من رحمة الله بعباده انه يرشدهم دائما إلي ما ينفعهم في الدنيا والآخرة ويفتح كل أبواب الخير ويجعلهم يمضون في حياتهم بلا أي منغصات تعكر صفو حياتهم وتجعلهم محبوبين في مختلف الأوساط التي يعيشون بينها فها هو رب العالمين يهدينا إلي أقوم طريق فيحكي في آيات من الذكر الحكيم عن وصايا نافعة حكاها عن لقمان الذي أتاه الله الحكمة ليقتدي بها الناس ويتخذونها نموذجا يضيء لهم طريقهم ويبعد عنهم شبح الكبر والاختيال. يقول ربنا سبحانه وتعالي "ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور" "19 لقمان" تنبيه من الله لعباده المؤمنين بعدم الاعجاب بالنفس والمشي علي الأرض مختالا لأنك تثير بين الناس صفات توغر الصدور وتحرك في النفس كل نوازع الشر. ولاشك ان الخيلاء كبر يمقته الله سبحانه عن ثابت بن قيس ابن شماس قال: ذكر الكبر عند رسول الله فشدد فيه فقال إن الله لا يحب كل مختال فخور أي مختال معجب بنفسه فخور علي غيره وذلك تنزيها لكل مسلم من الصفات التي تنفر الناس منه لكي يبعد الله عن النفوس شبح هذه العادة السيئة التي تحرك الضغائن والأحقاد. لكن هذا الاختيال قد يكون مطلوبا في أوقات الحروب لإرهاب العدو وشحذ الهمة في النفس للإقدام علي ملاقاة الأعداء فها هو أبو دجانة سماك بن قرشة أحد أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم من المجاهدين في سبيل الله بقوة يستخدم اسلوبا يحرك كوامن القوة في نفسه حين يلقي الأعداء تنقل كتب السيرة والتراجم وقد شهد هنا الصحابي بدرا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم وكان معه الأبطال الشجعان ومن مواقفه المشرفة دفاعه عن رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم أحد فقد كان لدي رسول الله درعان من السيوف وفي غمار هذه المعركة قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: من يأخذ هذا السيف بحقه فقام اليه رجال لكن الرسول أمسكه عنهم وفي تلك اللحظات وقف أبودجانة وقال موجها حديثه لرسول الله صلي الله عليه وسلم وما حقه؟ قال: أن تضرب به في العدو حتي ينحني قال ابودجانة: سوف آخذه بحقه فأعطاه إليه هذا الرجل كان خيالا في الحروب يجيد فنونها لإحداث الرعب والرهبة في نفوس الأعداء. فقد كانت لديه عصابة حمراء حينما يعصبها علي رأسه يعلم الناس انه سيقاتل بشراسة وعندما أخذ السيف من يد رسول الله صلي الله عليه وسلم أخرج العصابة من جيبه فعصب بها رأسه وأخذ يتبختر بين الصفين وحينما رآه رسول الله صلي الله عليه وسلم علي هذه الهيئة وهو يتبختر بين المقاتلين قال انها لمشية يبغضها الله إلا في مثل هذا الموطن. أبودجانة أقره رسول الله صلي الله عليه وسلم علي تحركاته بعصابته الحمراء وسط الجيوش يوم أحد فقد كان الرجل من الذين استقر الايمان في قلوبهم ولم تكن هذه الظاهرة تلازمه في حياته الخاصة وانما كان يلجأ إليها في ملاقاة الأعداء في إطار قول الله تعالي "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم" فقد اشترك ابودجانة في قتل مسيلمة الكذاب يوم اليمامة في عهد خليفة رسول الله أبوبكر الصديق. مما يؤكد ان الرجل كان متواضعا وما فعله يوم أحد انما هي إحدي مظاهر شجاعة المقاتل حينما يحفز نفسه علي الاقدام في الحرب بعيدا عن التخاذل. حقيقة هذه العادة مرفوضة في تعامل أي انسان مع الآخرين في الحياة العامة لنشر الحب ومنع أي مظاهر للكبر حرصا وحماية للمرء من شرور نفسه وهواجسها لأن تلك العادة السيئة تؤدي إلي التباعد والتشاحن بين الناس. نسأل الله أن يبعد عنا الكبر والاختيال بأي صورة من الصور.