رغم أن الموت علينا حق ولا مفر منه إلا أنه عندما يحين موعد موت إنسان غال نشعر بصدمة الفراق خاصة إذا كان الشخص المتوفي صديقا مخلصا يشهد له الجميع بالأخلاق الكريمة والتدين والصبر علي ما ابتلاه الله به من مرض ميئوس من شفائه.. لذلك عندما قرأت خبر وفاة زميلي الصبور جمال إمبابي لم اتمالك نفسي فقد نزل عليّ هذا الخبر كالصاعقة ورغم عذابه وآلامه لأكثر من عشر سنوات تقريبا منذ ان اصابه المرض اللعين إلا أنه لم يستسلم له بسهولة فقد قاومه بصبره وثقته في الله بأنه سوف يعوضه خيرا إن لم يكن في الدنيا سوف يكون في الآخرة. لن أنسي ياصديقي عندما كنت تبكي لي في التليفون من شدة الوجع والآلم ولم تفارقك مقولة ¢اسألك الدعاء¢.. وإذا تأخرت عنك في الاتصال كنت تبادر رغم شدة مرضك بالاتصال بي وكأنك تعاتبني وتقول لي تأخرت عني قليلا ولكن مازلت أذكر ¢أسألك الدعاء¢ ويعلم الله وحده لم يقف لساني عن الدعاء لك بالشفاء وأن يعوضك الله خيرا عما ابتليت به من مرض فأنت مثال الصابرين المؤمنين الذين إذا اصابتهم مصيبة قالوا ¢إنا لله وإنا إليه راجعون¢ هكذا كنت تقول لي دائما. لن أنسي يا صديقي دعاءك مرة والأطباء يأخذون منك عينة لتحليلها بدون بنج وتصرخ بأعلي صوتك وتقول ¢يا رااااب¢.. فقد كنت أشعر بك ولا أملك نفسي من التألم لما تشعر به من وجع ينخر في جسمك ولكن كل ما كان يخفف عنا صبرك أنت وإيمانك بالله. لقد كنت ياجمال لطيف المعشر حسن الخلق لا تجامل أو تتكلف بل تتعامل مع من حولك علي سجيتك اللطيفة فأنت طيب القلب حنون حكيم.. والقلم يعجز عن ذكر مناقبك فعندما يمتلك الحزن والاكتئاب من الإنسان لا يعرف كيف يرثي أخا غاليا أفني حياته في نشر الايجابية والخير لكل من حوله. كم هي قاسية لوعة فراق الأحبة.. إلا أن عزاءنا في فقدك اننا كلنا ماضون إلي قدر الله وموعدنا الدار الآخرة حيث الجزاء الأوفي فسبحانه جل شأنه قال في كتابه الحكيم ¢كل نفس ذائقة الموت¢.. وسيجمعنا سبحانه في يوم لا ريب فيه حيث يلقي الحبيب حبيبه ولولا هذا الأمل لتقطعت قلوبنا حسرة وكمدا. إن كنت قد سبقتنا ياجمال وتركتنا في هذه الدار التي هي معبر وممر فما أحسن ممرك وما أعظم زادك نحسبك والله حسبك ولا نزكي علي الله احدا.. فكثير هم محبوك وكثير هم الذين حزنوا علي فراقك فقد كنت نعم الرجل الصالح والأخ الحنون البشوش الناصح الأمين والذي إن قصدك أي إنسان في أي مشكلة لم تتأخر عنه يوما ووجدك خير معين. إن الكلمات عاجزة عن أن توفيك حقك ولا أملك سوي أن أقول أحسن الله لك يا أخي الغالي كما أحسنت لنا دوما وغفر لك ورضي عنك.. وأنا شخصيا مهما مرت الأيام فلن أنساك فقد كنت لي الأخ والصديق.. ورغم أن العين تدمع والقلب يحزن وإنا لفراقك لمحزونون إلا اننا لا نملك إلا أن نقول ما يرضي ربنا.. نسأله أن ينزلك منازل الصالحين والشهداء ويرحمك بواسع رحمته ويجمعنا بك المولي في مقعد صدق عند مليك مقتدر.. وإنا لله وإنا إليه راجعون.