"لو أنت مغرور مش حتتقدم.. لازم تسمع وتبقي متواضع ولابد أن تقبل النقد".. هذه العبارة جزء من نص كلمة ألقاها الجراح العالمي مجدي يعقوب في جمع كبير من الأطباء أثناء الاحتفال بالعيد 118 لإنشاء كلية طب قصر العيني منذ أيام.. الحقيقة أن كل ما قاله د. مجدي يعقوب بما فيه هذه العبارة علي بساطته لو تم الأخذ به والانتباه لأهميته يصلح ميثاق شرف لمهنة الطب السامية التي حولها غالبية الأطباء خاصة الكبار إلي تجارة بالمرض وآلام المرضي.. يحدث هذا في غياب دور الدولة سواء في تنظيم المهنة أو تقديم خدمة صحية حقيقية تحد من جشع الكبار. قال د. مجدي يعقوب للأطباء إن لم تستطيعوا علاج المرضي فلا تؤذوهم.. علاقة الطبيب بالمريض لا يجب أن تعتمد علي الدواء فقط بل علي تفهم حالته النفسية والمادية وما يعانيه من آلام نتيجة مرضه.. نحن بشر لنا عقل يفكر ولسنا أدوات بلا عقل.. أهمية أن تصدر هذه المعاني من مجدي يعقوب أنها تصدر عن قدوة يفعل ما يقول فهو بالفعل متواضع وبسيط وأبعد ما يكون عن الغرور.. منحته ملكة بريطانيا الملكة اليزابيث الثانية لقب فارس عام 1966 وأطلقت عليه الأميرة الراحلة ديانا لقب ملك القلوب فهو أشهر جراحي القلب في العالم علي الإطلاق. الدكتور مجدي يعقوب المصري ابن محافظة الشرقية تخرج في طب قصر العيني ثم أكمل تعليمه في الخارج.. حصل علي الجنسية الإنجليزية لكنه لم ينس أبداً بلده مصر ولم يبخل علي المرضي المصريين بعلمه وخبرته فقدم لهم خدماته الطبية وأجري أخطر عمليات القلب مجاناً.. أنشأ مركز القلب في أسوان والذي يحمل اسمه وطبق فيه ما يؤمن به من أن الفقير والغني يجب أن يحصل كل منهما علي نفس الخدمة الصحية دون أي تمييز للغني فكان يجري للغني الجراحة بالمجان فإذا أراد التبرع للمركز فله ذلك بعد نجاح العملية. لم يقتصر عطاء د. مجدي علي مصر بل امتد لمعظم دول العالم النامي فأسس جمعية سلاسل الأمل لإجراء العمليات مجاناً للأطفال مرضي القلب.. كما قدم خبرته راضياً وسعيداً لجيل من الأطباء تتلمذوا علي يديه ويقومون بتقديم نفس الخدمة بنفس كفاءة مجدي يعقوب ليس في مصر فقط بل في العديد من الدول. الكلام عن مجدي يعقوب علماً وعطاءً وأخلاقاً وقيماً لن ينتهي وهو يجعلنا نحلق في عالم المثاليات.. لكن حال الأطباء الكبار لدينا يعود بنا إلي أرض الواقع ليصدمنا بأطباء كبار لا يقدمون علمهم وخبرتهم إلا لمن يستطيع دفع الأرقام الفلكية سواء للكشف أو الجراحات.. وتتضافر معهم مستشفيات أطلقوا عليها استثمارية ترفع شعار الربح أولاً وأخيراً.. وتشجعهم دولة تركتهم يفعلون ما يريدون بعد أن غابت الضوابط وغاب دورها في تقديم خدمة بديلة. أعلم أن التعميم خطأ وأن لدينا بالفعل أطباء كباراً يقدمون العامل الإنساني علي المادي وهم جديرون بالاحترام لكنهم قلة مقارنة بغالبية من المرضي غير قادرة وتنتظر من يحنو عليها.. فهل يجد كلام الدكتور مجدي يعقوب صدي لدي كبار الأطباء نري من بينهم من يكرر تجربته بتقديم الخدمة مجاناً خاصة أنهم كونوا الثروات الطائلة علي صوت أنين المرضي؟.. وهل يأتي يوم تكون فيه علاقة الطبيب بالمريض لا تعتمد علي الدواء فقط بل علي تفهم حالته النفسية والمادية كما قال الفارس ملك القلوب مجدي يعقوب؟