أكد علماء الدين أن الحادث الإرهابي الذي تعرض له الإخوة الأقباط في الكنيسة البطرسية بالعباسية من تفجير نتج عنه ضحايا قتلي ومصابون عمل آثم شرعا ويتنافي مع كل المبادئ الدينية التي حث عليها الإسلام.. وطالبوا المجتمع بالتكاتف لمحاربة الإرهاب وتفويت الفرصة علي أعداء الوطن الذين يتربصون به الدوائر ويعملون علي تفتيت وحدته الوطنية. يقول د. أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر إن جرائم معاداة أهل الكتاب من فصائل التطرف والإرهاب ترجع إلي مرجعياتهم التي تخرج عن السياق القرآني والإطار النبوي المحمدي والتي تغلف علي أنها فتاوي مع أنها نماذج من مفاهيم مغلوطة وأفكار خاطئة تحض علي الكراهية والعنف وتتعارض مع صريح القرآن الكريم مثل قول الله تعالي عن دور العبادة "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدم صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله". أضاف أن الحكم بين أتباع الشرائع لله وحده وليس لأي مرجعية دينية علي ظهر الأرض فالله سبحانه وتعالي قال "إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصاري والصابئين والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم".. وبالتالي فإن القرآن وضع الأسس الواضحة في الإخاء الديني وقبول الآخر والتعايش مع الغير.. حتي جاءت فصائل التطرف والإرهاب الفكري لتلقي عليها الركام وتناسي هؤلاء الوصايا النبوية المحمدية "الإحسان إلي أهل الكتاب" وأنه صلي الله عليه وسلم حافظ علي كنائسهم ومعابدهم مثل كنائس نجران.. كما تضمنت بنود الوثيقة النبوية المحمدية أنهم آمنون علي كنائسهم وصحفهم وصلبانهم وناقوسهم لا يمنع أسقف من أسقفيته ولا راهب من رهبانيته وأنهم في ذمة الله وذمة محمد صلي الله عليه وسلم. أشار إلي أن هؤلاء المتشددين نسوا أن المسلمين الأوائل لم يخربوا ولم يتلفوا معبدا أو كنيسة لأهل الكتاب بل إن أمير المؤمنين سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما ذهب إلي فلسطين ودعاه البطريرك لدخول الكنيسة استجاب له ولما جاء وقت الصلاة للمسلمين خرج منها قائلا "أخشي إن صليت فيها أن يأتي مسلمون من بعدي فيأخذونها". ومن هنا فإن النصوص الشرعية تدل علي الإخاءين الإنساني والديني ويكفي أن الله فرق بين المشركين وأهل الكتاب فحرم الزواج من المشركين وأباح الزواج والطعام مع أهل الكتاب وأن الإسلام أثني عليهم في قوله تعالي "ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون". أكد د. كريمة أنه آن الأوان لإنشاء المركز المصري لمكافحة الإرهاب بنخبة من العلماء أصحاب الرسالة وصفوة من الخبراء لوضع الأمور في نصابها الصحيح وحصر شبه التطرف في العداوة لأهل الكتاب ونقدها نقدا علميا محكما وإزالة كل ما فيها من شوائب ودفع الدخيل وإعلاء الأصيل. آثمون شرعا يري د. عبد الغفار هلال الأستاذ بجامعة الأزهر أن مرتكبي حادث الكنيسة البطرسية بالعباسية آثمون شرعا وجزاؤهم القتل امتثالاً لقول الله تعالي : "إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض" فهم يفسدون في الأرض بمحاولتهم إشعال الفتنة الطائفية في المجتمع المصري بين المسلمين والمسيحيين ولكن هيهات أن يتحقق لهم ذلك فالجميع يعرف النية المبيتة لأمثال هؤلاء وأن قيامهم بهذا العمل الإجرامي في هذا التوقيت بالذات وفي ظل الظروف التي يعاني منها المجتمع إنما لأهداف سياسية بغيضة يريدون من خلالها إحراج النظام الحالي وتشويه صورته في الخارج خاصة بعد القضاء علي أغلب الإرهابيين في سيناء وعلي من يشكك في ذلك فلينظر إلي التاريخ ليري أن مصر علي مدار تاريخها كانت مثالا للتسامح والتعايش والتفاهم بين أتباع الديانات المختلفة خاصة العلاقة بين المسلمين والأقباط وأن ديننا الحنيف يرفض العنف بكافة أشكاله ويتعامل مع المسيحيين علي أنهم شركاء في الوطن ولن يستطيع أي عمل إرهابي هنا أو هناك أن يغير من هذه المفاهيم. أشار إلي أن الدين الحنيف أمر بالرحمة والقسط في التعامل مع من هم ليسوا علي ديننا قال تعالي "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين" وبالتالي فإن ما يقوم به أمثال هؤلاء المخربين إنما هو مخالفة لأمر الله تعالي. ناشد الشباب بعدم الانسياق وراء الأفكار الهدامة التي تدمر المجتمع وتتسبب في انتشار الفوضي التي تعود علي مصر كلها بالسلب.. فالمسلمون والمسيحيون نسيج واحد وفي مركب واحدة إذا غرقت سيغرق الجميع. حد الحرابة تري الدكتورة آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر وعضو مجلس النواب أنه يجب تطبيق حد الحرابة علي الشرذمة التي تهدد المجتمع المصري بصفة عامة والأقباط بصفة خاصة فالإسلام يحرم إراقة دماء الأبرياء سواء كانوا من المسلمين أو المسيحيين أو أية ديانة أخري فقد قال تعالي "من أجل ذلك كتبنا علي بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا" وهنا قال سبحانه "نفسا" ولم يحدد ديانة هذه النفس أو هويتها. طالبت د. آمنة المسلمين والمسيحيين بالالتجاء إلي العقل والحكمة وتفويت الفرصة علي من يسعون لتمزيق الوحدة الوطنية وإشعال نيران الفتنة فالنبي صلي الله عليه وسلم أوصي باحترام دور العبادة والحفاظ علي النفس الإنسانية وكان عندما ينظر إلي مكة يقول "ما أجملك ولكن النفس البشرية أعز عند الله منك" فالنفس البشرية لها حرمتها في الإسلام. أمور محرمة الشيخ خالد أبو عيد الهاشمي القيادي الدعوي بالصعيد يقول إن القتل وسفك الدماء والاعتداء علي الكنائس وترويع الآمنين من الأمور المحرمة في ديننا الحنيف وأن ما حدث يعد عملا خسيسا أرادوا من ورائه الوقيعة بين المسلمين والمسيحيين الذين قدموا التهنئة للمسلمين بمولد الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم فكأنهم أرادوا من فعلهم الخسيس أن يفسدوا علينا احتفالنا بمولد النبي صلي الله عليه وسلم الذي حرم دماء غير المسلم في شريعته الغراء.. فمن عظمة الشريعة الإسلامية أن حرمة الدماء ليست قاصرة علي المسلمين فحسب بل تشمل كذلك غير المسلمين من المعاهدين والذميين والمستأمنين فعن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : "من قتل قتيلا من أهل الذمة لم يجد ريح الجنة. وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاماً" واعتبر ذلك العمل بمثابة التعدي علي ذمة الله ورسوله. أشار الهاشمي إلي أن الإرهاب لن يفلح في الوقيعة بين قطبي الشعب المصري مسلميه ومسيحييه وأن مثل هذه الأعمال الإرهابية تجعل أبناء هذا الوطن أكثر تماسكا لكشف المتآمرين من الداخل والخارج.. وناشد أبناء مصر باليقظة والتصدي لمثل هذه المؤامرات التي تحاول النيل من أبناء الوطن.