* يسأل أحمد علي من القاهرة: لقد وهب الله لأخي مالاً وفيراً وعقارات ورغم ذلك لم أجد مثله حيث يضن بحق الله وحق زوجته وأولاده.. فما رأي الدين في ذلك؟ ** يجيب الدكتور عثمان عبدالرحمن مستشار العلوم الشرعية بالأزهر: البخل هو الامساك عما يحسن السخاء فيه وهو ضد الكرم والبخل من السجايا الذميمة الموجبة لهوان صاحبها ومقته وازدرائه وقد عابها الإسلام وحذر المسلمين منها تحذيراً رهيباً فقال تعالي: "ها أنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء" "محمد:38" وقال تعالي: "الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله واعتدنا للكافرين عذابا مهينا" "النساء:37" وقال:" ولايحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة" "آل عمران:18" وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: "السخي قريب من الله قريب من الناس قريب من الجنة والبخيل بعيد من الله بعيد من الناس قريب من النار". ويقول علي بن ابي طالب: "عجبت للبخيل يستعجل الفقر الذي منه هرب ويفوته الغني الذي اياه طلب فيعيش في الدنيا عيش الفقراء ويحاسب في الآخرة حساب الأغنياء". والبخل خلق لئيم باعث علي المساوئ الكثيرة والأخطار الجسيمة في دنيا الانسان وأخراه. أما خطره الدنيوي فإنه داعية المقت والازدراء لدي القريب وربما تمني موت البخيل أقربهم اليه وأحبهم له لحرمانه من نواله وطمعاً في تراثه. أما خطره الأخروي: فإنه إذا شح منع الزكاة والصدقة وصلة الرحم وقري الضيف والنفقة في سبيل الله وأبواب البر وحرام علي الجنة ان يدخلها شحيح. كما ان البخيل أشد الناس عناء وشقاء يكدح في جمع المال والثراء ولا يستمتع به وسرعان ما يخلفه للوارث فيعيش في الدنيا عيش الفقراء ويحاسب في الآخرة حساب الأغنياء. ومن هنا فجدير بالعاقل علاجه ومكافحته وان يعلم يقينا ان ما يسديه المرء من عوارف السخاء لا تضيع هدراً بل تعود علي المسدي من الرزاق الكريم قال تعالي:" وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين" "سبأ:39". وهكذا يضاعف القرآن تشويقه إلي السخاء مؤكداً ان المنفق في سبيل الله هو كالمقرض لله عز وجل وانه تعالي بلطفه الواسع يرد عليه القرض أضعافاً مضاعفة قال الله تعالي: "مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم" "البقرة:261". فاعلم أخي المسلم ان الذي في يديك من الدنيا قد كان له أهل قبلك وهو صائر إلي أهل بعدك وانما انت جامع لأحد رجلين: رجل عمل فيما جمعته بطاعة الله فسعد بما شقيت به أو رجل عمل فيه بمعصية الله فشقي بما جمعت له وليس أحد هذين أهلاً ان تؤثره علي نفسك وتحمل له علي ظهرك. ومن ذلك جاء في قوله تعالي: "كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم" "البقرة:167" ان الرجل يحرص علي كنز ماله فلا ينفقه في طاعة الله بخلا ثم يموت فيدعه لمن يعمل فيه بطاعة الله أو في معصية الله فإن عمل فيه بطاعة الله رآه في ميزان غيره فرآه حسرة وقد كان المال له وان كان عمل به في معصية الله تحسر عليه لانه تركه لمن أفسد عليه منفعته وعمل به في معصية الله فالمرء يجمع ما لا يأكل ويبني ما لا يسكن ثم يخرج إلي الله لا مالاً حمل ولا بناء نقل فليحذر المسلم وليكن علي حذر. * يسأل محمد علي من الجيرة: هل الاعتداءات الوحشية علي البلاد العربية والعباد وسفك الدماء والذي نراه الآن يرضي أحداً.. فأين الضمير الانساني مما يحدث.. وأين الرحمة بالأبرياء وأخلاق الحروب؟! ** يجيب الدكتور عثمان عبدالرحمن: لم تعرف الحروب يوما مثلما يحدث الآن في البلاد العربية من اعتداءات علي الأبرياء وللأسف مع كل ركام القوانين الانسانية والعهود الدولية والاتفاقيات والتشريعات فالهمجية مازالت هي التي تحكم لانا فقدنا أمرين: أخلاق الضمير الانساني والقوة القانونية الدولية الرادعة للمتجاوزين لاسيما الأقوياء فمازال عنوان ومشهد "من يفسد فيها ويسفك الدماء" ماثلاً إذ ما تصفحنا جريدة أو تابعنا اخبار العالم عبر القنوات المرئية مادام لم يوجد ضمير حاكم علي النظم الدولية والايديولوجيات والبرامج وما دام لا يوجد قضاء انساني دولي يعاقب بصدق كل متجاوز ويردعه ويجتث فساده وقد قيل "من أمن العقوبة أساء الأدب" ولكن نتضرع إلي الله بأن يكشف عن البلاد والعباد هذه الغمة.