تجري وزارة التربية والتعليم تحقيقا عاجلا فيما تم تداوله بشأن تدريس المدرسة الأمريكية بالمعادي.. التابعة للسفارة الأمريكية.. معلومات مضللة حول حرب أكتوبر 1973 وادعاء هزيمة مصر في الحرب وانتصار إسرائيل.. ثم تنازلها عن أرض سيناء للمصريين في مفاوضات كامب ديفيد لأنها طيبة القلب". هذا خبر جارح مؤلم ولا يبعث علي الفرح والارتياح.. إذ كيف يسمح لنا ضميرنا الوطني أن نترك الحبل علي الغارب لهذه المدرسة "الأمريكية" ومثيلاتها من المدارس الأجنبية المنتشرة في مصر لكي تقدم - وهي علي أرضنا - معلومات تاريخية مغلوطة.. تتناقض تماما مع ثوابتنا الوطنية؟! من راجع المناهج ومن سمح بتلك المغالطات أن تمر؟! لقد انتقدوا مناهجنا الوطنية كثيرا بدعوي أنها ضد ثقافة السلام.. وطالبونا بتطوير هذه المناهج وتخفيف المواد التي تتحدث عن الجهاد والحرب وتاريخ الصراع العربي الإسرائيلي والحروب التي خاضتها مصر ضد إسرائيل لأنهم يقظون يبحثون وينقبون.. أما نحن فقد ركنا إلي الغفلة حتي فوجئنا بهم يزيفون التاريخ ووعي الطلاب. يجب أن تكون هذه الواقعة المؤلمة فرصة لفتح ملف المدارس الأجنبية والدولية التي انتشرت في بلادنا انتشار النار في الهشيم وتسابق إليها أبناء الطبقة العليا فأصبحت بمثابة مستوطنات تعليمية تشجع أبناءنا علي أن يعيشوا في بيئة ثقافية منعزلة.. وبالتالي يخرجون إلينا بعقول وثقافات وقناعات مختلفة كثيرا عن عقولنا وثقافتنا وقناعاتنا.. وأحيانا متصادمة.. ومن ثم تحدث الازدواجية المقيتة في المجتمع.. وتظهر أقليات ثقافية مصنوعة في الخارج.. بلغته ومناهجه وثوابته ورؤيته للحياة. المدارس الأجنبية.. أو الدولية.. تدرس مناهج دراسية تخص هذا المجتمع أو ذاك من المجتمعات الأجنبية لتلاميذ مصريين يعيشون علي أرض مصر.. هذه المدارس منها الانجليزية أو الأمريكية أو الفرنسية يعيش فيها أبناؤنا منظومة متكاملة من القيم والعادات والتقاليد والمفاهيم والتوجهات التي تنزع ابناءنا من شجرتهم ليكونوا صالحين للزرع في مجتمعات أخري.. المسألة لا تقف عند حد لغة أجنبية تدرس وإنما صارت هذه المدارس تشكل منهجا دراسيا خفيا أخطر من المنهج المعروف الذي يدرس علنا.. ويكفي ان التحدث فيها باللغة العربية من المحرمات. وفي الدراسة القيمة التي نشرها الخبير التربوي د. سعيد إسماعيل علي بجريدة "الأهرام" في 17 سبتمبر 2014 بعنوان "شروخ في جدار الأمن التربوي المصري" تأكيد علي أن التعليم عمل من أعمال السيادة الوطنية تقوم به الدول.. وهي المسئولة عنه لما يرتبط به من عناصر قوية بوشائج الأمن القومي.. تحقيقا للأمن التربوي.. الذي يقوم علي حماية الكيان الذاتي المصري. ونظام القيم المادية والمعنوية التي يتأسس عليها هذا الكيان. في هذا الاطار تطالب الدراسة بضرورة تحقيق التناسق والانسجام بين أبناء هذا الوطن عقليا وروحيا في مراحل التعليم الأساسي علي الأقل.. ففي المدرسة يجب أن يتغذي التلاميذ بغذاء عقلي وروحي مشترك.. ويربون علي طرائق في السلوك والتفكير متشابهة.. ويزودون بقسط من الحقائق والمعلومات يلتقون عنده علي مدي الحياة.. ذلك لأن الاتصال والتعاون الفكري في حاجة إلي أدوات ووسائل لا تقل خطرا وأهمية عن وسائل التعامل والتبادل المادي. والترجمة العملية لهذا المفهوم أن تكون مناهج التعليم الأساسي موحدة لكل أبناء المصريين.. خالية من التشويش والاضطراب والتزييف ووجهات النظر الشاذة.. حتي نأمن توافر جملة الشروط الأساسية لتنشئة مواطن يشعر بمصريته.. ويعتز بها.. ولا يراها منقوصة لا تكتمل إلا بما هو أجنبي. وأن يكون التنوع والتعدد فيما بعد مرحلة التعليم الأساسي. هناك فرق بين تعليم لغة أجنبية.. والتعليم باللغة الأجنبية.. حتي لا تخرج أجيال عندنا تفكر بعقول أجنبية.