تعددت في الأيام الأخيرة حوادث اضطهاد المسلمين في الخارج ففي أمريكا قتل إمام مسجد الفرقان بنيويورك ومساعده بإطلاق الرصاص عليهما وفي فرنسا تم إغلاق الكثير من المساجد وشبهت نائبة برلمانية المحجبات بالنازية وفي أستراليا قام متطرفون بارتداء زي المسلمين واقتحموا كنيسة أثناء أداء عظة الأسبوع لأن الكاهن يدعم المهاجرين والمسلمين وفي روسيا يتم تتبع أئمة المساجد ومحاكمتهم بتهمة التطرف وغير ذلك الكثير مما يتعرض له المسلمون يوميا في دول الغرب والتي تدل علي تأجيج الإسلاموفوبيا. السؤال ماذا يجب علي المسلمين القيام به لتصحيح صورة دينهم الخاطئة في الغرب وتخفيف وطأة العنصرية التي يتعرض لها الأقليات المسلمة وما تأثير الزيارات التي يقوم بها علماء الأزهر والإفتاء مما يحدث للمسلمين في الخارج ؟. د. عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر يري أن بعض شواذ الفكر من الغربيين دأبوا علي وصم الإسلام بأنه دين ينبغي ألا يتبعه أحد باعتبار أنه -من وجهة نظرهم الكليلة- دين يحض علي العنف... ونحو ذلك من ترهاتهم إلا أن الإسلام دين أسمي من أن يدافع عنه أتباعه أو غيرهم بل يجب أن يتهم من يعمد إلي تشويه منهجه ومبادئه وسلوك أتباعه وأن يلتحق بمصحة نفسية يعالج بها من فكره المريض غير السوي فالإسلام فضل علي البشرية جميعا فكتابه هداية للبشرية وعلماؤه علموا العالم العلم وما زالت كتبهم في الطب والكيمياء والفلسفة وعلوم الاجتماع والأدب والقانون وغيرها تدرس في جامعات الغرب فالإسلام مصدر خير علي البشرية جمعاء. أضاف أنه من التصرفات الحمقاء التي ما زال الغرب يسلكها حيال الإسلام ورموزه وأتباعه هذه الهجمة غير المبررة علي الإسلام ومقدساته وأتباعه ودعاته فوفقا لأي منهج تهدم المساجد في بلاد الغرب وهي بيوت عبادة شأنها شأن سائر دور العبادة في الديانات السماوية وغيرها ولمَ لمْ تهدم سائر دور العبادة مثل هدم المساجد إلا أن يكون منهج الغرب المبغض للإسلام هو القضاء عليه في كل وجوه الانتساب إليه وفي أي منهج يتم منع المسلمات المحجبات أو المنتقبات من العمل في مؤسسات الغرب أو التجول بحرية في أي مكان مثل سائر النساء ووفق أي مبرر قتل أئمة المساجد والقائمين عليها في بلاد الغرب إلا أن يكون منهج الهمجمية وشريعة الغاب هي التي تسود هذه البلاد وإذا كانت هذه الدول تتشدق بالحقوق والحريات فأين هذه الحقوق والحريات مما تمارسه من مظاهر الإجرام ضد الإسلام ورموزه وأتباعه كل هذا ينبه إلي أن رسالة الأزهر التي يتشدق بها القائمون عليه والتي صدعوا بها الرءوس لم تصل بعد إلي هذه البلاد فإن شيخ الجامع الأزهر كان بفرنسا قبل قيامها بهدم المساجد بأيام معدودة بما يدق ناقوسا شديد الصوت بعدم جدوي زيارته وأنها لم تأت بطائل ولم تغير من فكر المبغضين للإسلام فتيلا فليتنا لا نبالغ في جدوي الرحلات المتكررة والتصريحات الإعلامية للقائمين علي المؤسسات الدينية في المجتمعات المسلمة لأنها في ضوء ما يحدث كالعدم وهذا يقتضي بذل المزيد من الجهد العملي -لا الشعاراتي- لإزالة هذا الكره للإسلام ورموزه وأتباعه من نفوس الغربيين حتي لا تتفاقم المشاكل لنجد ردة جماعية ممن أسلموا وحينها سنكون جميعا آثمين لأننا لم نقم بما وجب علينا تجاه الدعوة إلي الإسلام. التمسك بالعقيدة يقول د. حمدي طه الأستاذ بجامعة الأزهر إن هذا هو موقف الغرب منذ قديم الزمان فلن يرضي الغرب عن الإسلام مهما فعل المسلمون.. ويكفينا ما أعلنه مرشح الرئاسة الأمريكية دونالد ترامب وأن داعش صنيعة أوباما وكلينتون فهم يقفون خلف من يشوه صورة الإسلام والمسلمين وليست هذه هي الهجمة الأولي علي الدين الحنيف.. فالإسلام عندما خرج من مكة هوجم من الناس جميعا لأنه كان دينا غريبا عليهم وهذا مصداقا لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم "خرج الإسلام غريبا وسيعود غريبا وطوبي للغرباء. أكد أنه يجب علي المسلمين ألا يصيبهم اليأس والأسي في هذا الوقت من الزمان وأن يتمسكوا بعقيدتهم ودينهم ويعلنوا الوسطية الإسلامية عملا لا قولا حتي يجذبوا قلوب العامة لهذا الدين.. وعلي المؤسسات الإسلامية المنوط بها الدفاع عن هذا الدين أن تقوم بدورها ولا تتساهل وأن تتمسك بأصول دينها وتعلن للعالم سماحة هذا الدين الذي جاء به سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم وسار علي نهجه جميع الأنبياء. أشار إلي أن هذه عاصفة وسوف تمر كما مرت عواصف شديدة قبل ذلك علي هذا الدين ومازال الإسلام باقيا لأن الذي حفظ دستور هذا الدين هو الله فقد قال جل شأنه "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون" وإذا كنا علي أمل أن يرضي اليهود والمشركون عن هذا الدين فإن الله سبحانه وتعالي قال "ولن ترضي عنك اليهود ولا النصاري حتي تتبع ملتهم" ومن هنا كان عداء هذا الدين. شبهات كثيرة الدكتورة آمال عبد الغني أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة المنيا تري أنه علي أهل العلم من المختصين وأهل الحكمة أن يظهروا سماحة الإسلام لأن هناك شبهات كثيرة حوله في مقدمتها التشدد والتطرف رغم أن هذا بعيد كل البعد عن الإسلام فالقرآن الكريم يقول "وكذلك جعلناكم أمة وسطا" والوسطية هنا تكون في القول والفعل والعمل.. لكن للأسف الصورة النمطية السائدة في الغرب عن الإسلام أنه دين لا يصلح للعصر وأنه السبب في تأخر المسلمين وخطر علي الغرب ويمثل بيئة محدودة في وقت محدود وهي البيئة العربية وقت مبعث النبي صلي الله عليه وسلم.. وصورة المسلم الإرهابي الذي يبحث دائما عن إزعاج الآخرين.. والمرأة المتأخرة حبيسة البيت فكل هذه الصور النمطية موجودة في الكتابات الغربيةوالأمريكية.. حتي بعض المستشرقين ظلموا الإسلام والمسلمين كثيرا وأساءوا إلي القرآن الكريم والسنة النبوية والفقه والتراث الإسلامي والثقافة الإسلامية لكن مع الظلم العام يكون هناك بعض الإنصاف الخاص.. وما زلنا نأمل في واقع أفضل للدراسات الاستشراقية التي لا تزال تمشي في ركاب الاستعمار الغربي أو الفكرة الاستعمارية الغربية أو الهيمنة الغربية. تري د. عبد الغني أنه لابد من إنشاء قناة فضائية إسلامية تبث برامج ومسلسلات وأفلاما باللغة الإنجليزية تعبر عن صحيح الدين وتقدم من خلالها الصورة الحقيقية للإسلام بأنه دين يدعو للسلام والمحبة والتعايش وبعيد عن الإرهاب والتشدد والعنف.. وهذه الفضائية تكون منبرا للحوار مع الغرب وتمول تمويلا إسلاميا وتضم هيئة من خبراء الإعلام في الخارج ويكون لها مراسلون في كافة دول العالم الغربي حتي يساهموا في تبصير المجتمعات هناك بحقيقة الإسلام. قبول الآخر أكد د. إبراهيم نجم مستشار مفتي الجمهورية أن مرصد الإسلاموفوبيا التابع لدار الإفتاء أدان بشدة تصريحات لبرلمانية فرنسية. شبهت فيها المحجبات بالنازية. وأن وجودهن في فرنسا أصبح مثل الاحتلال النازي.. وهذا وصف غير مقبول وتجنّي واضح» لأن تحميل المحجبات جرائم بعض المنتمين للتنظيمات الإرهابية. أمر غير منطقي. وإلا لحملنا كل الألمان تبعة جريمة الشاب الألماني ذي الأصل الإيراني حين صاح "أنا ألماني" وهو يقتل تسعة أشخاص منهم ثمانية شباب مسلمين في مدينة ميونيخ في شهر يوليو الماضي. قال د. نجم إن دار الإفتاء المصرية تدعو دائما إلي مد جسور التعاون مع الجهات والهيئات والمنظمات الداعمة للتعددية وقبول الآخر وحرية الاعتقاد لمواجهة الخطاب العنصري المتطرف الذي يستهدف القضاء علي كافة أشكال التعدد والتنوع بدعوي الحفاظ علي الجنس الأوروبي . والتأكيد علي حق كافة الأفراد في الحرية وممارسة شعائرهم الدينية.