هي رئيس قسم اللغة الاسبانية وآدابها بآداب القاهرة. تخصصت رحلتها العلمية في دراسة وترجمة الأدب المكتوب بالاسبانية. ورغم تخصصها في السرد الفني فاللافت أن الشعر يمثل معظم ما ترجمته من الاسبانية إلي العربية. والعكس. قلنا للدكتورة عبير عبدالحافظ: هل تترجم حركة الترجمة من العربية إلي الاسبانية والعكس. قدر ارتباط الأدب العربي بالأدب المكتوب بالاسبانية؟ قالت: مرت حركة الترجمة من الاسبانية إلي العربية بعدة مراحل. بداية من مرحلة الترجمة عن الانجليزية والفرنسية في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي. لكن د. محمود علي مكي وقبله د. عبدالعزيز الأهواني ترجما عن الأسبانية مباشرة. وفي الثمانينيات حدثت قفزة للترجمة مع حصول مجموعة من أدباء أمريكا اللاتينية جوائز عالمية. مثل نوبل. فترجمت أعمال لماركيث واكتافيو باث من أدباء أمريكا اللاتينية. كما ظهرت ترجمات لأعمال خوسيه سيلا. وترجم د. مكي شعر لوركا. وترجمات أخري عن الانجليزية لأحمد حسان. ثم ظهرت مجموعة تالية من المترجمين المحترفين الذين ترجموا عن الاسبانية. وفي مقدمتهم الراحل د. محمد أبوالعطا ود. نادية جمال الدين ود. نجاة رزق ود. محمود عبدالفتاح. ومن الأزهر د. حامد أبوأحمد ود. علي البمبي وغيرهما. ثم ظهرت أسماء أخري أكثر حداثة. بداية من جيلي. * بماذا تميز جيلك؟ - أولاً: الانفتاح علي أدب أمريكا اللاتينية. وأدب اسبانيا المعاصر. البعض منهم درس في اسبانيا. وكان علي صلة مباشرة بالأصوات الشعرية والروائية. وصدرت ترجمات د. هيام عبده. د. سلوي محمود. د. غادة طوسون. ترجمات قوية جداً من العربية إلي الاسبانية. * ماذا قدمت من ترجمات؟ - لدي سبعة دواوين مطبوعة في أمريكا اللاتينية. كما ترجمت أهم ملحمة في الشعر الأرجنتيني. وتقابل لدينا المسيرة الهلالية. والكثير من المترجمين العرب لهم كتب طبعت في أمريكا اللاتينية. لذلك يظن البعض أن الأدب العربي غير معروف في اسبانياوأمريكا اللاتينية. * الملاحظ أنك لا تشاركين بفعالية في الحراك الثقافي؟ - بالعكس. أنا أسهمت بالكثير في مجالي. وقد أشرت إلي بعضه. كما شاركت في أكثر من مؤتمر للجنة الثقافية باتحاد الكتاب. وفي ملتقي للشعر بالقاهرة. وناقشت عملاً لبهاء عبدالمجيد. لكن الشللية تحجب أي نشاط حقيقي. فكل جماعة منغلقة علي نفسها. * في تقديرك: ما تأثيرات الأدب المكتوب بالاسبانية علي الإبداع العربي؟ - أعتقد أن جيل التسعينيات وما بعده تربوا علي ترجمة إبداعات أدباء أمريكا اللاتينية. وتأثروا بطرق السرد والتركيبة الروائية. إلي جانب الآداب الأخري المترجمة بشكل عام. فالترجمة وصلة معرفية بين الثقافات. عندما اقرأ كتاباً في الجغرافيا عن بلد ما. يقدم لي معلومات جغرافية فقط. أما الرواية أو القصة فنحن نتعرف فيها إلي كل المعتقدات والعادات والتقاليد والتاريخ وكل جوانب الحياة. والحق ان جيل الشباب الحالي مطلع علي الحركات الأدبية في العالم. ولديه رؤية كونية. وهذا بالطبع نتيجة العولمة. فالعالم أصبح قرية كونية. وسبل التواصل أكثر سهولة ومباشرة. وقد تأثر الأدب بالسرعة الهائلة التي أتاحتها وسائل التواصل الاجتماعي والجرأة في كسر التابوهات. وكان لثورة يناير فضل في الالتفات إلي أدبنا من كل دول العالم. * ما الصورة الحالية للترجمة من وإلي الاسبانية؟ - شاركنا في مهرجان كوستاريكا للشعر. ومهرجان للشعر بالمكسيك. وكذلك الأرجنتين. وهناك ترجمات من الشعر العربي إلي الاسبانية. وكلها نشرت في أمريكا اللاتينية. وفي جامعة القاهرة بدأ قسم اللغة الاسبانية منذ خمس سنوات. مشروعاً مع موسوعة يوكوبيديا لنشر مئات المقالات المترجمة من الاسبانية إلي العربية. وأيضاً إعداد الكوادر. وهذا البرنامج أشرف عليه شخصياً بالتعاون مع مجموعة من المترجمين الاسبان. إلي جانب ورشة سنوية مع مدرسة طليطلة. وهي أقدم مدرسة في أوروبا. وكذلك ورشة في مارس أو ابريل من كل عام في جامعة القاهرة. وثمة حركة ترجمة في سوريا. ومن أهم الأسماء صالح علماني. وهناك ترجمة في دول المهجر. فقد ترجموا الأدب المكتوب بالاسبانية إلي العربية. وهناك ترجمات للمجلس القومي للترجمة. تضم مجموعة كبيرة من مصر والوطن العربي. فالدكتور جمال عبدالرحمن ود. عيشة سويلم لهما ترجمات متميزة عن الأندلس والمورسكيين. وللأسف فإن الاسبان لا يترجمون من العربية إلي الاسبانية. نحن الذين نقوم بهذا الدور. وأتوقع ان يسهم الشباب من المترجمين في كليات أسوان والمنيا والقاهرة وحلوان بمعطيات متميزة. فهم يتمتعون بدرجة عالية من الحماسة. * ماذا عن المعوقات؟ - بالنسبة لأقسام الاسبانية لا توجد معوقات. هي ثاني أكثر لغة تحدثاً علي مستوي العالم. واللافت ان الكثير من أساتذة الجامعات يؤكدون وجود معوقات لتعلم اللغات. ما نحتاجه هو تطوير مناهج التدريس. وتعزيز دور المعلم. ومع كل ما سبق. فإن كل المجهودات والمبادرات تظل فردية. ولعلي أطالب بتضافر كل الجهود لخلق منظومة ثقافية وعلمية للترجمة. لابد من قرار مؤسس لدعم هؤلاء الشباب. وخلق إطار مؤسس بشكل عام. وأعتقد اننا الآن بحاجة إلي جامعة للترجمة. وليس مجرد أقسام أو كليات. الصين لديها الآن جامعات للترجمة. * أنت الآن تشغلين منصب رئيس قسم الأدب الأسباني.. ما تبعات هذا المنصب؟ - العمل الإداري شاق. لكنني في كل يوم أتعلم الجديد. وكما أري فإن البحث حل أفضل من الاقتصار علي إثارة المشكلات. * بماذا تفسرين الإقبال المتزايد لأقسام الاسبانية؟ - يتقدم إلينا - في الحقيقة - أكثر من ثلاثة آلاف طالب. ينضم منهم مائة طالب فقط. والسبب ان اللغة الاسبانية لغة لطيفة ومبهجة. وهي لغة حية. وتعد ثاني اللغات المنتشرة. ويتحدث بها مئات الملايين في اسبانيا ودول أمريكا اللاتينية. اضافة إلي الوشائج التاريخية التي تربطنا بالأندلس. * أخيراً. هل تتوقعين حصول أدبنا العربي علي نوبل مرة ثانية؟ - اثنان يستحقان الجائزة الدولية: نوال السعداوي فهي صاحبة فكر وموقف ورؤية واضحة تبين في أعمالها الإبداعية التي انتشرت - في الأقل - بحكم عملها في الأممالمتحدة. اضافة إلي ان أدبها ترجم إلي أكثر من لغة. أما المبدع الثاني فهو صنع الله إبراهيم. صاحب كتابة عميقة. ونبع لا ينضب. وقد تأثر به كل من مي التلمساني وأمينة زيدان وخالد الخميسي وأحمد مراد. وغيرهم.