تعكس واقعة فرمان رئيس مدينة دير مواس بتحويل بيت الثقافة في المدينة إلي وحدة للغسيل الكلوي بناء علي رغبة أحد أعضاء البرلمان. عدة أشياء . أولها نظرة الدولة المتدنية إلي الثقافة وأهميتها وضرورتها . ثانياً سوء اختيار المسئولين في معظم مواقع الدولة. ثالثاً حرص كل مسئول في موقعه علي التشبث بهذا الموقع حتي لو اضطر للرضوخ لمجرد رغبة أبداها عضو برلمان. عندما أبدي عضو البرلمان رغبته في تحويل بيت الثقافة بدير مواس إلي وحدة للغسيل الكلوي لم يجرؤ رئيس المدينة علي مناقشته واستدعي مدير البيت طالبا منه إخلاءه . بالذوق وإلا سيتم إخلاؤه بالقوة. وكأننا لسنا في دولة . وكأن رئيس المدينة لايعلم أن مواقع قصور الثقافة لاتتبع الإدارة المحلية وأنه لايجوز له التدخل في شئونها. دير مواس مدينة تتبعها عدة قري . منها قرية دلجا التي شهدت العديد من اعمال العنف والإرهاب . وبدلاً من أن يدعم رئيس المدينة ومحافظه العمل في هذا الموقع يتخذ قراره العجيب بنقل البيت إلي الوحدة المحلية لأن موقعه أعجب السيد عضو البرلمان. لاأحد بالطبع يرفض إقامة وحدة للغسل الكلوي للمواطنين البسطاء . ولكن هل ضاقت الدنيا بالسيد عضو البرلمان وتابعه السيد رئيس المدينة فلم يجدا سوي بيت الثقافة باعتباره الحيطة الواطية؟ الغريب أن المنيا تكاد تكون المحافظة الوحيدة في مصر التي يصر مسئولوها علي محاربة العمل الثقافي دون هوادة وكما يقول د.شعيب خلف مدير الفرع الثقافي بالمنيا لم يكن بيت ثقافة ديرمواس وحده المطمع من الجهات الحكومية وغير الحكومية في الفترة الماضية . وكأن الثقافة ومبانيها علي قلتها مقارنة بالتعليم والشباب والرياضة . هي الحائط المائل . والصيد السهل . الذي يراه المسئولون في هذا البلد العظيم أصل الثقافة والحضارة والتنوير لا أهل له ولا صاحب . ولا مدافع . الأمر قد تكرر كثيرًا في الشهور الماضية : ويذكر شعيب خلف أن إحدي الجهات القضائية ابلغته بنقل بيت ثقافة ملوي القديم "المكتبة القديمة" إلي مكان آخر في مجلس المدينة لأن هذه الجهة القضائية تريد المكان . ويقول أيضاً قامت إحدي الجمعيات الأهلية بالسطو علي حديقة مكتبة إبوان الثقافية وقامت هذه الجهة علي مرأي ومسمع من مجلس قروي إبوان بالاستيلاء علي ما يخص المكتبة في الحديقة ولجأنا لكل الجهات المعنية والقضائية ولم تقدم لنا شيئًا حتي الآن. كما قام أحد الأهالي الطامعين للإستيلاء علي قصر ثقافة مغاغة برفع دعوي قضائية للحصول علي القصر وكل يوم في "سين وجيم" مع الجهات القضائية في مغاغة . ويستمر شعيب خلف في سرد مآسي الثقافة في إلمنيا ويقول حدث نفس الأمر مع بيت ثقافة شاهين الذي استطاع رئيس مجلس مدينة المنيا الحصول علي موافقة المحافظ السابق اللواء صلاح زيادة بإخلاء المكان للوحدة المحلية لمدينة المنيا بحجة أن هناك عددًا من الموظفين الجدد الذين لا يجد لهم مكانًا يجلسون فيه والشقة منذ إخلائها من العام الماضي لا يوجد بها احد ومغلقة واضطرت الهيئة لاستئجار مكان ليبقي بيت ثقافة جاهين يؤدي خدماته الثقافية لجماهيره: أما بيت ثقافة سمالوط وهو عبارة عن حجرتين في مجلس المدينة وما يلقاه الزملاء من استفزاز المجلس لهم والتفتيش علي حضورهم وانصرافهم لترك البيت فهو مايدل علي حجم الاستفزاز الذي يلقاه العاملون بالثقافة.... ويقول شعيب خلف إذن نحن تجاه رؤية تري الثقافة ترفًا لا فائدة من ورائها وهذا ما جعل التشدد والتطرف في الرأي يصل بنا لهذا الحد في محافظة عريقة مثل المنيا وهي بلا منازع أم التنوير في العصر الحديث بكتابات طه حسين وفكر رشدي صالح وبصيرة مصطفي عبد الرازق وثقافة لويس عوض وجرأة هدي شعراوي . ومحبة يوسف الشاروني . وتربية يعقوب الشاروني واستدلال علي عبد الرازق وكفاح عبد العزيز مصلوح وأريحية عبد المجيد فوزي وعلي بيومي ......... لا أظن أبدا أن طفلًا يسمع الموسيقي الراقية أو يعزف ألة موسيقية . أو يجلس في مرسم ليرسم الجمال أو يجلس في ندوة شعرية ليسمع الشعر سيستبد برأيه بعد ذلك . أويفرض حجته واستنباطه علي الآخرين ساعدونا لتبقي أماكننا الثقافية علي قلتها بؤر ضوء تنير الظلام وليست بركًا راكدة نغرس فيها مشاعل التنوير فينطفيء النور ويعم الجهل ونندم علي ما فعلنا في يوم لا ينفع الندم. انتهي كلام مدير الفرع الثقافي ولكن تبقي عدة أسئلة أين رئيس هيئة قصور الثقافة د.سيد خطاب مما يحدث لمواقعه في المنيا . وأين الكاتب حلمي النمنم وزير الثقافة . لن اسأل أين محافظ المنيا فإذا كان يعلم مايحدث للثقافة في محافظته ويسكت فتلك مصيبة وإذا كان لايعلم فالمصيبة أعظم .. وفي كل الأحوال فلو كنا في دولة تحترم الثقافة وتقدر أهميتها وضرورتها . لو كنا في دولة تريد أن تحارب الإرهاب فعلاً لكان يجب أن تكون هناك وقفة حاسمة مع هذا المحافظ ومساعديه من رؤساء المدن أعداء الثقافة.