د. شعبان رمضان موباجي مفتي جمهورية أوغندا من المفتين الذين يحرصون علي زيارة مصر للتواصل مع الأزهر ودار الإفتاء المصرية لتوثيق العلاقات بين البلدين فيما يعود علي الشعب الأوغندي بالفائدة خاصة فيما يتعلق بنشر مبدأ الوسطية والاعتدال وللوقوف علي حال الطلاب الدارسين في الأزهر الشريف من أوغندا. حصل د. موباجي علي بكالوريوس وماجستير ودكتوراه في الشريعة الإسلامية من جامعة ماكيريري أكبر جامعة في جنوب الصحراء وهو محاضر ومدرس في الجامعة الإسلامية في أوغندا التابع لمنظمة التعاون الإسلامي. التقت "المساء" د. موباجي أثناء زيارته الأخيرة لمصر علي هامش المؤتمر العالمي الذي نظمته دار الإفتاء المصرية مؤخراً.. وسألناه: * هل يعتبر كل فقيه بالشرع مفتياً؟ ** ليس كل فقيه بالشرع مفتياً.. فالفقيه هو الذي يعرف الفقه الإسلامي وأحكامه والأحكام الفرعية أما الأصول الفقهية لابد أن يكون الواحد مدركاً بدلائل الفقه إجمالاً وكذلك كيفية الاستدلال منها ويستطيع أن يفهم أدلتها وكيفية الاستفادة منها ومن الأحكام الفقهية إجمالاً وليس تفصيلاً.. إذن فالفقيه يختص بالتفصيلات الفقهية.. أما أدلة الفقه إجمالاً فالذي يستطيع أن يستفيد ويستنبط وكيف يستدل منها هو المفتي لأن الأحكام قد تتغير بتغير الأزمان والمكان أما الفقيه فهو يلتزم بما استنبطه المجتهد فليس من الضروري أن يكون الفقيه مجتهداً لكن من الضروري أن يكون المفتي مجتهداً لكن من الضروري أن يكون المفتي مجتهداً فيستنبط الأحكام بعد أن يعرف الظروف ثم يحكم بموافقة الأحكام بما تدل عليه ويستدل به من أدلة الفقه الإجمالية. * كيف نستطيع أن نميز بين ما إذا كانت الفتوي صائبة أم لا بعد انتشار الفضائيات وفوضي الفتاوي في وسائل الإعلام المختلفة؟ ** الفوضي التي نراها علي الساحة الإعلامية للفتوي ترجع إلي سببين الأول هو عدم قيام علماء هذا الدين في تثقيف الناس وتفقيههم والثاني عدم معرفة المستفتين أو المسئولين لمن يرجع إليهم في حالة حاجة بيان أي حكم من الأحكام الشرعية فمن هنا يتعين علي العلماء أن يتصدروا للفتوي وكذلك يعرفوا الناس من هم أهل الفتوي وهذا أيضاً يتحتم علي المسلمين أن يعرفوا من يفتونهم ويرجعون إليهم في أمور دينهم.. أما الفوضي الموجودة في الفضائيات والشبكات العنكبوتية نجد الذين ينتشرون عليها من المفتين الوهميين الذين ليس لهم علم بل إنسان يسمع كلمة أو خطبة يبني عليها ثم يطلق علي نفسه شيخاً ويفتي في المسائل دون حتي أن يقول سمعت من فلان.. كان من المفترض أن يرجع ما سمع لمن سمع منه لا أن يقول علي لسان حاله كأنه هو المفتي وإن كان هو طالب للعلم فهذا سبب المشاكل فهو يكتب الفتوي علي فيس بوك وواتساب ويرسلها للآخرين كأنه الحكم الأخير وكأنه هو المفتي.. هذا هو الخطأ الذي تبثه وسائل الإعلام.. وهناك أيضاً من ينشيء قنوات ويأتي بفتاوي مضللة متعمداً فهذه القنوات تنشأ أحيانا للتجارة وللاستفادة المادية فصاحب القناة يبحث عمن يجلب إليه المستمعين أو المشاهدين ليتابعوا قناته.. فهذا التنافس بين القنوات جعلهم يستعينون بمن هم ليسوا أهلاً للفتوي قد يكونون علماء ومشايخ ولكنهم ليسوا مفتين يتصدون للفتوي. * كيف تسير الفتوي في أوغندا وما تأثيرها علي الجماعات المتشددة هناك؟. ** في أوغندا كانت هناك جماعات متشددة تكفر بعض إخوانهم المسلمين لأنهم مثلاً لا يطلقون اللحي أو من يلبس كذا صلاته باطلة وأشياء من هذا.. ولكن مؤخراً نتيجة الضغط من الحكومة والجهات الأمنية ونحن كذلك تصدينا لهؤلاء وقلنا إنهم يفرقون بين أبناء الشعب فنبهناهم لما يجري في العالم العربي والإسلامي من الفتاوي التي أصبحت كارثة علي الأمة.. والحمد لله أخيراً هؤلاء رجعوا إلي صوابهم وأفكارهم الصحيحة مع أن بعضاً منهم مستمرون علي منهجهم ولكننا نعتبرها خلافات دينية ولا تصل لحد الخلافات المذهبية.. فتجد من ينتمي إلي مذهب الإمام أحمد بن حنبل ومن درس في السعودية يختلف عمن درس في ليبيا أو مصر أو باكستان أو السودان فهذه نعتبرها مسائل خلافية.. فمنهم من يجهر بالبسملة في الفاتحة بالصلاة ومنهم من يسرها ومنهم من يحرك الأصبع في التشهد ومنهم من لا يحركه فصلاة الجميع صحيحة ونحن جمعناهم علي هذا.. وهناك في أوغندا 9500 مسجد تحت إدارة المجلس الأعلي الإسلامي الذي أرأسه فهو المظلة الرسمية الإسلامية في أوغندا. * هل ترون أن دور الأزهر الشريف يحقق الهدف المطلوب منه حالياً خاصة بالنسبة للدول الأفريقية؟. ** دور الأزهر يحده إمكانات فالمؤتمرات التي ينظمها تعقد بنية طيبة وتخرج بقرارات وتوصيات لو طبقت ستنفع الأمة المسلمة لكن الإمكانات المادية تعوق تنفيذ هذه التوصيات والقرارات فمثلاً لو قلنا بضرورة التأهيل العلمي والإفتائي لأئمة المساجد سنري علي سبيل المثال في أوغندا كم مسجداً وكيف نصل إلي كل إمام وكيف نؤهله علمياً وإفتائياً وإذا قلنا إن الإمام لا يفتي فعلي الأقل لابد أن يكون ملماً بالأحكام الفقهية وعندما يسأل عن الإفتاء يتصل بمن هو أهل له فمثل هؤلاء الأئمة لا يمكن أن يكونوا ملمين بالفقه إلا إذا تم تأهيلهم علمياً ولكي نصل إلي ذلك لابد أن نقيم لهم دورات حتي تساعدهم في أداء مهمتهم.. فعالمية الأزهر وكذلك عزمه ومحاولته لجمع العالم الإسلامي وعلمائه تحت مظلته يحتاج إلي أن تتوافر له الإمكانات المادية.. كذلك يحتاج أن ينشئ قنوات فضائية وإلكترونية متميزة تنشر رسالته الوسطية والمعتدلة في العالم كله. * يتهمون فقه الأقليات بالتساهل في الأحكام الفقهية.. فإلي أي مدي يكون التساهل في الشرع؟. ** التساهل في الشرع لا يجب أن يصل إلي حد تحليل الحرام وتحريم الحلال.. فمثلاً الخمر حرام لا يجوز أن يتناوله المسلم في الخارج أو يبيعه أو يشتريه فالرسول صلي الله عليه وسلم قال "حمي الله محارمه" فالإنسان كل شيء يقربه إلي الحرام يجب أن يبتعد عنه فمثلاً من يقدم الخمر كبائع أو غيره كيف تضمن ألا يفتتن في المستقبل ويشرب منه فالإنسان الذي يعيش حول شيء يوشك أن يقع فيه أو يرتكبه.. لذلك يجب أن يبتعد الإنسان عن الفتن قدر المستطاع.