باعتراف د. حسين عيسي رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب فإن الضرائب في مصر تشبه الهرم المقلوب.. حيث تحصل الدولة علي 90% من الضرائب من الموظفين.. في حين تحصل علي 10% فقط من الشركات.. ولذلك فإن الرجل يطالب في الحوار المنشور معه في "أخبار اليوم" السبت الماضي بضرورة تطوير الإدارة الضريبية وتوسيع قاعدة المجتمع الضريبي وإعادة النظر في أسعار الضرائب. هذا كلام جيد.. ويعني ضمن ما يعني أن هناك ظلما ضريبيا علي الموظفين في الأرض.. الذين يلتزمون بدفع الضرائب قاطبة بصورة منتظمة.. ومن المنبع.. يدفعون ضرائب عديدة في كل ما يتعاملون معه ماديا.. ابتداء من ضريبة الدخل "المرتب" وانتهاء بضريبة المبيعات علي كيلو السكر وزجاجة الزيت.. في حين أن هناك شركات ومستثمرين يتمتعون بإعفاءات ضريبية تحت زعم - أو وهم - تشجيع الاستثمار.. وقد صارت معروفة للجميع الطرق التي يتلاعب بها أصحاب الشركات بسحب استثماراتهم أو فض شركاتهم عقب انتهاء فترة الإعفاء الضريبي ثم تسجيلها بأسماء شركات جديدة للحصول علي إعفاء ضريبي جديد والتهرب من أي ضرائب.. وهكذا دواليك. وكنت قد نقلت في هذه الزاوية يوم الخميس الماضي تحت عنوان "من يدفع الثمن" شهادة الدكتور حازم الببلاوي رئيس الوزراء الأسبق وأحد الأسماء اللامعة في عالم المال والاقتصاد التي قال فيها إن الضرائب في مصر لا يتعدي حجمها 15% من إجمالي الناتج القومي.. بينما في أي دولة يبلغ في المتوسط 35%.. وهناك 20% من حق الدولة الشعب لا يدفعها.. وللأسف الشعب الغني. وهذه الشهادة تعني - أيضا - أن الشعب الغني هو الذي يتهرب من دفع الضرائب والجمارك وغير ذلك من حق الدولة الضائع. والسؤال الآن.. هل يجوز بعد هذه الحقائق الواضحة أن تفرض الدولة علي المواطنين الغلابة مزيدا من الضرائب باسم ضريبة القيمة المضافة؟! عندما سئل د. حسين عيسي رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب.. من وجهة نظرك هل تري أن قانون ضريبة القيمة المضافة سيلقي بأعباء مالية جديدة علي المواطن جاءت إجابته علي النحو التالي: "في جميع دول العالم المتقدم يتم البدء بتطبيق ضريبة المبيعات ثم ضريبة القيمة المضافة.. وذلك لأن في ضريبة المبيعات المستهلك النهائي فقط هو من يدفع الضريبة.. أما في ضريبة القيمة المضافة يتم الدفع مع كل مرحلة إنتاجية.. وعند مناقشة القانون في اللجنة ستقوم بحساب قيمة تلك الضريبة ودراسة مدي العبء المضاف والآثار المترتبة عليه بهدف عدم تحميل المواطن بأي أعباء إضافية". والمفهوم من هذا الكلام أن اللجنة ستوافق.. ومن ثم مجلس النواب سيوافق علي قانون الضريبة الجديدة.. جريا علي النهج الذي اتخذه المجلس في مهاجمة الحكومة وفي النهاية منحها ثقته.. سوف ينتقد المجلس الضريبة ويطالب باتخاذ الإجراءات الكفيلة بعدم تحميل المواطن أي أعباء ضريبية إضافية.. وسوف يوافق عليها في النهاية وهو يعلم علم اليقين أنها تحمل أعباء إضافية للمواطن.. لأن الحكومة ستلتقط أنفاسها وتستريح بمجرد أخذ الموافقة.. والتجار بطبيعة الحال لن يتحملوا شيئا من قيمة هذه الضريبة.. وسيضعون كل الأعباء والزيادات الإضافية علي السعر النهائي للمنتج وبالتالي تكون الأعباء كلها علي عاتق المستهلك الذي هو الشعب.. المواطن المطحون. نفس السيناريو الذي اتبعته الحكومة في إقرار ضريبة المبيعات.. هل تذكرون؟!.. كانت الحكومة تتحدث عن ضرورة حصول المواطن علي الفاتورة والتأكد من رصد الضريبة.. والآن لا أحد ينظر إلي الفاتورة أو غيرها.. البائع هو الذي يتحكم في السعر بلا أدني رقابة حكومية.. والمواطن يدفع صاغرا. لمن نشكو.. وبمن نستغيث من ظل الضرائب وحكومة الضرائب. يا ناس.. لقد جف الضرع.. ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.