الموصل ليست مدينة عادية. كانت ثالث ولايات دولة الخلافة العثمانية في بلاد ما بين النهرين. وبعد انكسار سلطة العثمانيين نشأت منازعات بين الأتراك والانجليز لضم المدينة. تركيا إلي ما تبقي من امبراطوريتها. وهو ما أقدمت عليه في الاسكندرونة. وانجلترا إلي مستعمراتها في الشرق العربي. أبرز احداث الموصل في تاريخنا الحديث. ثورة عبدالوهاب الشواف التي أجهضها عبدالكريم قاسم. وشهدت عمليات اعدام هائلة. حين استولي تنظيم داعش علي الموصل. فقد كان تطلعه ان تكون هي البداية للاستيلاء علي محافظة نينوي. التي تعد الموصل عاصمتها الادارية. والانطلاق منها لتحقيق حلم سرابي بإعادة دولة الخلافة من خلال إرهاب غير مسبوق. المعارك الضارية التي يخوضها العراق الآن ضد الوجود الداعشي في الموصل. ومحافظة نينوي بعامة. تواجه مع قري الانتصار احتمالات خطيرة. محورها قوي رئيسية. يتشكل منها ثلاثة ملايين. هم مجموع أبناء الموصل. ثمة اقليم كردستان الذي تنتسب إليه أغلبية كردية. والحكومة العراقية في بغداد. بالاضافة إلي الأطماع التركية والإيرانية. هذه القوي. فضلا عن قوات الحشد الشعبي. وقوات التحالف شاركت بصورة ما في الحرب ضد داعش. وذاق مقاتلوها إلي جانب شعب العراق بشاعة تفجير السيارات. القتال من بيت إلي بيت. وإهمال كل القوانين. وحتي الأعراف. التي تدعو إلي احترام حقوق الإنسان. أوشكت القوات العراقية مدعومة بقوات التحالف الشعبي وقوات التحالف علي إزالة الوجود الداعشي في الموصل. تبقي المشكلة الأشد خطورة. وهي مستقبل المدينة: هل تظل محتفظة بعروبتها؟ أو يضمها البرزاني إلي اقليمه الكردستاني. أو تفلح أنقرة في فرض وجودها. أو تصبغها طهران بالطائفية؟ باختصار. تفرضه المساحة. فإن الصوت العربي في نهايات المعارك يجب أن يكون مسموعا للاحتفاظ بالهوية العربية للموصل. مسئولية الحكام العرب. والقيادات السياسية العربية. أن يكونوا عونا للعراق في معارك "الضم" التي أخشي أنها ستلي دحر الإرهاب في الموصل. المؤامرات لم تعد مقصورة علي الأوراق والخرائط. لكنها منذ أمر المخابراتي الأمريكي بول بريمر بحل الجيش العراقي. ودعوته إلي أقاليم كونفدرالية. وتسلل محاولات استعادة الامبراطوريتين العثمانية والفارسية. ودعم قوي الغرب والصهيونية لمرتزقة من أرجاء العالم. سعيا لاضعاف القوات المسلحة العربية. وتدمير موارد الوطن العربي واقتصادياته. وقواه البشرية.. لم تعد المؤامرات حبيسة الأوراق والخرائط. لكنها وجدت طريقها إلي التطبيق بعد المشهد المأساوي الذي يعيشه الآن العديد من الأقطار العربية.