ينطلق غداً ولأول مرة في مصر مجلس إفتاء في المساجد الكبري وذلك ترجمة للبروتوكول الذي تم توقيعه بين دار الإفتاء ووزارة الأوقاف حيث يتضمن أن يقوم أمناء الفتوي بدار الإفتاء بالتواجد في عشرة من المساجد الكبري ما بين صلاتي المغرب والعشاء للرد علي فتاوي المسلمين كمرحلة أولي ثم يتم تعميم الفكرة لتشمل 10 مساجد لكل محافظة. وبمجموع 270 مجلس إفتاء ثابتة بالقاهرة والمحافظات كما أعلنت وزارة الأوقاف.. ويتواجد بدءا من الغد مجموعة من كبار مفتي الدار في مساجد الحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة ومسجد عمرو بن العاص وقاهر التتار. وناصر بأسيوط. والمرسي أبو العباس بالإسكندرية. ومصطفي محمود بالجيزة وسوف يتم تدريب جميع أئمة مصر لتعليمهم أصول الفتوي علي مراحل. ¢المساء الديني¢ ناقشت جدوي هذا المشروع مع بعض علماء الفتوي بالأزهر وأئمة الأوقاف.. وكانت هذه آراءهم: يقول د. عبدالفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر إنه من المعروف أن القرارات حتي تكون قابلة للتنفيذ في مسارها الصحيح وتؤتي ثمارها المرجوة منها فإنه يجب أن تكون قرارات مدروسة في ضوء الواقع العملي وإلا كانت قرارات عبثية مثل هذا البروتوكول لأن مصر لا يوجد بها من يصلح للإفتاء عن دراسة وخبرة إلا مجموعة تعد علي أصابع اليدين فليس الإفتاء عملا سهلا أو عشوائيا وذلك لأن المفتي يوقع عن الله تعالي فإذا لم يكن عالما بشرع الله تعالي ضل وأضل.. وإذا كانت المؤسسة الدينية تعاني خللا في مستوي خريجيها سواء الحاصلون علي شهادة الليسانس أو الحاصلون علي الدكتوراه فليس من المتصور أن تختار من بين هؤلاء من يصلح للإفتاء في أمور الشرع في المساجد الكبري أو الصغري أو حتي الزوايا. أما هذه الدورات المدعاة يشك د. إدريس بأنها لن تخرج مثقفين فضلا عن تخريج من يتصدون للفتوي وذلك لأن المفتي لابد أن يكون من أهل الاجتهاد في علوم الشرع وخاصة في القضايا المعاصرة التي لا وجود لها في الكتب التقليدية. ويشك أيضا في أن الذين يختارون لهذه الدورات ممن تتوافر فيهم أهلية الفتوي أو الاجتهاد في علوم الشرع وذلك لأن أهلية الاجتهاد مرتبة سامقة لا ينالها إلا الراسخون في العلم من علماء الأمة ومصر لا يجتمع بين علمائها من تتوافر فيه شروط الاجتهاد والفتوي إلا نفر قليل يكاد يعد علي أصابع اليدين فاتقوا الله في المسلمين الذين ألجأهم سطحية المنهج الدعوي وعشوائية القرارات إلي الإلحاد والتنكب عن شرع الله تعالي. تسليح المفتي د. حمدي طه الأستاذ بجامعة الأزهر يقول: ليس الأمر في جلوس علماء الأوقاف للإفتاء سواء كان هذا في المساجد الكبري أو الصغري ولكن الأمر يرجع إلي الذي سيقوم بالفتوي هل درس الفقه علي المذاهب الإسلامية المشهورة وهل هو علي دراية بآراء العلماء السابقين في تلك المسائل التي سيجيبون عليها؟. إذن القضية ليست في الإفتاء إنما القضية في تسليح المفتي بأصول الإفتاء من الكتاب والسنة ومعرفة الصحيح من آراء العلماء ومن إجماع الأمة ومعرفة الشاذ منها. ونحن نعلم أن الإنسان ليس جهاز كمبيوتر ولكن هناك أسئلة يجب أن نضعها نصب أعيننا في عدم التسرع في الإفتاء فيها والتمهل في الرد عليها وذلك لئلا يكون المفتي شاذا في رأيه وأولي من ذلك أن نقوم باختيار مجموعة من كبار العلماء يمثلون المذاهب الإسلامية كالأحناف والشافعية والمالكية والحنابلة هؤلاء العلماء تنعقد لها دورات في الرد علي الناس في القنوات الفضائية ليكونوا علي دراية بما يقولون. وليعلم المفتي أنه لو قال الله أعلم خير له من أن يرد علي سؤال لا يدرك حقيقة الإجابة فيه فكما ورد عن الإمام مالك أنه كان إذا سئل عشرات المسائل يجيب عن سؤال والباقي يقول الله أعلم لأن المفتي في إفتائه للناس يوقع عن الله ورسوله وسوف يسأل أمام الله ورسوله. وفي رأيي أن العاملين في الأوقاف ليس كلهم مؤهلين للفتوي فهناك فرق بين الإمام والخطيب ومن يقوم بالفتوي.. فيجب أن يكون للفتوي أناس يعدون سلفا لذلك.. ومن هذه الصفات التي يجب أن تتوافر في المفتي أن يكون حافظا لكتاب الله وملما بأحاديث رسول الله وعلي علم بآراء العلماء السابقين له وأن يكون عالما بلهجات العرب وأن يتقي الله في إجابته فلا يأتي بشاذ ولا ينغص علي الناس حياتهم وليعلم علم اليقين أن رسول الله صلي الله عليه وسلم لم يترك شيئا من الحلال إلا ودلل عليه وما ترك شيئا من الحرام إلا وحذر منه.. وهناك القياس الذي يؤخذ علي الحلال وعلي الحرام وهناك المتشابهات.. وليعلم إذا كان البعض يقول إن الفتوي اجتهاد وقد اجتهد من قبلنا فلنجتهد نحن فليعلم الجميع أنه لا اجتهاد مع النص ولكن الاجتهاد في فهم النص. يري د. أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر أنه يحسب لهذا المشروع الرجوع إلي الاختصاص العلمي قال عز وجل ¢ولو ردوه إلي الرسول وإلي أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم¢ وقال جل شأنه ¢فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين¢.. فيلاحظ من الواقع العملي أن معظم المشتغلين بالعمل الدعوي والوعظي دراستهم الفقهية قليلة وبالتالي يقع كثيرون منهم في أخطاء تنال من ذاتية الأحكام الفقهية وهذا يحض علي حتمية دراسة الفقه الإسلامي في كل الكليات الشرعية والعربية بالأزهر الشريف. قال د. كريمة إن هذا المشروع يؤخذ عليه عدة أمور أهمها عدم توضيح آلية التدريب.. هل يتدربون علي كيفية مواجهة الجمهور أم كيفية استخراج الحكم الفقهي من الكتب والمصادر الفقهية المعتمدة؟.. كما أن المدة الزمنية المتاحة لا تعين مبتدئا علي مجرد الإلمام بأمهات الكتب أو رؤوس مسائل فقهية.. إلي جانب أن العلوم الفقهية ينبغي أن تعقد لها دورات من فقهاء الشريعة الإسلامية في أصول الفقه. آيات الأحكام القرآنية. أحاديث الأحكام النبوية بالإضافة إلي فقه الدليل. أكد د. كريمة أنه بدون الإلمام بهذه الأمور فإن المشروع سيكون مجرد شو إعلامي لا أثر ولا تأثير ولا فائدة. أمر محمود أشار الشيخ عبدالناصر بليح - مدير عام بالأوقاف إلي أن توقيع بروتوكول بين الأوقاف ودار الإفتاء المصرية للتعاون بين الطرفين في أمور الدعوة والفتوي وعقد المؤتمرات. لهو أمر محمود وحسن لطالما نادينا به كثيراً في العهود الماضية ولم يسمع لنا أحد مؤكدا أن إقامة دورات تدريبية مشتركة تنظمها دار الإفتاء بالمشاركة مع علماء الأوقاف في أصول وقواعد الفتوي. والرد علي الشبهات. وتفكيك الفكر المتطرف والضال. سوف يثقل من قدرة الإمام والخطيب علي الفتوي والرد علي الجميع ووقف حالة التخبط التي حدثت في الآونة الأخيرة. أكد الشيخ خالد أبوعيد الهاشمي القيادي الدعوي والنقابي بالصعيد يعد هذا الأمر خطوة جيدة في مواجهة فوضي الإفتاء من غير المتخصصين والمؤهلين الذين جعلوا الناس في حيرة من أمرهم إلي من يذهبون وفي إطار السعي الدؤوب في مواجهة التطرف والإرهاب والفكر المتشدد من غير المتخصصين رفعت وزارة الأوقاف مشعل النور للساءلين عن أمور دينهم من خلال لجان فتاوي في جميع مديريات الوزارة التي من خلالها يستطيع إيقاف نزيف الفتاوي المشبوهة ومواجهة الأفكار والفتاوي الهدامة الذي صنعها غير المؤهلين وإحياء للتراث الإسلامي من خلال دراسة القواعد والأسس التي تبني عليها الفتوي من خلال الفقهاء والاصوليين وانزالها علي الواقع والمستجدات العصريه وإظهار سماحة الإسلام في الفتوي وتعد أيضاً خطوه في تجديد الخطاب الديني الذي يعد ضرورة ملحة من أجل مواجهة الظروف التي تمر بها البلاد الآن ونقلها من التشدد والتطرف إلي سماحة ويسر الإسلام.