قليل هم المسئولون الذين يشعرون بمعاناة الناس ويهتمون بهم.. بل أقول إن هؤلاء المسئولين أصبحوا من الندرة بحيث نشبههم بالمثل الذي يقول: كالإبرة في كوم من القش. المسئول يتقلد المنصب ولا يفكر إلا في نفسه.. ينفذ سياسة قد يخطئ وقد يصيب فيها.. فإذا نبهه أحد إلي خطئه تكبر واستكبر ولا يسمع الا طنين أذنيه.. انه يظن نفسه فوق الخطأ وبالتالي ينظر إلي نقاده نظرة تعال واستعلاء.. ولم لا؟! انه مطمئن إلي ثباته في منصبه مهما ارتكب من أخطاء.. انه دائما يعتمد علي شخص أعلي منه يسنده ويحميه!! الناس تشكو وتتألم.. وهو لا يعنيه ذلك.. وبالتالي لا يرهق نفسه بالرد علي الشكاوي.. "خليهم يشكوا ويضربوا رأسهم في الحيط"!! هذا هو المنطق السائد في هذه الأيام!! بحثنا كثيرا عن الذين يهتمون بمشاكل الناس.. وأخيرا وجدنا قليلا من الوزراء والمحافظين وبعض كبار المسئولين.. احسسنا بأن دماءهم تمتزج بثقل المسئولية.. وأن واجبهم أن يتجاوبوا مع مشاكل المواطنين.. فردوا وأراحوا واستراحوا ونالوا التقدير والاعزاز. لا أريد أن أعدد هؤلاء المسئولين.. ولكني سأركز علي واحد منهم اكتشفت ان احساسه بالمسئولية يفوق أي تصور.. إنه السفير محمد عبدالحكم مساعد وزير الخارجية للشئون القنصلية والمصريين بالخارج. لقد كتبت مقالا عن المصريين في فرنسا الذين يعانون عندما يموت أحدهم. ولم يترك ما يعين اخوانه هناك علي شحن جثته إلي مصر ليدفن في بلده.. وتوجهت بكلامي للسفير المحترم محمد عبدالحكم.. ورغم ان الرجل لم يكن متواجدا في مصر عندما نشر المقال إلا أنه سارع بالرد من خلال اتصال تليفوني مضيفا اليه ردا مكتوبا. وشرح الرجل باستفاضة وبكل الصراحة جهود وزارة الخارجية القطاع القنصلي في هذا الموضوع.. واكد علي ان الوزارة تتحمل عبء وتكاليف شحن الجثمان إذا لم يترك الميت ما يكفي هذه التكاليف.. وشكرت السفير علي حسن استجابته للشكوي المنشورة. ولفرط إحساس الرجل بالمسئولية وتجاوبه مع المغتربين من أبناء مصر في الخارج سارع بالاتصال تليفونيا بالأخ عبدالرحمن سليم أحد المسئولين في رابطة الجالية المصرية في فرنسا.. واستمع منه مباشرة إلي شكواه وابدي تجاوبا كبيرا مع ما طرحه الأخ عبدالرحمن.. واكد خلال هذا الاتصال تحمل الوزارة تكاليف نقل جثمان الميت غير المقتدر. السفير محمد عبدالحكم نموذج مشرف للدبلوماسية المصرية.. ونموذج مشرف للمسئول الذي يقدر المسئولية ويقوم بواجباتها خير قيام.. ولو كنا نملك 50 في المائة من المسئولين علي هذا الطراز لما وجدنا الناس تئن وتتوجع وسط ظروف معيشية صعبة تزيدها جهالة بعض المسئولين وتجاهلهم صعوبة. أجد من واجبي أن أكرر شكري وتقديري للسفير محمد عبدالحكم ولوزارة الخارجية.. وأقول له: كم أنت مسئول رائع. رسالة قصيرة: خسارة يا دكتور عبدالمنعم عمارة!! حتي أنت؟!