أثار مشروع قانون القيمة الضريبية المضافة "ضريبة المبيعات" المعروض حالياً علي مجلس النواب لمناقشته ردود فعل وجدلا في الشارع المصري، ورغم تأجيل القانون عدة مرات إلا أن الظروف الاقتصادية التي تمر بها مصر والعجز في الميزانية العامة للدولة تحتم وضع خطوات إصلاحية حتي لو كانت خانقة وتثير ردود الفعل، فالقانون الجديد امتداد لقانون الضريبة العامة علي المبيعات، وهو تطور طبيعي للضرائب غير المباشرة مع إجراء بعض التعديلات التي من شأنها الصعود بالعدالة الضريبية إلي مستوي غير مسبوق لم يتحقق في قانون ضريبة المبيعات الحالي. وبحسب الخبراء فإن المحصلات المتوقعة من تطبيق القانون الجديد ستضيف إلي الخزينة العامة للدولة ما يقدر بنحو 31 مليار جنيه، إضافة إلي أنه يرفع العبء الضريبي عن كاهل آلاف الأسر المسجلة مما يؤدي إلي رفع مد التسجيل إلي نحو500 ألف جنيه وهو ما يجهله الكثيرون، ناهيك عن أن القانون سيتيح ضم بعض الفئات التي دأبت علي التهرب من دفع الضرائب أمثال أصحاب المهن الحرة والتجار والذين تضخمت ثرواتهم دون حساب ضريبي ويحصلون علي بعض الخدمات التي يتحملها التجار والعاملون وأصحاب بعض المهن الحرة الملتزمون بدفع ضرائبهم.. وانقسم الخبراء حول القانون الجديد إلي فريقين أحدهما يري وجود بعض المعوقات والسلبيات التي تحتاج إلي حلول قبل التطبيق الفعلي للقانون لأنه بحسب رأيهم إذا طبق القانون سيؤدي إلي ارتفاع معدل التضخم مما يؤدي إلي تفاقمه، وفريق آخر يري وجود عيوب في قانون ضريبة المبيعات وأن تطبيق قانون القيمة المضافة سيقضي علي هذه العيوب والمشاكل ويؤدي إلي استقرار المجتمع الضريبي. تشديد العقوبة يقول عبدالمنعم مطر رئيس مصلحة الضرائب إن قانون القيمة المضافة ينص علي تشديد العقوبة في حال عدم إصدار الفواتير للسلع لتصل إلي مثل قيمة البضاعة المضبوطة بدون فواتير، إضافة إلي وجود حوافز سوف تقدمها الحكومة لتشجيع المواطنين علي التعامل بالفواتير منها خصم نحو 5% من قيمة الضرائب المسددة علي المشتريات ونحو15 % للخدمات شريطة تقديم فواتير ضريبية بهذه المشتريات، ناهيك عن السحب الشهري الذي سيكون علي فواتير الشراء بحوافز تصل إلي 5 ملايين جنية سنوياً، لافتاً إلي أن الحكومة لن تسمح برفع أسعار السلع والخدمات بأكثر من المحدد وأن الآثار التضخمية للتطبيق والتي تتراوح بين 1 إلي 5.2% في المستوي العام للأسعار. وأوضح أن الدراسات التي قامت بها وزارة المالية أثبتت أن أفقر10% من السكان الذين يصل متوسط الإنفاق الشهري لهم إلي 1207 جنيهات لن يتحملوا أي زيادات سعرية تتجاوز ال6 جنيهات فقط في الشهر، مشيراً إلي أن معظم إنفاق هذه الشريحة يركز علي الأطعمة والمشروبات الأساسية ومن هنا لن يكون هناك أي تأثير بشكل كبير خصوصاً أن الكثير من السلع الأساسية لن يحدث لها تحريك للضريبة، لافتاً إلي أنه من المتوقع أن تصل الحصيلة عند تطبيق قانون القيمة المضافة إلي نحو 31 مليار جنيه سنوياً أعباء إضافية. يضيف رئيس مصلحة الضرائب أن السلع التي يتم إعفاؤها من الضريبة تشمل السكر والشاي وزيت الطعام والمسلي والمكرونة وبالتالي فبنود القانون تتجنب وضع أعباء إضافية علي المواطنين، حيث ستقوم الحكومة بخفض تكلفة السلع نتيجة السماح بخصم الضريبة علي الخدمات المؤداة علي السلع، الأمر الذي يؤدي إلي خفض وعاء الممول الضريبي، لافتاً إلي أنه تم الاستقرار علي تطبيق حد تسجيل للممولين بالضريبة علي القيمة المضافة بواقع 500 ألف جنيه، وقد توصل لهذا المبلغ بعد إجراء العديد من الدراسات والتي أكدت أن المبلغ الحالي لحد التسجيل 54 ألف جنيه يعادله حاليا مبلغ 560 ألف جنيه وبالتالي فقد تم الاستقرار علي حد تسجيل نصف مليون جنيه وهذا الحد لا يعني خروج قطاع كبير من الضريبة حيث سيتم فرض نسبة ال3% كنسبة ضريبية فوق السعر العام في حال بيع المسجل بفاتورة نقداً أو غير مكتملة البيانات أو ليس مسجلاً بحيث تغطي النسبة مراحل وصول السلعة للمستهلك؛ وذلك ضماناً لتنظيم السوق وعدم وجود منافسة بين المسجلين وغير المسجلين. ويشير عبدالمنعم مطر إلي وجود حوافز ستقدمها مصلحة الضرائب للملتزمين بالتعامل بالفاتورة الضريبية، بحيث من يرغب التقدم من أصحاب المهن بفواتير عن تعاملاته سيحصل علي خصم 15% من الضريبة المستحقة عليه ومن يقوم من المواطنين بتقديم فواتير مشترياته من السلع يحصل علي نسبة 5% كخصم من الضريبة، أما من يمتنع عن التعامل بالفواتير سيطبق عليه القانون وقد تم التنسيق مع جهاز حماية المستهلك ومباحث التموين للإبلاغ عن الممتنع والمتهرب، ومن هنا نلاحظ أن القانون الجديد قد نص علي تغليظ العقوبة علي المتهرب من الضريبة حيث يتم رفع الغرامة لتتراوح ما بين ألف جنيه و5 آلاف جنيه بدلاً من مائة جنيه المعمول بها حالياً. الممول والمستهلك ويري الدكتور سعيد عبدالمنعم أحد المشاركين في صياغة مشروع القيمة المضافة وأستاذ الضرائب بجامعة عين شمس، أن قانون القيمة المضافة امتداد لقانون الضريبة العامة علي المبيعات مع إجراء بعض التعديلات وسد الثغرات الموجودة، فقانون القيمة المضافة راعي مصالح الممول والمستهلك وأيضاً الحكومة، ومن هنا فالقانون تطوير وتحسين للقانون الحالي، حيث ينص علي فرض ضريبة علي الفارق بين مبيعات المنشأة ومشترياتها لافتا إلي أن ضريبة المبيعات تطبق علي نحو 22 خدمة يستفيد منها المستهلك لكن القيمة المضافة سيتم تطبيقها علي معظم الخدمات مع السماح بخصم الضريبة التي تدفعها كل منشأة علي عوائدها وأرباحها التجارية في كل مرحلة من مراحلها المختلفة مع الوضع في الاعتبار وجود بعض الخدمات ستظل تتمتع بالإعفاءات من تطبيق القيمة المضافة كالأنشطة الخدمية التي تقدم منها أعمال البنوك وشركات التأمين ناهيك عن الاتجاه لإعفاء أصحاب المهن المختلفة وعلي رأس هذه المهن الأطباء، حيث سيتم إعفاؤهم من تطبيق القيمة المضافة بعد موافقة مجلس النواب علي مشروع القانون. ويوضح أن السلع التي تتمتع بالإعفاء هي الخدمات والسلع الوسيطة والرأسمالية إضافة إلي المعدات والسلع التي يستفيد منها بعض فئات الشعب من محدودي الدخل، وهذه السلع سيحددها القانون فضلاً عن بعض الأدوية، سواء كانت محلية أو مستوردة، ستدخل أيضاً ضمن السلع المعفاة من القيمة، ومن هنا نلاحظ أن مشروع القيمة المضافة سيساهم في تخفيف العبء عن المستهلك، حيث نجد أن المصلحة كانت تقوم بخصم الضريبة التي يدفعها الممول والتي كانت تجبر وتلزم المستهلك بدفعها من غير اقتطاع قيمتها من التكلفة الكلية، مشيراً إلي أن مشروع القيمة المضافة ليس الغرض منه إضافة أعباء جديدة علي الوسط الصناعي والتجاري، لكن المقصود منها تصحيح للأوضاع الخاطئة الناجمة عن تطبيق قانون الضريبة علي المبيعات.. وتابع سعيد أن ضريبة المبيعات استثنت الصناع والتجار الذين لا يزيد حجم تعاملاتهم المالية من 150 إلي 450 ألف جنيه سنوياً من التسجيل في هذه الضريبة لكن مشروع قانون القيمة المضافة رفع الاستثناء إلي نصف مليون جنيه وأحيانا إلي مليون جنيه في السنة والهدف من هذا حماية المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر التي تشجعها الحكومة حيث تم إضافة بند في مشروع قانون القيمة المضافة علي حرية هذه المنشآت في التسجيل ومنحها الحرية في الاختيار في التسجيل للاستفادة بمميزات الخصم للضريبة علي المشتريات والمبيعات ومن هنا فالأعباء التي من المفترض أن تضيفها القيمة المضافة لن تزيد علي 1%. وأشار إلي أن الضريبة علي الدخل لابد من ارتباطها بالقيمة المضافة، وهذا سيؤدي إلي وضع حد للعمليات التقديرية الجزافية، والتي كانت تسود أعمال العاملين في الضرائب، حيث نلاحظ توحيد الربط بين الضريبتين وهذا سيكون في صالح الممول والحكومة إضافة إلي أنه سيسمح بخصم ضريبة القيمة المضافة من ضريبة الدخل لافتاً إلي أن مشاكل التطبيق في قوانين الضرائب كانت تحرم الدولة من تحصيل الضرائب علي المواطنين إضافة إلي عدم وجود تعاون من قبل الممولين وتهريب بعضهم من سداد الضريبة واحترامهم للقوانين.. ويطالب عبدالمنعم الحكومة بوضع حوافز تشجيع للمتعاملين علي التسجيل ومنحهم إعفاءات لمدة ولتكن 5 سنوات لكي يتم حصرهم وإدخالهم في المنظومة الضريبية الجديدة. من جهته، أكد حسين عبدالعزيز رئيس الاتحاد المصري للتشييد والبناء، وجود رفض من الاتحادات العاملة بالسوق لقانون القيمة المضافة وهذا الرفض ناتج عن أسباب منها أن النسبة التي حددتها وزارة المالية تصل إلي 6% وهذه النسبة مرتفعة وقد طالبنا وزير المالية هاني قدري دميان بخفض النسبة إلي 4% بدلاً من 6، أيضاً طالبنا بإعفاء 25% من قيمة المشروع من الفواتير في مقابل الموافقة علي القانون، خاصة مع وجود العديد من المقاولين يقومون بشراء منتجاتهم بدون فواتير، مشيراً إلي أن وزير المالية رفض مطالبنا واقتراحاتنا حول القيمة المضافة وهو ما جعلنا نرفض القانون. ويري محمد الغمراوي خبير ضريبة الأرباح التجارية، أن قانون القيمة المضافة إذا طبق سيكون له تأثير كبير خاصة فيما يتعلق بارتفاع الأسعار لبعض السلع كالخدمات، إضافة إلي ارتفاع سعر العملة- الدولار- فأي زيادة في سعر العملة سيؤدي إلي تأثير مزدوج باعتبار أن التجار يحاولون الحفاظ علي هامش ربح وبالتالي يقوم بزيادة الأسعار، لذلك أري أن التوقيت في الانتقال للعمل بضريبة القيمة المضافة غير مناسب.. ويوضح أن استراتيجية التعامل الضريبي تتطلب تخفيض الضريبة وتغليظ عقوبة التهرب الضريبي، وبالتالي تكون عقوبة التهرب كبيرة، لافتاً إلي أنه كان من الأولي طرح مشروع قانون القيمة المضافة للحوار المجتمعي، يشارك فيه الخبراء وأساتذة الجامعات، لكن ما حدث أن مصلحة الضرائب اكتفت بشرح ملامح القانون دون الخوض في تفاصيل بنوده، لافتاً إلي أن إجراء أي تعديل ضريبي يدخل فيه الشق الاقتصادي وأحيانا الشق السياسي، ومن هنا أري أن الغرض من قانون القيمة المضافة زيادة الحصيلة التي سيتحملها المواطنون وتأخذ من جيوبهم.