواريء.. اما من ناحية التوظيف السييء من جانب بعض الدول فهذا مردود عليه بأمور كثيرة ابسطها انظر إلي فرنسا التي قامت مؤخراً بتمديد حالة الطواريء للمرة الخامسة هذا من جهة ومن جهة أخري فإن دول العالم أجمع تعمل بنظرية الموازنة بين الاستقرار والنظام العام والحفاظ عليه.. وبين بعض النصوص الدستورية والمحافظة عليها مع الوضع في الاعتبار ان المادة 86 من الدستور المصري تنص للأهمية الحفاظ علي الأمن القومي باعتباره واجباً ومسئولية وطنية وتنص علي التزام الكافة بمراعاة المسئولية الوطنية والدفاع عن الوطن وحماية اراضيه باعتباره شرف وواجباً مقدساً. ونحن علينا ان نطبق نظرية الموازنات بين المنافع والاضرار فلا يعقل ان نترك الإرهابيين يعبثون في الأرض فساداً دون عقاب وردع حاسم.. فهم للأسف لا يتعلمون ولا ينسون.. انهم حاقدون.. لديهم عناد يوزع علي كل سكان الأرض.. انظر إلي عادل حبارة ورد فعله علي أعدامه.. انه يعتقد انه ذاهب إلي الجنة علي جثث الأطفال والنساء والجنود.. علينا ان نؤمن باننا في مرحلة استثنائية.. لا يمكن مواجهتها إلا بأمور استثنائية.. والفقه الإسلامي ينص علي ان الضرورات تبيح المحظورات برغم انني اوضحت ان القضاء العسكري ليس محظوراً